ما يزال نهج الحكومة تجاه القروض في 2019 وقبلها هو المسيطر على الإستراتيجية المالية لإدارة وتنفيذ المشاريع المختلفة في أغلب القطاعات، وعلى رأسها الموازنة المالية، وهو النهج الذي كشف عنه وزير المالية، محمد معيط، في مارس الماضي، بـ”الاستدانة لسداد الديون”.
وبالتزامن مع ارتفاع مقدار القروض في 2019، انخفضت استثمارات الأجانب في أغلب الأصعدة، فقد أعلن البنك المركزي المصري، خلال ديسمبر، انخفاض استثمارات الأجانب في أذون الخزانة الحكومية بالعملة المحلية بنحو 166 مليون دولار “عند تقييمها بالدولار”، خلال شهر أكتوبر الماضي.
استثمارات قليلة
وأوضح البنك المركزي، في التقرير الشهري عن نوفمبر، أن استثمارات الأجانب في أذون الخزانة سجلت 14.958 مليار دولار “نحو 242.2 مليار جنيه” بنهاية أكتوبر الماضي، مقابل 15.124 مليار دولار “نحو 246.8 مليار جنيه” في نهاية سبتمبر الماضي، ليكون هذا تراجعها الثاني خلال 2019، بعد تراجع أغسطس.
يأتي هذا رغم تخفيض البنك المركزي، في 14 نوفمبر الماضي، أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك، لتصل إلى مستوى 12.25% للإيداع، و13.25% للإقراض، لتصل إلى مستوى قريب من قبل تحرير سعر الصرف.
وفي سياق متصل، كشفت وكالة رويترز، في تقرير لها، أن أسهم البورصة المصرية فقدت في الفترة الأخيرة الكثير من جاذبيتها لدى المستثمرين، رغم رخصها مقارنة بغيرها، مرجحة أن يكون السبب الشح الشديد في السيولة، وغياب الطروحات الحكومية الموعودة.
فمنذ بداية العام، سجل الأجانب صافي بيع بنحو 20173 مليون جنيه، وسجل العرب صافي بيع بنحو 1086 مليون جنيه، على الأسهم المقيدة بعد استبعاد الصفقات، وتراجع رأس مال البورصة من نحو 825 مليار جنيه في 2017، إلى 750 مليارا العام الماضي، ثم 705 مليارات جنيه منذ بداية العام الحالي.
الهروب الكبير
ليس الأجانب فقط من حوّلوا استثماراتهم إلى الخارج، ففي 22 سبتمبر الماضي، تراجعت مؤشرات البورصة كافة، بضغوط مبيعات المتعاملين المصريين والعرب، وخسر رأس المال السوقي نحو 35.7 مليار جنيه، ليصل إلى مستوى 702.302 مليار جنيه.
وعلق مصطفى نور الدين، خبير أسواق المال، قائلا: “المصريون متخوفون من أحداث سياسية قادمة، وبالتالي دخلوا في موجة عنيفة من البيع”.
وبالعودة إلى الأجانب، أعلن البنك المركزي، أول فبراير الماضي، خروج استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي 2018-2019 بقيمة 7.749 مليارات دولار، وهو الرقم الأعلى في هذا المجال خلال السنوات المالية السبع الأخيرة.
وقال البنك المركزي: “إن هذا الرقم يزيد على الفترة نفسها من العام الماضي بنحو 2.305 مليار دولار، إذ كان 5.444 مليارات دولار بالعام المالي السابق، كما بلغ أقصى تصاعد لخروج الاستثمارات خلال الربع الثاني من العام الحالي بنحو 2.156 مليار دولار، مقابل 1.220 مليار بالربع نفسه من العام الماضي”.
الديون في أرقام
يتزامن ذلك مع ارتفاع إجمالي الدين الخارجي الحكومي، في 30 يونيو الماضي، بنحو 109 مليارات دولار، بنسبة 33.8% من الناتج المحلي الإجمالي، فيما بلغت تلك النسبة في 30 يونيو 2017 نحو 37%، وفقا لتصريحات أحمد كجوك، نائب وزير المالية، 12 ديسمبر الجاري.
وقبل أن يرتفع الدين الخارجي إلى هذا المستوى الصادم ضمن القروض في 2019، كشف البنك المركزي، منتصف أغسطس الماضي، زيادة الدين الخارجي 29.6 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2018 حتى مارس 2019، ليصل إلى 106.22 مليارات دولار.
وأوضح البنك أن أبرز مالكي هذه الديون هم: 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، و4 مليارات دولار سندات، و2.9 مليار دولار تسهيلات موردين ومشترين، و13.6 مليار دولار من دول مجموعة نادي باريس.
وكشف “المركزي” أن القروض استحوذت على الحصة الأكبر من الدين الخارجي لمصر، على النحو التالي:
- القروض: 60.7 مليار دولار.
- الودائع: بنحو 21.46 مليار دولار.
- أوراق الدين: بنحو 18.3 مليار دولار.
- تسهيلات الموردين: نحو 4.6 مليارات دولار.
- حقوق السحب الخاصة: 1.247 مليار دولار.
قيود لسنوات
وفوق ذلك، أعلن البنك المركزي، في 11 ديسمبر، إصدار مصر سندات خارجية بأكثر من 20 مليار دولار وصلت مدتها إلى 40 سنة، ما يبرز حجم الزمن الذي ستمكث فيه البلاد تحت وطأة الديون مهما تعاقب عليها المسئولون، فضلا عن تخطيطها إصدار سندات خارجية بين 3 و7 مليارات دولار فيما تبقى من العام المالي الجاري.
وفي البيانات الصادرة عن الموازنة العامة للعام المالي الجاري، فقد ارتفعت فوائد القروض المحلية والأجنبية خلال العام بمقدار 160.3 مليار جنيه، بنسبة 42%، لتبلغ نحو 541.3 مليار جنيه، مقابل 380.9 مليار جنيه عن العام الماضي.
وفي سياق تزايد القروض في 2019، فقد ارتفع إجمالي الدين العام المحلي إلى 4.204 تريليونات جنيه، بنهاية مارس الماضي، بحسب البنك المركزي 11 سبتمبر الماضي، وهذا يعني أن ما اقترضته مصر من يونيو 2014 إلى وقت صدور البيانات، قد تجاوز قروض مصر مجتمعة طيلة الخمسين عاما الأخيرة، إذ كانت تبلغ منتصف 2014 نحو 1.7 تريليون جنيه، وفي 2011 نحو 1.044 تريليون جنيه.
مشروعات جديدة
ورغم صياغة وزارة المالية، في يناير الماضي، إستراتيجية بشأن الدين العام، إلا أن القروض في 2019 تزايدت بشكل غير مسبوق، التي اختص جزء منها بإنشاء وتطوير مشروعات، على النحو التالي:
- ديسمبر: 290 مليون يورو من البنك الأوروبي لشراء 100 جرار للسكة الحديد.
- مارس: قرضان بـ278.2 مليون يورو لدعم الميزانية.
- نوفمبر: مليار جنيه من البنك الأوروبي، لمواصلة بناء المدن.
- يوليو: آخر شريحة من 12 مليار دولار قرض صندوق النقد الدولي، أغلبها لبرنامج “الإصلاح الاقتصادي”.
- فبراير: 213 مليون دولار، لشراء قمح الخبر المدعم.
- فبراير: 250 مليون دولار من ألمانيا، لدعم برنامج “الإصلاح الاقتصادي”.
بنما تجاوزت أبرز القروض في 2019 الخاصة فقط بالبنك الدولي نحو 4 مليارات دولار، لدعم برامج الحماية الاجتماعية، مثل: “تكافل وكرامة” وغيرها.
أضف تعليق