الرشوة في مصر 90 مليار.. هل تكفي القوانين؟

الرشوة
الرشوة في مصر

تطالعنا كل يوم أخبار جديدة عن قضايا رشوة متفرقة يجرى اكتشافها، كان آخرها القبض على رئيس حي الدقى وآخرين، وحبسهم بتهمة تلقي رشوة، وهو ما يشير إلى مستوى فساد كبير في مختلف أجهزة الدولة.

وتفتح تلك القضايا الحديث حول أبرز قضايا الرشوة والفساد في مصر، وحجم الرشوة في مصر ، التي أشار إليها أحد الاقتصاديين بالمقارنة بالتقارير الدولية، أنها لا تقل عن 90 مليار دولار سنويا.

وتسعى الدولة من خلال القوانين والتشريعات في سد هذا الباب من أبواب الفساد ومقاومة خطر الرشوة وفقا لمواد الدستور وتعديلات مجلس النواب على قانون الرقابة الإدارية.

رئيس حي الدقي

وتعد قضية رئيس حي الدقي آخر قضايا الفساد التي تناقلتها وسائل الإعلام، إذ استطاعت الرقابة الإدارية إلقاء القبض على رئيس حي الدقي، وصاحبي شركة مقاولات، ومحام وسيط، بعد طلب وتقاضي رئيس الحي مبلغ 250 ألف جنيه، ووحدة سكنية قيمتها 2 مليون جنيه من مالكي العقار مقابل تغاضيه عن مخالفات لهم.

وأحالت النيابة رئيس حي الدقي والمتهمين الثلاث لمحكمة الجنايات على خلفية التهم.

قضايا سابقة

سبق تلك القضية عدد كبير من القضايا التي تورط فيها عدد من المسئولين على اختلاف مناصبهم، وأبرز تلك القضايا:

  • القبض على صلاح هلال في سبتمبر 2015، وزير الزراعة المصري حينها، بعد اتهامه بتلقي رشوة لتسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة، بالتورط مع مسئولين كبار، في القضية المعروفة إعلاميا بقضية “الفساد الكبرى بوزارة الزراعة”.
  • وفي مايو 2016 ألقي القبض على مستشار وزير الصحة، لتلقيه رشوة قيمتها خمسة ملايين جنيه.
  • وفي سبتمبر من نفس العام قُبِضَ على المهندس يحيى الفخراني، رئيس جمعية مكافحة الفساد، بتقاضي رشوة بقيمة 3.5 ملايين جنيه.
  • كما قامت الرقابة الإدارية في مايو 2018 بالقبض على أربع مسئولين كبار بوزارة التموين، لتقاضيهم رشاوى مالية تجاوزت المليوني جنيه.
  • وفي يوليو من نفس العام قُبِضَ على رئيس مصلحة الجمارك، بسبب تهم تتعلق بالرشاوى.
  • وفي أغسطس أيضا قُبض على رئيس حي الهرم، بتهم رشاوى تزيد عن المليوني جنيه.

ولم تقتصر القضايا على مسئولي الأحياء والوزراء والمحافظين، بل وصلت حتى للقضاة:

  • ففي 2016 استطاعت هيئة الرقابة الإدارية القبض على قاض بأحد الكافيهات أثناء تقاضيه 650 ألف جنيه رشوة، لإصدار حكم ببراءة أحد المتهمين بجلب أقراص الترامادول المخدرة من الخارج، وتهريبها داخل البلاد.
  • وتكرر الأمر في أبريل الماضي، إذ كشفت نيابة الأموال العامة بشرق القاهرة تورّط أحد أعضاء الهيئات القضائية في تقديم رشوة بقيمة 100 ألف جنيه لمأمور جمارك بمطار القاهرة الدولي، لتسهيل تهريب كميات كبيرة من الأدوية ومستحضرات التجميل.

إحصائيات

على الرغم من غياب الإحصائيات الرسمية التي تكشف حجم بند واحد من بنود الفساد، وهو الرشوة، إلا أننا يمكن أن نتوقع حجم هذه الظاهرة من تقارير دولية أو أرقام محلية تصدر من وقت لآخر.

إذ أشار الصحفي الاقتصادي حسين معوض إلى أن كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولي، قالت: “إن التكلفة السنوية للرشوة على مستوى العالم بـ 1.5 إلى 2 تريليون دولار، وهو ما يعادل حسب تصريحات لاجارد 2 % من الناتج المحلي العالمي.

وأضاف في مقال له، نشره في يوليو الماضي بعنوان “الرشوة 90 مليار”: “أنه لا توجد أرقام معلنة لتكلفة الرشوة” مضيفا: “في تلك الظروف نعتمد النسبة العالمية على اعتبار أننا لسنا أفضل من العالم ولا أسوأ منه.. وهذه النظرية تقول أن المرتشين يتقاضون 2 % من الناتج المحلي الذي هو 265 مليار دولار، أي: يتقاضون 5.3 مليار دولار ما يساوي 90 مليار جنيه سنويا”.

وتابع: “أننا نتحدث عن باب من أبواب الفساد وهو الرشوة” مشيرا إلى موقع مصر من مؤشر مدركات الفساد الذي يعلن سنويّا من قِبَل منظمة الشفافية الدولية، إذ حققت مصر في هذا المؤشر 32 نقطة، متراجعة عن العام الماضي بنقطتين، لافتا إلى أن هذا المؤشر من 100 نقطة، وكلما اقتربت من المائة يكون ترتيبك أفضل”.

واعتبر معوض أن مصر تعد في منتصف الجدول، لصعوبة تحقيق أي دولة نسبة تتخطى الـ70 نقطة في هذا المؤشر، ورد على المشككين في أرقام منظمة الشفافية الدولية التي وضعت مصر في الترتيب الـ 117 بين 180 دولة العام الماضي، أنه لا ينكر مسئول أو مواطن أن الفساد في مصر ظاهرة مستمرة، ومواجهته تستوجب دفع ضريبة المواجهة”.

جهود حكومية

على الرغم من الأرقام المفزعة، والقضايا التي تكشف تغوّل جانب واحد من جوانب الفساد في مختلف الهيئات بالدولة إلا أن الوعود الحكومية والقوانين التي تُصاغ ما زالت تبشر بالقضاء على الفساد.

وقام المشرّعون في دستور 2014 بإفراد القوانين (من 215 وحتى 220) للحديث حول الجهات الرقابية ودورها، وألزم بضرورة وجود تعديلات تشريعية بما يتماشى مع هذه النصوص على قوانين الأجهزة الرقابية التي تكافح الفساد.

ولم تقتصر القوانين المحاربة للفساد على دستور 2014، ولكن في ديسمبر 2017 وافق مجلس النواب على تعديلات قانون هيئة الرقابة الإدارية، وصدّق الرئيس السيسي عليها، وهي التعديلات الأكبر منذ صدور قانون الهيئة عام 1964، ونصت التعديلات للمرة الأولى على أهداف الهيئة، وذكرت أنها تهدف إلى منع الفساد، ومكافحته بكافة صوره، واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *