انتحار وفساد.. لماذا حدائق الحيوان بمصر خارج التصنيف؟

انتحار وفساد.. لماذا حدائق حيوان مصر خارج التصنيف؟
حديقة حيوان الجيزة

تعد حدائق الحيوان في مصر أحد أهم وأقدم الحدائق على مستوى منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية بأكملها، إذ احتوت عند إنشائها على مئات الأنواع من الحيوانات، والعديد من السلالات النادرة والطيور المميزة، التي تم جمعها من مختلف دول العالم.

تلك الصورة أصبحت مغايرة تماما، وأضحى هناك حدائق تشمل على “ثلاثة قرود وسبعة نسانيس” هم حصيلتها، كما في حديقة حيوان أسيوط، التي يعود إنشاؤها إلى 50 عاما، ولم يطلها التطوير، ولو مرة واحدة حتى الآن.

وتعاني حدائق حيوان مصر خصوصا التي توحد في الأقاليم الإهمال والفساد، فضلا عن تردّي الأوضاع البيئية والأمنية، ما يطرح سؤالا، هو هل يمكن لهذه الحدائق أن تعود للتصنيف العالمي التي خرجت منه؟

فساد وإهمال

“جوهرة التاج لحدائق الحيوان في إفريقيا” هذا ما عرفت به حديقة الحيوان بالجيزة، التي تأسّست سنة 1891 م، وهي أول وأعرق حدائق الحيوانات في إفريقيا والشرق الأوسط، وكانت مصنّفة الثانية عالميا، إلا أن خروجها من التصنيف لتراجع عدد زوار الحديقة، ووقائع الفساد، التي كان من أشهرها استبدال حجرة نوم مخصصة للملك فاروق بالحديقة، وعرضها للبيع في أحد المزادات العالمية.

أما حديقة حيوانات النزهة بالإسكندرية، فأصبحت مأوى للباعة الجائلين والقطط والكلاب الضالة، فضلا عن انتشارالروائح الكريهة، نتيجة تراكم القمامة بكل أرجائها والحمامات غير الآدمية، كما تفتقر لوجود معظم  الحيوانات.

وحديقة حيوانات المنصورة التي كانت واحة طبيعية مليئة بالنمور، والنعام، والجمال ذي السنامين، والنسانيس، والقرود، والطاووس، والغزال، والأوز الصيني، وعصافير الزينة، وأحواض السمك، هي الآن شِبه خالية، ولا يوجد بها سوى طاووس واحد ونسانيس فقط، وفي أماكن لا تصلح لمعيشتهم.

كارثة بيئية وهروب

رغم أنها تقع خلف فيلا مدير الأمن، ويقدّر ثمنها بأكثر من 2 مليار جنيه، فإن حديقة حيوان طنطا -التي تسمّى الأندلس- تدهورت مرافقها ومبانيها الإدارية، إلى جانب سوء حالة دورات المياه التي أصبحت غير صالحة للاستخدام الآدمي، وتعرضها إلى العديد من التجاوزات والمخالفات، بالإضافة إلى عدم خضوع الحيوانات الموجودة بها للإشراف الطبي، وهو ما يهدّد بحدوث كارثة بيئية ووبائية.

أما حديقة حيوان الزقازيق، فقد هجرها الزوار بعد أن غرقت في مياه “المجاري”، ما يهدّد حياة الحيوانات، وفي حاجة إلى سيارات كسح من قِبَل شركة مياه الشرب، والصرف الصحي، وصيانة بالوعات الصرف.

وفي كفرالشيخ تعاني الحديقة من نقص شديد في الحيوانات، وأغلق بيت الزواحف والثعابين منذ خمس سنوات، ولم يتم افتتاحه مرة ثانية حتى الآن، كما شهدت الحديقة واقعة هروب أسد إلى الشارع قبل أعوام.

انتقادات دولية

تدهور أحوال حدائق الحيوان في مصر لفت أنظار المهتمن في العالم، فقبل عام تقريبا انتقدت مجلة إيكونوميست البريطانية أوضاع الحيوانات بالحدائق المصرية، وعلى رأسها حديقتي الجيزة والاسكندرية، مشيرة إلى حادث انتحار زرافة عمرها ثلاث سنوات في عام 2013، في حديقة حيوانات الجيزة، بعد أن تعرضت لمضايقات من زوار الحديقة.

وحينها نفى المسؤولون قصة المضايقات، وقالوا: “إن الزرافة الصغيرة شنقت نفسها دون عمد، بعدما تشابك جسدها بالسياج الحديديي” إلا أن البيطريين أكّدوا أن الوضع المُزري لحدائق الحيوان بمصر، لا يجعل النزعات الانتحارية بعيدة التصور.

ولفتت المجلة إلى أن العديد من حظائر الحدائق المسيّجة لم يطرأ عليها تطوير منذ عقود، وأن الأسود مثلا تجلس في أقفاص تعود للعصر الفيكتوري، إذ يوجد مساحة قليلة للتجوّل، ويتقاضى حراس الحديقة أجورا ضئيلة، ويسمح للزوار بحمل الأشبال مقابل رسوم رمزية، الأمر الذي أدّى في النهاية لخروج هذه الحدائق من التصنيف العالمي.

من جانبه، رأى رشاد رحيم، مدير عام حدائق الحيوان بالجيزة، أن سبب خروج الحديقة من التصنيف الدولي هو عدم دفع رسوم الاشتراك منذ عام 2000، مشيرا إلى أنه تم انتهاز الفرصة لإسقاط الحديقة من التصنيف.

وأوضح أن هناك 122 شرطا، للعودة إلى التصنيف الدولى مرة أخرى، تم تنفيذ أكثر من 100 طلب، مضيفا أنه لكي تعود للتصنيف ينبغي رفع سعر التذكرة، وهو ما تم لاحقا، إذ رفعت وزارة الزراعة سعر التذاكر من 50 قرشا إلى خمسة جنيهات.

خصخصة الحدائق

رأت النائبة لميس جابر أن الحل الوحيد هو خصخصة حدائق الحيوان، وبيعها لشركات قطاع خاص لإدارتها.

فيما استنكر عامر الحناوي، عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، فكرة الخصخصة لخروج حديقة الحيوان بالجيزة من التصنيف العالمي، مطالبا الحكومة بضرورة بحث الأزمة، وإيجاد حلول جذرية، والعمل على إعادة الحديقة للتصنيف مرة أخرى، للحفاظ على سمعة مصر الخارجية.

ووصف مشروعات تطوير الحديقة خلال السنوات السابقة بالفاشلة، وآخرها الاتفاق الذي تمّ بين إدارة الحديقة وأحد البنوك، لوضع مخطط تطوير شامل للحفاظ على تراث حديقة الحيوان، لكن انتهى كل شيء وأصبح في طي النسيان، بعد أن عُقدت المؤتمرات، ووقعت البروتوكولات، وحصل البنك على الدعاية الكافية من وراء ترويج اسمه، ضمن أخبار تطوير حديقة الحيوان، وجهة البسطاء المفضّلة في المناسبات.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *