مع غياب الحمامات العامة.. أين يقضي المواطن حاجته؟

الحمامات العامة
الحمامات العامة

الحمامات العامة أصبحث من الخدمات التي تواجه الانقراض في الشوارع، حتى الموجود منها يعاني من الإهمال الشديد، بعدما رفعت كل الجهات المسؤولة يدها بالكامل عن تطويرها أو الإشراف على عمليات النظافة والتطهير.

مشكلات الحمامات العامة تتنوع، ففي أوقات كثيرة تكون بلا مياه أو أبواب أو شبابيك، كما يسيْطر على كثير منها الخارجين على القانون، وتحوّل عدد منها إلى أوكار لمدمني المخدرات، وأصبحت غير آمنة على المتردّدين عليها، خصوصا الفتيات والسيدات، بمجرد اقترابك منها تقف حائرا بين تلبية نداء الطبيعة، أو تنجو بنفسك من الأمراض والروائح.

كبار السن، والأطفال، والحوامل، ومرضى السكر، والسيدات بصفة عامة، أضحوا في مأزق حقيقي، فلم يعد أمامهم سوى اللجوء إلى المراكز التجارية والمقاهي، والمطاعم الفخمة، التي أحيانا ترفض في أحيان كثيرة أي غريب إلى حماماتها، وترفع شعار الحمامات للزبائن فقط.

فئة أخرى تلجأ إلى استخدام أسفل الكباري، وجانبي الطرق، والمنعطفات والأركان، كحمامات عامة، بعدما أثبتت الحمامات الشهيرة، التي انتشرت في الشوارع منذ أعوام بجنيه معدني، فشلها في الشارع.

صفرالمونديال

آثار غيال الحمامات العامة، لم تقتصر على المواطن، بل امتدت إلى التسبب في حصول مصر على “صفر المونديال”، عام 2004، بعد منافستها لدول المغرب وجنوب إفريقيا لاستضافة كأس العالم لعام 2010، حيث لم تحصل مصر على أي أصوات من قِبل الاتحاد الدولي للكرة “الفيفا”.

وكان من بين أسباب رفض الفيفا استضافة مصر كاس العالم لعام 2010، افتقار الدولة للحمامات العامة، إضافة إلى أن الموجود منها في حالة لا يمكن استخدامها آدميا.

وتضع اللجنة المنظّمة ضمن معاييرها أن يكون في محيط كل إستاد وعلى مسافة 50 كم منه ما لايقل عن 4 آلاف حمام عام، وهو الأمر الذي لم يتحقّق، وحصلت مصر على الصفر الشهير.

1304 حمام عام

كشف تقرير حديث صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن عدد الحمامات العامة الموجودة على مستوى الجمهورية، حيث يصل عددها إلى 1304 حمامات عامة في 27 محافظة، بينها 513 مخصصة للسيدات و791 للرجال، ويتركّز أكثرها في محافظة القاهرة، التي يوجد بها 224 حماما.

وبحسب التقرير تخلو محافظتي الإسكندرية وجنوب سيناء من الحمامات العامة، بجانب وجود حمامين فقط في عاصمة السياحة محافظة الأقصر، التي يتوافد عليها مئات السياح من مختلف الدول.

وبالرغم من ارتفاع الكثافة السكانية في محافظة الجيزة، إضافة إلى وجود مناطق أثرية بها، كمنطقة الأهرامات، وأبو الهول، ونزلة السمان وغيرها، إلا أنه لا يوجد بها سوى 13 حماما عاما فقط.

أما محافظات الوجه البحري، فقد جاءت الدقهلية بعد بورسعيد من حيث عدد الحمامات العامة بها، حيث تحتوي على 150 حماما، وبورسعيد تحظى بـ158 حماما، أما في المركز الأخير، فقد جاءت الشرقية بـ39 حماما عاما.

أما محافظات الوجه القبلي، فقد استحوذت كل من محافظتي المنيا وسوهاج على العدد الأكبر من الحمامات العامة، حيث وجد بكل منهما 66 حماما، وجاءت محافظة قنا الأقل بعد محافظة الأقصر، حيث يوجد بها ستة حمامات، والأقصر حمامين فقط.

مواد قاتلة ومسرطنة

قلة عدد الحمامات العامة، وضعف الاهتمام بها، أنتج العديد من السلبيات، حيث أكّد مؤسس المركز القومي للسموم بالقصر العيني في جامعة القاهرة، محمود عمرو، أن الدولة عليها دورا كبيرا، بداية من متابعة دورية وتنظيف للحمامات العامة، ثم بعد ذلك على المواطن نفسه أن يكون حريصا على النظافة، تجنّبا للأمراض.

وأوضح عمرو في تصريحات له أن البول عبارة عن مركبات كيميائية، وبيولوجية، ومواد مسرطنة، ينشرها الذي يقضي حاجته على الحوائط، وفي الشوارع، وتخرج لتتفاعل مع الأرض، وإذا كانت الأرض مزروعة تخرج هذه المسرطنات في المزروعات نفسها، أو تتبخّر وتدخل للإنسان عن طريق الاستنشاق والهواء.

ونوّه مؤسّس المركز القومي للسموم أن هذه الطريقة تصيب الإنسان بجميع الأمراض الصدرية، والأكثر عندما يتفاعل البول مع المخلّفات الأخرى الموجودة مسبقا في الشارع، ويصل التأثير إلى الكبد والكلى، موضّحا أن الأمر يزيد سوءا بسبب عدم تنظيف الحمامات العامة.

وحذرت أستاذة الأمراض الجلدية والتناسلية في جامعة عين شمس، دكتورة هدى أحمد، من تلوث الحمامات العامة، قائلة: “إنه يعرّض للإصابة بأمراض جلدية والتهابات، منها الالتهابات الداخلية والفطرية، وفي بعض الأحيان السنط الفيروسي”.

وإضافة إلى النتائج الصحية، فقد تأثّرت السياحة بقلّة الحمامات العامة، وتدني مستواها، هذا ما أكّده عضو غرفة شركات السياحة في الغرفة التجارية، عبدالرحمن أنور، بقوله “إن قلة عدد دورات المياه، وتدني مستواها، عامل مؤثر على السياحة بدرجة كبيرة”، مضيفا أنه جرى توفير كبائن حمامات متنقلة في منطقة الأهرامات.

وأشار أنور إلى ضرورة أن يكون تنظيف الحمامات إلكترونيا، لتجنب الفشل، وقال إن المقابل يمكن أن يكون يورو واحد، مشيرا إلى أنه مبلغ ليس كبيرا بالنسبة للسائح، لكنه يشجّع الشركة المشرفة على الحمامات لتقديم خدمة مميزة.

خطط لم تكتمل

وفي عام 2015 وضعت محافظة القاهرة خطة للتطوير والتعامل مع هذه الأزمة، عن طريق تطبيق مشروع تطوير المراحيض العامة، وبالفعل تمّ تطوير أكثر من 30 حماما عاما، كان على رأسهم حمام “روض الفرج” و”التحرير”، فضلا عن إنشاء المراحيض الذكية التي كانت تعمل بالعملة المعدنية.

وبسبب الإهمال وغياب الرقابة، تحوّلت المراحيض إلى محطات لنشر التلوث، بل استغلّها الخارجون عن القانون وحوّلوها إلى أوكار لممارسة الرذيلة، والاتجار في المخدرات، بعدما أصبحت قطعة “خردة”.

وكان المتحدث الإعلامي لمحافظة القاهرة، خالد مصطفى، قد قال: “يتم حاليا دراسة تعميم منح المراحيض العامة للمستثمرين، وذلك لتطويرها، ومراقبة نظافتها، وتوفير عاملين بها، في كافة المراحيض العامة التي يبلغ عددها 130 مرحاضا، مع إعطائه هامش للإعلان والدعاية بها.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *