تشابه أسماء المواطنين، أزمة طفت على السطح في الآونة الأخيرة وكثر الحديث عنها والشكوى منها، خاصة بعد تعرض أشخاص أبرياء لأحكام بالسجن والغرامة دون اقتراف أي ذنب.
وأمام تعرض عدد كبير من المواطنين لعمليات الضبط والاحتجاز بأقسام الشرطة وهم أبرياء بسبب القبض عليهم بتهم باطلة لمجرد تشابه الأسماء، تقدم عبدالحميد كمال، عضو مجلس النواب عن محافظة السويس، بطلب إحاطة عاجل إلى علي عبد العال، رئيس البرلمان، لتوجيهه إلى وزير الداخلية بخصوص هذه الأزمة.
تشابه أسماء المواطنين
وقال النائب في بيان له: ” إن ما يتعرض له عدد كبير من المواطنين من عمليات الضبط والاحتجاز بأقسام الشرطة دون ذنب بسبب القبض عليهم لتشابه الأسماء، يعرضهم للإيذاء النفسي والمعنوي، وإرباك أسرهم ويؤدي ذلك إلى عدم الرضا”.
ووصف النائب تداعيات أزمة تشابه أسماء المواطنين بأنها باتت أمرا مقلقا للرأي العام وللكثير من الأسر والمواطنين، موضحا أن بيانه يأتي استنادا إلى المادة (134) من الدستور واللائحة الداخلية للمجلس، وبناء عليه يطالب رئيس المجلس بتوجيه طلب إحاطة عاجل لوزير الداخلية لخطورة الأمر.
وفي 19 أكتوبر الماضي، أوضح حسين غيتة، عضو مجلس النواب، خلال تصريحات تلفزيونية، أنه تقدم باقتراح لاتخاذ خطوات فعالة في مشكلة تشابه أسماء المواطنين.
وطالب غيتة بتزويد “السيستم” الخاص بتنفيذ الأحكام بالرقم القومي واسم الأم، لإنهاء مشكلة تشابه الأسماء، والقبض على أشخاص أبرياء بسبب تشابه الأسماء.
واستنكر النائب ما وصفه بعدم اهتمام وزارة الداخلية بتسجيل المعارضات القضائية لتنفيذ الأحكام، ما يتسبب في القبض على الأشخاص الصادرة أحكام ضدهم رغم قيامهم بعمل معارضات، والسير في إجراءات التقاضي وإيقاف تنفيذ الحكم مؤقتا.
حكم محكمة
وقبل أيام، وتحديدا في 27 من يناير المنصرم، أصدرت محكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، حكما هاما أرسى مبدأ إلزام وزارة الداخلية بالتعويض في قضايا تشابه أسماء المواطنين حال القبض عليهم لتشابه أسمائهم مع أشخاص آخرين، محكوم عليهم بأحكام.
إذ عوضت المحكمة، أحد المواطنين بمبلغ 100 ألف جنيه، نتيجة الاشتباه الخطأ بين اسمه وبين أحد المجرمين محكوم عليه في جريمة سرقة تيار بحكم قضائي نهائي، وكان قد استوقفه أحد ضباط الشرطة بعد الاشتباه فيه عام 2012، بزعم وجود حكم بحبسه شهرا.
وجرى إيداعه سيارة الترحيلات وتعطيله عن عمله، وإجباره على ترك سيارته في الشارع، التي سُرقت محتوياتها، ما أصابه بأضرار مادية ونفسية، تستوجب التعويض.
وظهر ذلك بعد عرض المدعي على النيابة العامة، عقب ترحيله لقسم الشرطة وحبسه، التي قررت إخلاء سبيله بعد التأكد أن الجنحة مقيدة ضد شخص آخر، وليس المدعي.
واستندت المحكمة في حيثيات حكمها، الى نص المادة 54 من الدستور، وعزت حكمها للآتي:
- أن الحرية الشخصية مصونة ولاتمس، فيما عدا حالات التلبس.
- لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو تقييد حريته، إلا بأمر قضائي مسبب.
- أجهزة الكمبيوتر التي تستخدمها الوزارة، أجهزة يدوية ولا تحتوي على بيانات دقيقة.
- لا يتصور أن يكون الكشف عن الأشخاص بالأسماء الثلاثية فقط، دون الرقم القومي أو اسم الأم.
- الاعتماد في الكشف على الأسماء الثلاثية فقط، قد يؤدي بالزج بأبرياء داخل السجن، في جرائم لاعلاقة لهم بها، لتشابه الأسماء، في دولة يقترب تعداد سكانها من الـ100 مليون نسمة.
- الخطأ الذي ثبت في حق جهة الإدارة، كان هو السبب المنتج والمباشر، في الأضرار التي أصابت الطاعن، ما يوجب تعويضه.
وفي السياق، ذكر أحمد الجنزوري، المحامي بالنقض، خلال تصريحات صحفية، واقعة تعامل معها شخصيا، إذ اتصل به أحد الموكلين وأخبره أنه جرى القبض عليه لتنفيذ حكم قضائي لجريمة في بلد ما لم يرتكبها ولم يذهب لهذه البلدة، بسبب تشابه اسمه مع اسم المحكوم عليه.
وأوضح الجنزوري أنه حينما قام بفحص المحضر الخاص بالقضية وجد أن المتهم الذي جرى القبض عليه لم يكن يحمل إثبات شخصية واسمه في المحضر مشابه لاسم موكله، ومحل إقامته بنفس المنطقة، وأنه اتخذ إجراءات عديدة ومعقدة من أجل إثبات أن المقبوض عليه ليس هو الشخص الذي ارتكب الجريمة.
أسباب ومقترحات
ومن جهته، علق اللواء أحمد عبد الباسط، مساعد وزير الداخلية السابق، خلال حوار تلفزيوني، على مشكلة تشابه أسماء المواطنين وما تسببه من ظلم للكثيرين بقوله: “أنا عندي مواطن عليه 130 حكما من 25 محافظة عشان اسمه مشابه لناس كتير واتقبض عليه وشال القضايا عن الكل”.
ورأى عبد الباسط أن أسباب تلك الأزمة تتلخص في الآتي:
- تأخر مصر في إصدار تقنية بطاقة الرقم القومي.
- عدد القضايا الكبير المتداول في المحاكم.
- المعلومات المختصرة والضنينة تنتهي إلى محكمة تصدر حكما غيابيا نظرا لغياب المتهم وعدم التوصل إليه.
- تحقيق الاشتباه في المواطن يستغرق 3 أيام.
- عدم وجود معلومات إضافية للحاسب الإداري الخاص بالإدارة تمكنه من التحقق من الاشتباه في الأشخاص المحكوم عليهم.
وطالب الجنزوري باتخاذ مجموعة من الإجراءات للتغلب على أزمة تشابه أسماء المواطنين وما نتج عنها من ظلم للكثيرين منها:
- وضع الرقم القومي كشرط أساسي في رفع الدعاوى القضائية.
- ضرورة وجود قطاع متخصص في تحضير الدعاوى القضائية قبل إحالتها للمحاكم الجنائية.
- مزيد من تنقية بيانات الأحكام الواردة إلى الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام.
- إيجاد رابط بينها وبين مصلحة الأحوال المدنية لتحقيق أقصى درجة ممكنة من الانضباط للبيانات لشكل يقترب من الصحيح.
- تواصل المحاكم مع البنوك في حالات قضايا الشيكات لمعرفة اسم صاحب دفتر الشيكات رباعي ورقم بطاقة الرقم القومي، ورقم هاتفه.
- استكمال بيانات المشتكي في حقه أو الجاني في قضايا الاعتداء والضرب.
- الاهتمام التشريعي بالأمر والعمل على استصدار قوانين جديدة لحماية حقوق المواطنين حال الحاجة لذلك.
أضف تعليق