مع تزايد الجريمة.. ماذا تعرف عن غسيل الأموال في مصر؟

مع تزايد الجريمة.. هل تنجح الدولة في مكافحة غسيل الأموال؟
ضبط قضايا غسيل أموال خلال عام واحد بحجم 3 مليارات و401 مليون جنيه- مصر في يوم

غسيل الأموال، أو كما يسميها أصحابها تبييض الأموال، لا مشاحة في المصطلح، طالما أن الهدف هو تحصيل أموال هائلة بطرق محرمة غير مشروعة، ليتحول فاعلها من مواطن عادي إلى هدف عاجل للسلطة التنفيذية والقضائية.

ورغم جهود الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة إلا أن حجم غسيل الأموال أصبح يتزايد يوما تلو الآخر، نتيجة استخدام وسائل متطورة وتقنيات عالية للتمويه والتعتيم والتضليل، عبر شبكة معقدة من الترتيبات والإجراءات، وعلى درجة عالية من السرية يصعب اكتشافها.

ومنذ ساعات، أمرت النيابة العامة بحبس أربعة متهمين احتياطيا على ذمة التحقيقات، بتهمة تكوين تشكيل عصابي للقيام بغسيل نحو 40 مليون جنيه في أعمال غير مشروعة، والاتجار بالمخدرات، لتحقيق ربح غير مشروع وغسل أموال، وتربحوا مبالغ مالية كبيرة من جراء ذلك.

وأضافت التحريات أن المتهمين استخدموا أساليب عديدة لإخفاء أنشطتهم غير المشروعة، من بينها شراء أراضٍ زراعية وعقارات وسيارات وشركات ومكاتب سيارات ومطاعم وكافتريات.

إضافة إلى إجراء العديد من الإيداعات النقدية وشيكات بمبالغ كبيرة وبصفة متكررة، دون وضوح العلاقة أو طبيعة نشاط أي منهم، وقدرت تلك الممتلكات بحوالي 55 مليون جنيه.

غسيل الأموال في أرقام

وعن حجم الفساد الناتج من هذه الجريمة، أعلنت الحكومة المصرية، قيمة المبالغ المالية التي جرى تحصيلها في قضايا غسيل الأموال والعملة لتجار المخدرات، خلال عام واحد، في الفترة من 30 يونيو 2018، وحتى 31 مايو الماضي.

وقالت وزارة الداخلية، خلال مؤتمر مكافحة جرائم غسيل الأموال، في 12 من يونيو الماضي، إنها ضبطت خلال الفترة المذكورة 61 قضية غسل أموال في الاتجار بالمخدرات، بحجم 3 مليارات و401 مليون جنيه.

وفي نفس الشهر، قال المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في كلمة له خلال الجلسة الخامسة من فعاليات المنتدى الإفريقي لمكافحة الفساد: إن الجريمة تكبِّد العالم نحو 2.6 تريليون دولار سنويا.

القانون المجرِّم

ويعرف القانون رقم 80 لسنة 2002، بشأن مكافحة غسل الأموال، الجريمة بأنها: “كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها فـى المادة (2) من هذا القانون مع العلم بذلك”.

ويضيف القانون شرط: “متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص مـن ارتكب الجريمة المتحصل منها المال”.

فيما حددت المادة (2) من القانون الجرائم المتحصلة منها المال، ومنها:

  • زراعـة وتـصنيع ونقـل النباتـات، والجواهر، والمواد المخدرة، واختطاف وسائل النقل واحتجـاز الأشـخاص، والإرهاب، واستيراد الأسلحة والاتجار فيهـا، وسرقة الأموال واغتصابها.
  • جرائم الاعتـداء علـى حقـوق الملكية الفكرية، والفجور والدعارة، والجرائم الواقعة على الآثـار، والجـرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطرة، وجرائم القتل والجرح، وجـرائم التهـرب الجمركي.
  • جرائم التعامل فى النقد الأجنبي بالمخالفة للقواعد المقررة قانونا، والكسب غير المشروع، والجرائم المنظمـة التـي يشار إليها فى الاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الملحقة بها، سواء داخل مصر أو خارجها.

السجن أو الإعدام

وحول عقوبة غسيل الأموال في القانون، قال المستشار والخبير القانوني، خالد القوشي: إن عملية غسيل الأموال تنقسم إلى شقين، الأول: أن يكون غسيل الأموال في قضايا المخدرات أو القتل أو الاستيلاء على المال العام، فهذه تعتبر من قضايا الجنايات وعقوبتها تصل إلى السجن المشدد 15 عاما.

وأضاف القوشي، في تصريحات صحفية، في فبراير 2018، أن القسم الثاني علق أمر غسيل الأموال بالإضرار بالأمن القومي وإلحاق الضرر بالأمن العام وسلامة المواطنين، فهنا تصل عقوبته للإعدام.

وبحسب خبراء، فإن غسيل الأموال يمر بثلاث مراحل، أولها: الإيداع، حيث تُخفى النقود غير الشرعية بأساليب مختلفة، ثم مرحلة التمويه، وفيها تُجمع الأموال وتدخل قنوات النظام المصرفي بعمليات شرعية، ليصعب تتبعها، وأخيرا مرحلة الإدماج، حيث يُضفى عليها طابع الشرعية لتبدو وكأنها عوائد أو مكتسبات طبيعية لصفقات تجارية.

حرام شرعا

من جانبه، أفتى شوقي علام، مفتى الجمهورية، بأن عملية غسيل الأموال حرام شرعا، مضيفا أنها جريمة اقتصادية حديثة تدخل ضمن الجرائم المنظمة، كجرائم تهريب الأسلحة والمخدرات، والآثار، وغيرها.

وأضاف أنه قد تقرر في قواعد الشرع أن ما بُني على حرام فهو حرام، وما بني على باطل فهو باطل، وكل ما بطل سببه فهو باطل، فإذا كان المال محرما، حرم كل ما استخدم فيه من أعمال.

وذكر أن ما يُطلق عليه “غسيل الأموال” بدأ بمحظور شرعي، وهو التكسب من الجرائم والمحرمات، وانتهى إلى محظور شرعي، وهو تصرف من لا يملك فيما لا يملك، وما لزم عن ذلك من حرمة المعاملة التي بنيت على محرم.

قضايا مفزعة

وحول مشهد آخر من جريمة غسيل الأموال، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، اليوم الاثنين، بإحالة أستاذ مساعد جراحة أورام بقصر العيني، إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، لاتهامه بارتكاب جريمة غسيل أموال وتجارة أعضاء بشرية بنحو 9 ملايين جنيه.

وخلال الشهور الماضية، كافحت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة العديد من جرائم غسيل الأموال على النحو التالي:

  • حصر ممتلكات 3 متهمين لقيامهم بغسيل الأموال بحجم مضبوطات 35 مليون جنيه، وذلك خلال العام الماضي.
  • حصر ممتلكات 7 متهمين لقيامهم بغسيل الأموال بحجم 121 مليون جنيه.
  • القبص على 3 متهمين لقيامهم باستغلال مواقعهم الوظيفية في تكوين ثروة لا تتناسب مع مصادر دخلهم بحجم 250 مليون جنيه.
  • ضبط مهندس بالإدارة الهندسية بحي أول المنتزه “سابقا” بالإسكندرية، لغسيل أموال بحجم 14 مليون جنيه.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *