مشروع قانون حذف خانة الديانة من البطاقة.. هل يقر هذه المرة؟

إلغاء الديانة من البطاقة
نائب يتقدم بمشروع قانون لحذف الديانة من البطاقة- أرشيف

للمرة الثانية خلال عامين يثير البرلمان الجدل، بتقديم مشروع قانون يلزم الحكومة بحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، بعد محاولات عدة سابقة جرت لحذف خانة الديانة، وقوبلت بالرفض المجتمعي.

وتقدم عضو البرلمان، إسماعيل نصر الدين، بمشروع القانون الأخير، الذي يهدف من ورائه إلى تجميل صورة مصر أمام العالم، وأنها دولة متسامحة، لا تعرف التعصب، موضحا أنه حصل على دعم عدد كبير من النواب، لإلزام البرلمان بمناقشة مشروعه خلال الفترة المقبلة.

وقال “نصر الدين” في بيان: “إن الدستور نصّ على عدم التمييز بين المواطنين، وأن الجميع مصريون، لهم نفس الحقوق، وعليهم نفس الواجبات، والدساتير يتم وضعها لاحترام بنودها، وإذا اختلفنا مع نصوصها فهناك مسار دستوري يحدد طريقة تعديلها، ولكن طالما نتعامل بالدستور الحالي فعلينا احترام نصوصه وتطبيقها”.

محاولات سابقة

وكانت لجنة الشئون الدينية بالبرلمان اعترضت على مشروع مماثل قدمه عضو الائتلاف أيضا علاء عبد المنعم عام 2016.

وأثارت نقابة المهندسين وجامعة القاهرة الجدل حول القانون في أكتوبر 2016، إذ بادرا بإلغاء خانة الديانة من كافة الأوراق والشهادات المتعامل بها في الجامعة، وفي شهادة طلب القيد للمهندس الاستشاري، وهو ما رفضته اللجنة الدينية أيضا.

وعقب القرار، خرجت هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، ورفضت إلغاء خانة الديانة من البطاقة، معتبرة وقتها أن المستندات التي تثبت شخصية وهوية الشخص أمور تنظمها الدولة، وأن وضع الديانة في البطاقة يساعد على معرفة وكشف الديانات الأخرى غير السماوية، وحماية المجتمع من نسب ومصاهرة مخالفة.

بداية الأزمة

وتعود أزمة خانة الديانة لعام 2004، عندما جرى الإعلان عن إلغاء البطاقات الورقية، واستبدالها ببطاقة الرقم القومي، إذ رفضت وزارة الداخلية وقتها استصدار بطاقات جديدة للبهائيين تدوّن ديانتهم في خانة الديانة، وذهبت مصادر رسمية، إلى أن هذه الخطوة قد تعني أن الدولة المصرية تعترف بالديانة البهائية.

وفي عام 2006، نظم المجلس القومي لحقوق الإنسان ورشة عمل، لمناقشة مقترح بحذف خانة الديانة من البطاقة الشخصية.

وفي عام 2013، أطلق النشطاء على “فيس بوك” حملة إلكترونية طالبوا فيها بحذف خانة الديانة من البطاقة، تحت عنوان: “حاجة تخصني”.

جدل مجتمعي

وأثار مقترح القانون حالة من الجدل بين الحقوقيين وعلماء الدين، إذ رحّب به البعض، واعتبره خطوة مهمة في سبيل تطبيق مبادئ الدولة المدنية، بينما اعتبره آخرون غير مؤثر بأي شكل على مكافحة التمييز، وحذر البعض الآخر من تداعيات إقرار تلك القوانين على المجتمع.

فمن جانبه قال الدكتور محمد وهدان، أستاذ بجامعة الأزهر: “إن الوقت الحالي ليس مناسبا لطرح فكرة حذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي، حيث إن الإسلام يحترم الأديان، وحرية الآخرين”.

وأشار إلى أن إلغاء خانة الديانة يحتاج لتمهيد، خاصة أن هناك بعض المتشددين، ونحتاج لتمهيد وحوار مجتمعي حول الأمر، وخانة الديانة ليس بها أي تمييز على الإطلاق.

الموقف القانوني

أما فيما يتعلق بالموقف القانوني، فأوضح المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة الجنايات السابق، أن إضافة خانة الديانة بالهوية الشخصية للتعريف فقط مثله كمثل خانة الحالة الاجتماعية والوظيفة، وأن إلغاؤها لن يخل بأية قوانين، لأن هذه قرارات صادرة من السجل المدني، ومن حقه أن يصدر قرارا بإلغائها وقتما يشاء.

ويرى أن إثارة مثل هذه المقترحات حاليا لا حاجة له، خاصة وأن خانة الديانة ليست فقط هي سبب التمييز بين الأشخاص، لافتا إلى أنه ليس كل ما يقترح ينفذ، وأن المسيحيين أنفسهم رغم مشكلات عديدة حدثت على مر سنوات طويلة لم يطالبوا بمثل هذا القانون، وهناك مشكلات أكبر لابد من الالتفات لها.

لا يكافح التمييز

فيما اعتبر الدكتور حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن المقترح لن يؤثر بأي شكل على مكافحة التمييز، لأن خانة الديانة ليس لها دور في التمييز بين المواطنين، لكن يمكن أن يستفيد بها البهائيون فقط، لأنه لا يمكن إثبات ديانتهم في البطاقة.

وأضاف أبو سعدة في تصريحات صحفية: “لديّ اقتراح أكثر أهمية، وهو إقرار قانون مفوضية منع التمييز، مثل منع تعيين شخص ما في منصب بسبب التمييز، ما يستدعي أن يكون القانون رادعا لهذا الأمر، ففكرة المواطنة أن يتمتع المواطنون بتنوعهم بكامل حقوقهم”.

كوارث مجتمعية

أما فيما يتعلق بالجانب الشرعي، فحذر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، من مخاطر تفعيل هذا القرار من قِبل السلطات على المجتمع المصري.

وأضاف في تصريحات له: “تفعيل مثل هذه القوانين سينجم عنها كوارث اجتماعية كثيرة، ولا حصر لها، منها استغلال غياب خانة الديانة من قبل البعض في الزواج من الأقباط، الأمر الذي تنجم عنه مخالفة شرعية، بالإضافة إلى الأحداث والمشكلات المجتمعية والطائفية”.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *