مبادرة الأزهر لمواجهة غلاء المهور.. هل تقضي على العنوسة؟

مبادرة الأزهر لمواجهة غلاء المهور.. هل تقضي على العنوسة في مصر؟
المبادرات المجتمعية تحارب إرثا ضخما من العادات والتقاليد الخاطئة - مصر في يوم

مبادرات تلو الأخرى تطلقها مؤسسة الأزهر لمواجهة ظواهر عدة تهدد استقرار وقوة المجتمع، آخرها مواجهة غلاء المهور وتكاليف الزواج، التي أطلقها شيخ الأزهر، للمساهمة في دعم المبادرات المجتمعية لحث الأسر على تيسير وتسهيل إجراءات الزواج.

وتأتي حملة الأزهر لمواجهة ارتفاع المهور تزامنا مع انتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لعدد من الفتيات لتجميد البويضات حفاظا على حق الفتيات في الإنجاب بعد ارتفاع أعمارهن، وهي دعوات تلقى نقدا أخلاقيا صارما.

تقليل نسبة العنوسة ومساعدة الشباب على الزواج وتيسير الزواج أصبح ضرورة ملحة في الفترة الحالية، خاصة بعد انتشار مثل تلك الدعوات، وكانت قد انتشر العديد من المبادرات المجتمعية في بعض قرى ومحافظات مصر، مؤخرا أبرزها “بلاها شبكة” .. “زواج البركة” ..”زواج بدون مغالاة” ..”معا لتيسير الزواج” لحث الأسر على إلغاء الكثير من مظاهر “الفشخرة الزائدة”- كما يسمونها- والتي لا تتماشى مع الظروف الاقتصادية الحالية.

وتنص أغلب الشروط الواردة في معظم المبادرات التى لاقت ترحيبا مجتمعيا، على تخفيف متطلبات الزواج بحيث يتم الاكتفاء بشراء الأساسيات المستخدمة فقط، والتنازل عن الكثير من الكماليات مثل إلغاء الشبكة والاكتفاء بالدبلة، وإلغاء النيش والفرح.

غلاء المهور

وفي سياق الحديث عن مواجهة غلاء المهور وتكاليف الزواج، قال أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: إن الأسرة المصرية بحاجة إلى مزيد من الترابط والعودة إلى العادات والسلوكيات السليمة التي تربينا عليها في مجتمعاتنا الشرقية العريقة، والقضاء على السلوكيات الخاطئة التي أخذت في الانتشار خلال الآونة الأخيرة من محاولات لتقليد كثير من العادات الغربية السلبية التي لا تتناسب مع قيمنا وتقاليدنا.

وشدد خلال استقبال وفد بيت العائلة على ضرورة إطلاق حملة توعوية لمواجهة غلاء المهور وتكاليف الزواج، لأن هذه المغالاة تدمر الأسرة قبل بنائها، وتتسبب في عدم قدرة بعض الشباب والأسر على هذه التكاليف وبالتالي تأخر الزواج وارتفاع نسب العنوسة.

ودعا بيت العائلة إلى بذل مزيد من الجهد لدعم الترابط الأسري والحفاظ على الشخصية الشرقية من مهَبّ العادات الغربية التي لا تناسب مجتمعاتنا.

وكانت مؤسسة الأزهر قد أطلقت خلال عام 2019، العديد من المبادرات من أجل استقرار المجتمع، أبرزها حملة  “أسرة مستقرة= مجتمع آمن”، وكذلك لحملة “جنة” التي تهدف لمناهضة العنف ضد الأطفال، بخلاف استكمال مبادرات سابقة مثل “وعاشروهن بالمعروف” للحد من الطلاق.

العنوسة في مصر

وكان تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في ديسمبر الماضي بخصوص نسب العنوسة في مصر،  أوضح أن عدد الذكور الذين لم يتزوجوا في فئة العمر ( 35 سنة فأكثر ) بلغ حوالي 687 ألف حالة بنسبة 5.4% من إجمالي أعداد الذكور في نفس الفئة العمرية، بينما بلغت حوالي 472 ألف حالة للإناث بنسبة 3.3% لنفس الفئة العمرية.

وظاهرة العنوسة وفقا لتقرير الإحصاء تعود إلى أسباب عديدة منها:

  • غلاء المهور، وارتفاع تكاليف الزواج الأخرى الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة.
  • غلاء المعيشة وصعوبة توفير سكن.
  • ارتفاع معدلات البطالة.
  • ارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث.
  • خروج الفتاة للعمل.
  • ضعف الأجور التي يتقاضاها الشباب.

إرث مجتمعي

وفيما يخص مبادرة مناهضة غلاء المهور، يرى مراقبون أن هذه المبادرات المجتمعية تحارب إرثا ضخما من العادات والتقاليد الخاطئة، مؤكدين أن المغالاة في تكاليف الزواج هي مرض اجتماعي كلف المجتمع الكثير من المخاطر.

فمن جانبها قالت فاطمة الشناوي، خبيرة العلاج النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية، عن رأيها في مثل هذه المبادرات: “مبادرات جيدة جدا خاصة إذا تم تنفيذها فعليا على أرض الواقع، وذلك لأنها تحارب الإرث الخاطئ من العادات والتقاليد المنتشرة في قرى مصر، من حيث المقارنة بالغير والرغبة في شراء جميع المستلزمات دون النظر إلى القدرة المادية”.

وأشارت الشناوي إلى أن الزواج الناجح لا يعتمد على كم الأشياء التي يجرى اقتناؤها بل على وجود التفاهم والاحترام والحب والمودة بين الزوجين، فهي أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها أي زوجين لأنها ستمكنهم من التغلب على الكثير من المعوقات والمشكلات التي سيتعرضون لها خلال حياتهم الزوجية.

أضرار نفسية ومجتمعية

وبخصوص تأثير تأخر الزواج وانتشار العنوسة على المجتمع، أوضح عبد الفتاح درويش، أستاذ الاجتماع بجامعة المنوفية، أن الدراسات البحثية للصحة النفسية والاجتماعية للفتيات وتأثير العنوسة عليهن، تشير إلى التأثير السلبي على صحتهن النفسية والاجتماعية، خصوصا للائي تعدى بهن العمر إلى ما فوق 35 عاما.

وقال “درويش”، في تصريحات صحفية: إن الزواج عملية اجتماعية لا بد منها لأنها تحفظ كيان المجتمع وتعف الأفراد من اقتراف أية معصية تغضب الله عز وجل، هذا من الجانب الديني والأخلاقي، أما من حيث الجانب النفسي والاجتماعي، فإنه يتضمن بناء أسرة تعمل على توافر الحب والأمن والأمان وتحمل المسئوليات لإعداد أجيال ونشأة تخدم المجتمع.

كما أوضح أستاذ علم الاجتماع أن انتشار العنوسة بسبب البطالة بين الشباب، بالإضافة لارتفاع التكاليف الباهظة حاليا لإتمام الزواج، سواء من ناحية غلاء المهور أو توفير مسكن، وتقديم هدية العروس من شبكة، مما أدى إلى انخفاض معدلات الزواج بصورة لافتة، منوها بارتفاع معدلات الطلاق حاليا بالمجتمع المصري.

تجميد البويضات

كما علق “درويش” على الإجراءات التي تتخذها الفتيات الناتجة عن غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج، مثل “تجميد البويضات”، قائلا: إن هناك بالفعل حالات اتجهن سرا دون الإفصاح جهرا داخل عيادات لأطباء تخصص نساء ولادة لمثل هذه العمليات، لكن دون وجود نسب معلنة لتحفظهن في التصريح نظرا لحداثة هذا السلوك داخل المجتمع وتعارضه مع القيم والعادات والتقاليد الشائعة بالمجتمع المصري من آلاف السنين.

ونصح “درويش” بإلزام المجتمع بمؤساساته المختلفة من الأسرة والمدرسة والجامعة ورجال الدين والأهم أجهزة الإعلام، بالتنبيه على خطورة انتشار هذه التقاليع الغريبة على المجتمع.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *