الحضارة الفرعونية ولغتها.. هل يمكن إضافتها للمناهج الدراسية؟

دراسة الحضارة الفرعونية
مطالبات لعدد من الباحثين بدراسة الحضارة الفرعونية "أرشيفية"

“دراسة الحضارة الفرعونية ..تعليم اللغة الهيروغلفية.. دراسة جغرافية حوض النيل”، مقترحات تقدّم بها عدد من المسئولين لدراستها أو إضافتها كمناهج جديدة، سواء بالمدارس أو الجامعات، وعادةّ تكون هذه المادة ذات صلة بتخصصهم.

وخلال السنوات الماضية كثرت هذه الاقتراحات من قبل بعض المسئولين، الأمر الذي قابله تربويون وخبراء مناهج بالرفض، نظرا لكثرة المواد التي تدرّس للطلاب، فضلا عن عدم مواكبة هذه المقترحات للتطور الحالي، بجانب صعوبة التنفيذ.

ونستعرض فيما يلي أبرز تلك المقترحات:

مادة للآثار الفرعونية

ظهرت مؤخرا مطالبات لعدد من الباحثين الأثريين، بأن تكون هناك مادة في كافة المراحل التعليمية المختلفة لتعليم الطلاب تاريخ الحضارة الفرعونية، ليتعرف الطلاب على الحضارة المصرية القديمة، التي يتعلم منها كافة دول العالم حتى الآن، موضحين أن من يدرّس هذه المادة للطلاب، يفضل أن يكون من خريجي كلية الآثار.

وقال تامر المنشاوي، أحد المطالبين بالفكرة: “إن تدريس التاريخ المصري، الذي يعتمد على المصادر الأثرية في المراحل الدراسية المختلفة، سيجعل الطالب يعرف قيمة الحضارة المصرية، التي كانت تشجع على الوعي الأثري والتاريخي، كما لابد أن يرتبط التدريس بعمل جولات تاريخية، ويتم عمل زيارات بالمواقع الأثرية والمتاحف”.

فيما أشار مصطفى حسين، باحث أثري، إلى أن مصر تُعرف لدى العالم أجمع، من خلال التاريخ الفرعوني والحضارة العظيمة، التي أثبتت مدى عظمتها من خلال الآثار التي تكتشف كل يوم من باطن الأرض، مضيفا: “أن الطلاب المصريين لا يعرفون تاريخ حضارتهم، ويجب أن نسعى لرفع وعيهم الحضاري والأثري، فمصر هي الحضارة الفرعونية قبل أن تكون أي شيء”.

اللغة الفرعونية

ودعا حسين وزارتي الآثار والتعليم، للتعاون والتنسيق لتدريس اللغة الفرعونية أيضا، كلغة رسمية بمختلف المناهج التعليمية والمراحل الدراسية، بدءا من المرحلة الابتدائية إلى الجامعات، بجانب تدريس التاريخ الفرعوني والحضارة الفرعونية القديمة كمواد إجبارية، حفاظا على الهوية المصرية الفرعونية.

لم يكن مقترح تدريس الحضارة الفرعونية، لإحياء تراثها القديم هو الأول من نوعه، فسبق أن طالب زاهي حواس، عالم المصريات والآثار، ووزير الآثار الأسبق، وزارة التربية والتعليم، بتدريس اللغة الهيروغليفية في المدارس.

ومنذ ذلك التاريخ يواصل العالم الأثري إصراره وتمسكه بمطلبه، رغم الرفض التربوي والجماهيري للمقترح، إذ أشار في تصريحات صحفية سابقة له، أنه يفكر في إعداد برنامج متكامل بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم من خلال 17 كتابا سيوزعوا علي مكتبات المدارس.

وأضاف: أن الحروف الهيروغليفية سوف تدرس في المدارس الإبتدائية كمادة للرسم، حتي يستطيع التلاميذ كتابة أسمائهم باللغة الهيروغليفية القديمة، مشيرا إلى أنه يحاول إبراز المعالم الأثرية والحضارة الفرعونية للأطفال، وتحفيزهم علي حب تاريخ بلادهم ووطنهم.

وأوضح حواس خلال لقاء تليفزيوني، أن أطفال العالم أجمع يتطلّعون لزيارة ورؤية الأهرامات وأبو الهول، والاطلاع علي الحضارة المصرية العظيمة، وهذا ما يحزنه خلال سفره للخارج.

صعوبة التنفيذ

وفي رد من التربويين وخبراء إعداد المناهج على المقترح، أكدوا أنه لا يمكن تنفيذه، لأن المناهج الدراسية كثيرة على الطلاب، واللغة الهيروغليفية ليست لغة حية، إنما هي لغة ميتة، والفكرة ليست جديدة، ولكن كان هناك نداء لعمل حزب فرعوني، وأن تكون اللغة الفرعونية هي اللغة السائدة في المجتمع المصري.

كما لفتوا إلى أن كتاب التاريخ بالمرحلة الاعدادية به تعريف بالحضارة واللغة الهيروغليفية، وعلينا الاكتفاء بما ورد فيه، بالإضافة لعدم وجود الشخصيات المؤهلة من المدرسين للتعامل مع هذه اللغة، وأين الكتب الخاصة بها؟ فالانتماء ليس للحضارة الفرعونية إنما لمصر.

ومن جانبه، قال أيمن العشماوي، مدير عام الآثار: “إنه من الصعب أن يتم تدريس مادة علمية مليئة بالأحداث للأطفال في سن مبكر، ولكن يجب أن يتم رفع الوعي الأثري لهم من خلال عمل جولات للطلاب في كل محافظة، للتعريف بالآثار المكتشفة في هذه المحافظة، بجانب تعريفهم بالملوك الذين حكموا مصر في العصر الفرعوني من خلال كل محافظة”.

وأضاف العشماوي: “أنه من الممكن إضافة بعض المعلومات في كتاب التاريخ عن أشهر الملوك والآثار المكتشفة الأخيرة والكبرى في مصر، وتكون كل معلومة تدرس تخاطب مرحلة معينة، يقدر على أن يستوعبها الطالب، وتتناسب مع عمره”.

جغرافية حوض النيل

وكان محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، اقترح تدريس ساعتين بالجامعات وجميع مراحل التعليم عن جغرافية حوض النيل، ومصادر المياه التي تأتي لمصر، وعادات وتقاليد تلك الدول، وأهم المشكلات البيئية والأقاليم المناخية المناسبة، بحيث يكون المستوى حسب السنة الدراسية، والتركيز على ندرة المياه في مصر، وضرورة ترشيدها.

واستعرض المجلس الأعلى للجامعات المقترح خلال جلسته الأخيرة التي عقدت الخميس بالإسكندرية، وجاري دراسة المقترح، وكيفية تطبيقه.

الإنشاد الديني

لم تتوقف المقترحات على الهيروغليفية وحوض النيل والحضارة الفرعونية، فسبق أن تقدم أيضا حلمي النمنم، الكاتب الصحفي، وزير الثقافة السابق، في يونيو 2016، بمقترح لإدراج علم الإنشاد الديني لأن يكون منهجا دراسيا في أكاديمية الفنون، لافتا إلى أن الإنشاد الديني يحتاج إلى أن نحافظ عليه، ونهتم به في مصر.

وأكد “نمنم” في تصريحات صحفية، أن الإنشاد الديني تميّز فيه المصريين خلال هذه الفترة، موضحا أن الابتهالات الدينية تقوم على تصور أساسي في فهمنا للإسلام.

ويرى مراقبون أن هذه المطالب أو الاقتراحات من الوزراء تمثل اعترافا رسميا بضعف العملية التعليمية في مصر، فضلا عن ضعف المحتوى، إذ يوجد بالمناهج الدراسية موضوعات عن هذه الاقتراحات، ولكنها تكون بشكل ليس به عمق كما يريد بعض الوزراء.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *