كشف طارق شوقي، وزير التعليم عن الحاجة إلى 200 ألف فصل لحل مشكلة الكثافات المرتفعة في الفصول الدراسية، مضيفا أن الأمر قد يستغرق 10 سنوات، مشيرا إلى أنّ نظام التعليم الجديد لا يشمل حل أزمة التكدس داخل الفصول.
وأضاف شوقي خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد بالوزارة للإعلان عما رُصِد من إيجابيات وسلبيات في الأسبوع الأول للعام الدراسي (2018-2019) أن مشكلة الكثافة والأعداد وُضِعَت أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وأوضح شوقي أن مشكلة الكثافة تحتاج إلى “أراضي وفلوس” بحسب تعبيره، موضّحا أنه جرى بناء 30 ألف فصل، ونحتاج 100 مليار جنيه، للقضاء على الكثافة، وأشار إلى أنّ كل ما صُوِّر من فصول مرتفعة الكثافة ما هو إلا جلد للمصريين.
وتساءل شوقي: “مَن الذي يخرج الكاميرا ويصوّر الفصول؟” مستنكرا شكاوى الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام.
شكوى عامة
وخلال الأسبوع الأول من العام الدراسي الحالي، شهدت الساحة الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي عشرات الشكاوى من أولياء أمور طلاب بالمدارس الحكومية العادية والتجريبية من تكّدس فصول أبنائهم منها:
- شكاوى لأولياء أمور الطلاب بمدرسة المأمون التجريبية للغات، التابعة لإدارة وسط بالإسكندرية، من ارتفاع كثافة الفصول، وقال بعض أولياء أمور مرحلة رياض الأطفال: “إن هناك قاعة لـ”كي جي 2″ بها 122 طفلا” مؤكّدين أن المدرسة لا يوجد بها حديقة، ولا ألعاب ترفيهية للأطفال كما هو الحال في جميع المدارس التجريبية.
- وصرّح سعيد عبدالله، وكيل مديرية التربية والتعليم بالجيزة أن المحافظة تعاني من الكثافة المرتفعة، إلا أنها لا تستطيع رفض قيد أي طفل يسمح سنّه بدخول المدرسة.
- ونقلا عن اتحاد أمهات مصر، شكا أولياء أمور مدرسة أبوالهول الابتدائية المشتركة بالهرم من تكدّس 300 طالب في 5 فصول فقط، رغم أن مساحتها كبيرة، مطالبين بالسماح لهم بالتبرع لبناء مبنى آخر حتى يستوعب الطلاب.
- وفي 24 سبتمبر الجاري، أكّدت مايسة عطوة، عضو مجلس النواب أنها رصدت خلال تفقّدها عددا من المدارس بمحافظة الجيزة، أن كثافة الفصول مرتفعة جدا، وتتجاوز الـ 60 طالبا، مشيرة إلى أن كثافة الفصول وعدم عدالة التوزيع شكوى عامة في معظم المدارس، وأنها تؤثّر سلبا على العملية التعليمية.
- وفي محافظة الدقهلية، شكا الأهالي من الكثافة الكبيرة في الفصول، ففي قرية بطرة وقرية جوجر التابعتان لمركز طلخا تعدّت كثافة الفصل 90 طالبا، وفي قرية ديسط تعدّت كثافة الفصول 60 طالبا، وفي قرية منشأة البدوي تعدّت كثافة الفصل 70 طالبا، وفي قرية كفر الترعة التابعة لمركز شربين تعدّت الكثافة 70 طالبا.
140 طالبا بالفصل
مشكلة ارتفاع كثافة الفصول الدراسية ليست بالجديدة، وسبق أن طرحها الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم السابق في 12 من مارس 2016، وأكّد وقتها أن كثافة الفصول الدراسية تصل في بعض مدارس القاهرة إلى 140 تلميذا، ولفت إلى أن عدد التلاميذ على مستوى مصر 19 مليون ونصف، بينهم 10 مليون و500 ألف تلميذ بالمدارس الحكومية فقط، و9 آلاف تلميذ لا يجدون أماكن في المدارس الحكومية.
الشربيني أضاف: “أنه عرض المشكلة على مجلس الوزراء، لمضاعفة موازنة بناء المدارس لحل المشكلة، ثم عرض وجهة نظر أخرى لطرح الأراضي التي تمتلكها الوزارة على المستثمرين بنظام حق الانتفاع، على أن تسترد أموالهم بعد مدة التعاقد مضافا إليها 30% كعائد، وتكون الحكومة قد ربحت مدارس وصيانة وأجور مدرسين وإشراف”.
أضرار وفشل
من جانبه قال علي يحيى، خبير تربوي ومدير إدارة تعليمية بكفرالشيخ: “إن الكثافة الطلابية داخل الفصول لها مشكلات كبيرة في إفشال العملية التعليمية، خاصة أنها لا تساعد المُعلم على محاورة كافة الطلاب داخل الفصل الواحد، وتمثّل إرهاقا كبيرا عليه، ولا تمكنه من تحديد مستوى طلابه.
وأضاف يحيى: “أن الكثافة تسبّب مشكلات عديدة للطلاب، أهمها عدم استيعاب ما يقوله المعلم، فيلجئون إلى الدروس الخصوصية، وترك الفصول الدراسية في المدرسة، وخاصة الحصص العملية التي لا يستفيد منها الطالب، لعدم وجود معامل مجهّزة وكافية لهذا العدد الكبير من الطلاب.
فيما رأت جهاد يوسف، خبير تربوي بمديرية التربية والتعليم، أن الكثافة الطلابيّة بشكل عام، تهدّد استراتيجيات التعليم السليم، لذا فالقضاء عليها يعد الخطوة الأولى في مراحل بناء بيئة تربوية وتعليمية سليمة.
وطالبت منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال بضرورة التدخّل من أجل بناء مدارس جديدة على الطراز العالمي، من أجل النهوض بالعملية التعليمية في مصر، التي تبدأ بترغيب الطلاب في مدارسهم، وإحساسهم بالراحة والمتعة فيها.
ليست عائقا
وفي تصريح سابق له، علق شوقي على شكاوى الأهالي من الكثافة الطلابية بالفصول، قائلا: “إن بناء الفصول تكلفته باهظة، والدول ذات الكثافات العالية، مثل باكستان يجلسون الطلبة في الحوش”.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية بأحد البرامج: “الكثافة ليست العائق الأصلي لو تصميم المنهج مختلف، نظام التعليم الجديد يعمل على العقول، كان من الممكن أن نترك المناهج كما كانت، ونبني فصولا أكثر، لكننا فضّلنا التعامل مع عقل الطفل، الأولاد هيتعلموا حتى لو قعدوا في الحوش”.
واستطرد أن رؤيته حول نظام التعليم الجديد تتمثّل في البحث عن حلول غير تقليديّة، فالتعليم لا يحتاج غرفا مغلقة، بل أن يتعلم الطلاب فنون ورياضة، كأنهم ذاهبين إلى نادي، مشيرا إلى أن هناك توجّه أن يكون الأولاد في الفناء أكثر من الفصول، ليس بالضرورة الجلوس على مقعد.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن في العام الماضي عددا من المؤشرات العامة عن التعليم قبل الجامعي، خلال الفترة بين عامي (2015-2016) و(2016-2017) وفقا لأحدث التقارير الصادرة عنه.
وأشار الإحصاء إلى ارتفاع كثافة الفصول في المراحل التعليمية المختلفة قبل الجامعية، إذ كانت أعلى كثافة للفصول من نصيب طلاب المرحلة الابتدائية بـ46.3 في العام (2016-2017) مقابل 45.4 في العام السابق عليه، يليها المرحلة الإعدادية بـ43، ثم التعليم الثانوي الزراعي بـ41.7.
بينما كانت أقل كثافة للفصول من نصيب مدارس التربية الخاصة بـ 8.4، يليها التعليم المجتمعي 24.7، والتعليم الثانوي الصناعي 35.1، والتعليم ما قبل الابتدائي بـ35.4.
أضف تعليق