تجارة الأعضاء البشرية في مصر.. لماذا ازدهرت مؤخرا؟

تجارة الأعضاء البشرية في مصر.. لماذا انتشرت مؤخرا؟
مصر تحتل المركز الثالث عالميا في زراعة وتجارة الأعضاء البشرية - مصر في يوم

جريمة قديمة، إلا أنها ازدهرت مؤخرا في مصر، واتخذت من المناطق الفقيرة منطلقا لها، مستغلة الفاقة والحاجة للمال، ويغذيها طمع بعض الأشخاص نحو امتلاك الأموال بطرق سريعة دون مراعاة لآلام الآخرين، تلك هي تجارة الأعضاء البشرية.

وخلال أمس الثلاثاء، ألقت وزارة الداخلية القبض على عصابة تخصصت في ارتكاب جرائم تجارة الأعضاء البشرية، على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عبر تسهيل بيع وشراء الأعضاء البشرية بمقابل مادي.

وقالت الداخلية، في بيان لها: “إن معلومات وتحريات إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر أكدت قيام ثلاثة أشخاص (لاثنين منهم معلومات جنائية) بتكوين جماعة إجرامية منظمة، تخصصت في تجارة الأعضاء البشرية”.

وتابع البيان: أن أحد أعضاء العصابة أنشأ حسابا على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” يعمل على الاستقطاب والتواصل مع المرضى راغبي نقل الكلى إليهم، وكذلك بعض راغبي بيع “عضو الكلى” مقابل مبلغ قدره 30 ألف جنيه لكل حالة بيع، مستغلا حاجتهم للمال.

استشاريون وأساتذة

هذه العصابة لم تكن الأولى إذ كثرت أخبار القضايا من هذا النوع خلال الأشهر القليلة الماضية وتورط في بعضها شخصيات وجهات أجنبية داخل مصر.

وألقي القبض على عصابة، في 31 يناير من العام الماضي، كشفت التحقيقات أن متزعميها عاطل وربة منزل، يتوسطان فى تجارة الأعضاء البشرية مقابل حصولهم على مبلغ ما بين 50 إلى 100 ألف جنيه للحالة الواحدة من المرضى، ودفعهم مبلغ 15 ألف جنيه للشخص بعد اتخاذهم إجراءات صورية تفيد تبرعهم بها.

وكشفت تحقيقات النيابة أن المتهمين في القضية 20 طبيبا من الأطباء الجامعيين والعاملين بالمستشفيات الحكومية، إلى جانب 10 من الممرضين يعاونهم 9 من السماسرة والوسطاء، ومتهمين اثنين من العاملين ببنك الدم، وقد أجروا 29 عملية جراحية لنقل وزراعة أحد الأعضاء البشرية، والمتمثل في عضو الكلى، لعدد من المتلقين من المرضى الأجانب.

وصادقت محكمة النقض مؤخرا على حكم الجنايات الصادر ضد أعضاء هذه العصابة الـ6، إذ سيجرى سجنهم 15 سنة وتغريمهم 500 ألف جنيه، ومعاقبة 11 متهما آخرين بالسجن المشدد 7 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه، ومعاقبة 20 متهما آخرين بالسجن 3 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، وبراءة 3 متهمين.

وفي 16 سبتمبر الماضي، ألقت الداخلية القبض على “ماسح أحذية”، اشترك مع آخرين في الوساطة والاتجار في الأعضاء البشرية، كونه دائم الحديث مع الأشخاص من ذوي الحاجة، وبائعي السلع التافهة بمنطقة الإسعاف.

وباستدعائه، تبين أنه سبق اتهامه والحكم عليه في 6 قضايا بينها سلاح وآداب عامة، وأضاف بأنه اصطحب أحد الأشخاص الذين حثهم على بيع أعضائهم البشرية، واتفق معه على بيع كليته مقابل عشرين ألف جنيه، إلا أن التحاليل أثبتت عدم سلامته لإصابته بفيروس C.

مركز عالمي

وضمن العديد من المراكز الأخرى المتقدمة التي حصدتها مصر، تشير أرقام وإحصائيات رسمية، في 2017، إلى أن مصر تحتل مركز متقدما في تجارة الأعضاء البشرية على مستوى العالم، وهي الأولى على دول الشرق الأوسط.

وفي إحصائية ودراسة أجراها “التحالف الدولي لمكافحة تجارة البشر”، منتصف 2017، كشف أن مصر تحتل المركز الثالث عالميا في زراعة وتجارة الأعضاء البشرية، بعد الهند والصين، وأنها تشهد سنويا 1500 عملية زراعة أعضاء غير قانونية.

كما وصفت مجلة “نيويورك تايمز” الأمريكية في إحصاء أجرته ديسمبر 2016، مصر بأنها مركز عالمي لتجارة الأعضاء البشرية، وكشف البرلمان الأوروبي، عام 2015، أن مصر إحدى المراكز الرئيسية لتجارة الأعضاء البشرية، إلى جانب بلدان أخرى في شرق آسيا.

وفي دراسة صدرت عن منظمة الصحة العالمية، أوضحت أن مصر تعد مركزا إقليميا لتجارة الأعضاء البشرية، وأنها ضمن أعلى خمس دول على مستوى العالم في تصدير الأعضاء البشرية مع كل من الصين، والفلبين، وباكستان، وكولومبيا.

لماذا تزدهر؟

من جانبه، قال الباحث الاقتصادي أشرف إبراهيم، في تصريحات صحفية: “تتميز مصر بموقع جغرافي فريد، جعلها قبلة للمهاجرين الأفارقة الراغبين في الهجرة للشمال الأوروبي، وكذا تضم العديد من اللاجئين الفارين من بلدانهم المضطربة، إضافة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وزيادة معدلات الفقر والجوع، وبالتالي أضحت مصر سوقا خصبة لتجارة الأعضاء البشرية، إذ يتوفر فيها البائع والمشتري”.

وتابع: “ولهذه التجارة العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية، فتتأثر إنتاجية الأشخاص الذين فقدوا أعضاءهم البشرية، ما يؤثر على سوق العمل ومردوده الاقتصادي الذي ينعكس على الاقتصاد الكلي للدولة، كما ينفق هؤلاء الأشخاص المزيد من الأموال على صحتهم المتدهورة”.

عقوبات في القانون

وبحسب التعديلات الجديدة على قانون تنظيم زراعة الأعضاء، فإن أبرز عقوبات تجارة الأعضاء البشرية جاءت كالتالي:

السجن المشدد وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، كل من قام بنقل عضو بشري أو جزء منه بقصد الزرع، وإذا وقع هذا الفعل على نسيج بشري حي حتى تكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على عشر سنوات، وفي حال ترتب على الفعل المُشار إليه وفاة المتبرع تكون العقوبة السجن المؤبد، وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.

كما نصت المادة 18 من قانون تنظيم زراعة الأعضاء البشرية، أن يعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه كل من أجرى أو ساعد في إجراء عمليه من عمليات النقل أو الزرع في غير المنشآت الطبية المرخص لها مع علمه بذلك، فإذا ترتب على الفعل وفاة المتبرع أو المتلقي تكون العقوبة السجن المؤبد.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *