“لا بد من خفض معدل الخصوبة حتى لا يتراجع نصيب الفرد في الخدمات الصحية والتعليمية”.. لم يكن تصريح رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، جديدا من نوعه، فقد تآزرت تصريحات المسئولين، ودعّمت هذا التوجه بقوة بمختلف الوسائل.
تصريح “جهاز الإحصاء” الذي انطلق على هامش مؤتمر الإعلان عن وصول سكان مصر إلى 100 مليون نسمة، أمس الثلاثاء، جاء تتويجا لجهود سابقة، تنوعت بين التوعوية والتثقيفية، أو المادية بملايين الدولارات.
وقال خيرت بركات، رئيس “جهاز الإحصاء”: “إن هناك حاجة ماسة لخفض معدل الخصوبة الحالي من 3.4 لكل سيدة في سن الإنجاب، ليصل إلى 2.1 مولود لكل سيدة، نزولا إلى 1.3 مولود لكل سيدة بحلول عام 2030، حتى لا يتراجع نصيب الفرد في الخدمات الصحية والتعليمية”.
خفض معدل الخصوبة
وأضاف بركات، في تصريحات صحفية على هامش المؤتمر: “أن الزيادة السكانية قضية قومية، لا بد لها من حشد ودعم سياسي من قِبَل جميع الوزارات والجهات المعنية، وإصدار قانون يحدد مسئوليات هذه الوزارات في تنفيذ سياسة الدولة بهذا الشأن”.
وشدد على ضرورة توفير الاستثمارات اللازمة للتوسع في تصنيع وسائل تنظيم الأسرة محليا، وتفعيل دور رجال الدين، لتصحيح المعتقدات الدينية الخاطئة، بشأن عملية تنظيم الأسرة.
وقال رئيس “جهاز الإحصاء”: “إنه في حالة استمرار معدلات النمو بمعدل الخصوبة الحالي 3.4 دون تدخل من الدولة، فسيصل عدد السكان في عام 2052 إلى نحو 192 مليون نسمة، أما في حالة خفض معدل الخصوبة إلى 2.1 مولود فسيصل عدد السكان إلى 143 مليون نسمة”.
وعن ذلك، أظهرت دراسة صادرة عن “الإحصاء”، أول الشهر الجاري، أن ارتفاع عدد السكان لأكثر من الضعف عام 2052 يستوجب وصول معدل النمو الاقتصادي ليبلغ نحو ثلاثة أضعاف معدلات النمو السكاني، من أجل المحافظة على المستويات الاقتصادية الحالية، وتجنب التأثير على مستوى المعيشة.
وبخصوص فكرة خفض معدل الخصوبة، فقد كانت مطروحة منذ سنوات، وظهر في مايو 2018 مشروع من وزارة الصحة والسكان، يوضح خطة الدولة نحو تطبيقها، وبدأت أولى الخطوات الحقيقية بقرض من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وأوضحت الوكالة، في بيان لها، أنها تقدم الدعم الفني والتدريب لوزارة الصحة والسكان، لتعزيز برنامج تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية، وسيُنفّذ هذا المشروع لمدة خمس سنوات، بميزانية تبلغ 19 مليون دولار، في تسع محافظات داخل صعيد مصر ومناطق بالقاهرة والإسكندرية.
وأوردت صحيفة “يو إس إيه توداي” عن شيري كارلين، مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قولها: “إنها تسعى مجددا لمساعدة مصر على تقليل مستوى الخصوبة، للسيطرة على الزيادة السكانية، مثلما حدث في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك”.
وتابعت في نقل كلامها: “نعرف أن برنامج المساعدات الأمريكية لتنظيم الأسرة أحدث تأثيرا هائلا في الماضي”، مشيرة إلى انخفاض مستوى الخصوبة من 5.8 إلى 3 في عهد مبارك.
قروض وأقراص
وأعلنت سعاد عبد المجيد، رئيس قطاع السكان وتنظيم الأسرة، أنه جرى التعاقد على شراء 50 ألف علبة متنوعة من وسيلة الأقراص الموضعية، تمثل إضافة جديدة لعيادات تنظيم الأسرة بوزارة الصحة.
وأوضحت، في تصريحات سابقة، أن هذه الوسائل مثل كبسولة “امبلانون نكست” الحديثة، والحقن الشهرية “ميزوسيبت”، ومن الوسائل طويلة المفعول “اللولب النحاسي”، وأن تلك الأقراص مدعمة بسعر 1.5 جنيه للشريط.
ليس ذلك فحسب، ففي الرابع من مارس الماضي، أعلنت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، تلقي منحة أوروبية، قدرها 540 مليون جنيه، مقدمة كمساعدات من الاتحاد الأوروبي، لتنفيذ مشروع “تعزيز إستراتيجية مصر القومية للسكان”، الذي يهدف إلى خفض معدل الخصوبة وتنظيم النسل.
وقال إيڤان سوركوش، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر: “إن مساهمة الاتحاد الأوروبي بما يفوق نصف مليار جنيه تأتي لضمان توفير خدمات ووسائل تنظيم الأسرة في مصر، من أجل الحد من الأُسر الكبيرة”.
2 كفاية
وعن تفاصيل باقي المشروع القومي، أعلنت وزارة الصحة والسكان، بدء تنفيذ مشروع خفض معدل الخصوبة في تسع محافظات داخل صعيد مصر ومناطق بالقاهرة والإسكندرية على مدار خمس سنوات، وبيّنت رئيس قطاع تنظيم الأسرة، أن البرنامج يسمى “تعزيز برنامج جمهورية مصر العربية لتنظيم الأسرة”.
وأضافت عبد المجيد: “أن البرنامج يعمل على محورين، الأول: تحسين جودة خدمات تنظيم الأسرة المقدمة للجمهور، والمحور الثاني تعزيز مجموعة من السلوكيات لدى الشعب المصري، لتعزيز مفهوم الأسرة الصغيرة.
وامتدادا له، أطلقت الحكومة، في فبراير الماضي، حملة لتنظيم الأسرة بعنوان “اثنين كفاية وعلى القد مكسب بجد” في محاولة لتغيير التقاليد في الريف المصري بشأن الأسر الكبيرة وسط زيادة كبيرة في عدد السكان.
وقالت راندا فارس، منسقة الحملة في وزارة التضامن المصرية: “التحدي الأساسي إن انتي بتغيري فكر، تغيير الفكر صعب، نواجه ندرة في موارد المياه… ندرة في الوظائف، خلق فرص العمل، نحن في حاجة للسيطرة بشكل فعلي على هذا النمو السكاني، حتى يشعر الناس بفوائد التنمية”.
مكافحة الإرهاب
لم يقف الأمر عند إنفاق ملايين الدولارات ونشر حملات توعوية بمفاهيم جديدة لاحتواء الزيادة السكانية وخفض معدل الخصوبة، بل وصل إلى تصريح مسئولين تنفيذيين وبرلمانيين بأن خطر الزيادة السكانية لا يقل خطورة عن خطر الإرهاب، ما يبرز حكم الاهتمام والمكافحة.
وتهدف رؤية مصر 2030 للوصول إلى 110 ملايين نسمة بحلول عام 2030، لينخفض الطلب على العمل إلى 1.5 مليون بدلا من 2.5 مليون، وتنخفض أعداد الطلاب بالمرحلة الابتدائية إلى 10 ملايين بدلا من 14 مليونا، وتوفير نحو 150 إلى 200 مليار جنيه للخزانة العامة للدولة، ممثلة في خدمات تعليمية، وصحية، وضمان اجتماعي، وخدمات أخرى.
أضف تعليق