ظاهرة انتشار الباعة الجائلين.. ما الأسباب والحلول؟

ظاهرة انتشار الباعة الجائلين.. ما الأسباب والحلول؟
مطالبات بضرورة البحث عن حلول جذرية لظاهرة الباعة الجائلين، بعد أن أثبتت الحملات الأمنية فشلها - مصر في يوم

تطالعنا الصحف بين الحين والآخر بأنباء عن حملات تشنها الجهات الأمنية هنا وهناك على الباعة الجائلين بالمحافظات المختلفة، لإزالة إشغالات الطرق والأرصفة.

ويتكرر مشهد هرولة الباعة الجائلين وإسراعهم في لملمة بضائعهم خوفا من مصادرتها، والتعرض للمساءلة القانونية من قبل أجهزة الأمن، بمجرد سماع صوت سيارات الشرطة أو تسرب أنباء عن حملة في الطريق.

فعلى سبيل المثال، شن مجلس مدينة مرسى مطروح مؤخرا، حملة ليلية مكبرة على الباعة الجائلين بعدة مناطق بالمدينة، بمشاركة شرطة المرافق والإدارات المعنية بمجلس المدينة، لإزالة إشغالات الطريق، وفقا لتصريحات اللواء وليد المعداوي رئيس مجلس مدينة مرسى مطروح.

ظاهرة انتشار الباعة الجائلين

وظاهرة انتشار الباعة الجائلين ليست بالجديدة على المجتمع، إذ تعود إلى حقبة الستينيات وربما قبلها، ويجرى التعامل معها من خلال ملاحقة الباعة الجائلين والتحفظ على بضائعهم وترحيل كل من لا يحمل بطاقة شخصية أو إقامته في غير القاهرة كل إلى محافظته.

وعلى الرغم من استمرار الحملات الأمنية وتوسعها، إلا أن ظاهرة انتشار الباعة الجائلين ازدادت منذ منتصف السبعينيات مع تزايد حدة البطالة، لتتحول إلى مشكلة تواجه كل المدن الكبرى من الإسكندرية إلى أسوان.

ومن جهتها، ترى هالة أبو السعد، عضو مجلس النواب، أن المواجهة الأمنية تعد علاجا خاطئا، إذ إنها تختفي لأيام، ثم تعود أكثر انتشارا وأكثر قوة، موضحة أنه لابد من تحديد الأسباب ومعالجتها.

ووفقا لإحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للمحاسبات في 2014، فإن مصر بها حوالي 5 ملايين بائع جائل، منهم 1.5 مليون في القاهرة الكبرى، و30% من الباعة نساء و15% أطفال يعولون أسرهم.

وبحسب المركزي، تقدر تجارة الشوارع والباعة الجائلين في مصر بحوالي 80 مليار جنيه سنويا، وتضم منطقة وسط البلد والموسكي وشارع بورسعيد والعتبة وشارع رمسيس ما يقرب من 600 ألف بائع متجول.

دراسة ميدانية

وكان اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية وتنمية الدخل، قد أعد دراسة ميدانية عام 2010، عن الباعة الجائلين شملت محافظات القاهرة والإسكندرية والمنيا وبورسعيد وتوصلت إلى نتائج هامة منها:

  • نسبة 68% من الباعة الجائلين تقل أعمارهم عن 40 سنة.
  • نسبة 30% يحملون مؤهلات متوسطة و3% يحملون مؤهلات جامعية.
  • نسبة 67% من الباعة يعولون أربعة أفراد في المتوسط.
  • نسبة 37% من الباعة وافدين من محافظات أخرى.
  • نسبة 90% من الباعة على استعداد للتحول للشرعية وتحمل أعباء تنظيم القطاع.
  • نسبة 26% من العينة دفعوا رشوة أكثر من مرة للبقاء في مواقعهم.

وفي سياق البحث عن أسباب انتشار الظاهرة، يرى عمرو دنانسة، رئيس مكتب مرافق بولاق أبو العلا سابقا، أن البطالة والفقر والحاجة أهم الأسباب، مقسما الباعة الجائلين إلى ثلاثة أنواع:

  • بائع لم ينل قسطا من التعليم.
  • بائع حصل على مؤهل عالٍ ولم يجد وظيفة تناسبه.
  • موظف لا يكفي راتبه لتوفير حياة كريمة لأسرته فيلجأ لهذه المهنة.

تقنين وطلبات إحاطة

ويستعد مجلس النواب خلال دور الانعقاد الحالي لمواجهة الظاهرة، من خلال طلبات الإحاطة للمسئولين ومشروعات قوانين لتنظيم عملهم، وتفعيل إجراءات للقضاء على الظاهرة.

وفي نوفمبر الماضي، أعلنت النائبة هالة أبو السعد، أنها تقدمت بمشروع قانون لتقنين عمل الباعة الجائلين، يتضمن إجراءات تنظيم عملهم بما يضمن حقوقهم، وفرض رقابة عليهم من قِبل الدولة، ولكن لم يجر البت فيه.

واعتبرت أن وجود الباعة الجائلين مهم، نظرا لأنهم يوفرون السلع لفئات عريضة من الشعب، بأسعار منخفضة عن نظيرتها في السوق بما يتناسب مع الطبقات الفقيرة، ولكن لا بد من تقنين أوضاعهم لحماية المجتمع.

وفي مايو الماضي، طالب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، الحكومة بـ”تعامل أكثر جدية للتصدي لانتشار ظاهرة الباعة الجائلين وغيرها من الظواهر السلبية في الشارع، خاصة العاصمة القاهرة”.

في كل مكان

ويتفق السجيني في أن حل مشكلة انتشار الباعة الجائلين يكون بتقنين أوضاعهم، بما يحفظ شكل الشارع المصري، وفي الوقت نفسه من دون قطع أرزاقهم، منوها إلى أن تشكيل المجالس المحلية، سوف يساعد الحكومة على مقاومة تلك الظاهرة.

وفي المقابل، تقدم عدد من النواب في نوفمبر الماضي بطلبات إحاطة بشأن انتشار الأسواق الشعبية بمحيط خطوط السكك الحديدية بمختلف المحافظات.

كما تقدمت إيمان خضر، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجه إلى طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، بسبب انتشار الباعة الجائلين أمام المدارس، ما يشكل خطرا كبيرا على صحة الطلاب، إذ تُعرض الأطعمة والمواد الغذائية التي لا يوجد عليها رقابة، ولا تصلح للاستخدام الآدمي، مثل مشتقات البطاطس، والعصائر مجهولة المصدر، وكلها منتجات “بير السلم” وفقا لها.

بينما قالت دار الإفتاء: إن إشغالات الطرق العامة، التي تقتطع من شوارع الناس ومرافقهم وأماكن تنقلاتهم وما يترفقون به، لا تجوز شرعا، لأنها اعتداء على حق الطريق، وجريمة في حق عامتهم ومجموعهم.

حلول جذرية

من جانبها، أشارت منى جاب الله، أمين سر لجنة الإدارة المحلية، إلى ضرورة البحث عن حلول جذرية لهذه الظاهرة، فالحملات الأمنية أثبتت فشلها في القضاء على ظاهرة الباعة الجائلين على مدى عقود مضت.

وبحسب النواب، فإن الحل يجب أن يكون على ثلاثة مستويات:

  • تشريعي: بتعديل القوانين المعمول بها منذ الأربعينيات والخمسينيات وإيجاد نظام مرن للتراخيص وشروط الحصول عليها وتجديدها والغرامات والتدريب اللازم للباعة الجائلين، مع تحديد المميزات التي يحصل عليها البائع كحقه في التأمين الاجتماعي والتأمين الصحي ورعايته اجتماعيا وثقافيا.
  • ميداني: بتشكيل لجنة على مستوى كل وحدة محلية تحدد مواقع الأسواق الثابتة والأسبوعية وتنظيم العمال بها ومراقبتها وبشرط تمثيل الباعة الجائلين ومنظماتهم في عضوية هذه اللجان.
  • حقوقي ونقابي: ويخص الباعة الجائلين أنفسهم بتكوين نقابات عمالية مستقلة وتعاونيات مستقلة وروابط اجتماعية وجمعيات تنظم صفوفهم وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *