قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، اليوم الأحد، بحظر تجسيد الأنبياء والصحابة في القنوات والسينما والمسرح، وبناء عليه قبلت الدعوى رقم 22262 لسنة 67 ق، المطالبة بوقف عرض مسلسل عمر بن الخطاب، الذي كان يذاع عبر إحدى الفضائيات عام 2012.
واستندت المحكمة في حيثيات حكمها إلى القرار الصادر من مجمع البحوث الإسلامية رقم 100 لسنة 1999، فيما تضمنه من حظر اشتمال أي عمل تمثيلي في المسرح أو السينما أو التلفاز على شخصيات دينية، موضحة أن القرار يعد إداريا نافذا صادرا عن السلطة المختصة بإصداره قانونا.
وكان المحامي حامد سالم، قد أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، في يونيو عام 2012، مطالبا بوقف بث مسلسل عمر بن الخطاب قبل عرضه خلال شهر رمضان الكريم، ووقف نشاط أي قناة فضائية تقوم ببث المسلسل، ليصدر الحكم اليوم بعد أكثر من سبع سنوات من إقامة الدعوى.
القضاء الإداري
وأوردت محكمة القضاء الإداري في أسباب حكمها بقبول دعوى وقف مسلسل عمر: “نظرا لما وقر في ذهن الجماعة المصرية والأمة الإسلامية من صورة ذهنية واسعة، من ناحية الشكل والحركات والمضمون، قائمة لكل فرد حول الشخصيات الدينية، التي لها من الإجلال والاحترام، في نفوس أفراد المجتمع …”.
وأضافت المحكمة بخصوص تجسيد الأنبياء والصحابة: “فلا يجوز بحال من الأحوال أن تقع أسيرة رؤية فنية، يفرضها الكاتب، ويشخصها الممثل تشخيصا لا محالة يخالف الحقيقة، لأن الممثل يؤدي حركاتها وإيماءاتها وأسلوبها بما وقر في ذهنه الشخصي عن الشخصية الدينية محل التشخيص، ويجسد مضمونها بما وقر في ذهن الكاتب”.
وتابعت: “وهو حتما يغاير تخيل المتلقي لهذه الشخصيات والصورة الذهنية القائمة عنده حولها، ويستبدلها بصورة فنية مقدمة إليه، مما يكون له أثر بالغ في تغيير صورة الشخصيات، وفرض رؤية الكاتب والممثل فرضا، فيشكك البعض في عقائدهم ويهون في نفوسهم الإجلال والتقدير، وتهبط إلى ساحة الجدل والمناقشة والنقد- بين عامة الناس- غير القائم على أسس علمية ودينية”.
واختتمت المحكمة حيثيات حكمها: “فيؤدي إلى خلق طوائف ونشوب خصام وجدال، وفتنة، ومفاسد يجب درؤها، فضلا عن ذلك فإن عمل الصحابي- صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم- يعد من المصادر الفقهية المختلف عليها بين الفقهاء، مما يعد معه العمل التمثيلي لهم مثارا لخلاف وجدال، لا طائل من ورائه سوى الفرقة والانقسام”.
بين “الإفتاء” والأزهر
وفي سياق حكم القضاء الإداري بوقف مسلسل عمر، أثارت فتوى دار الإفتاء المصرية، في يناير الماضي، عن تجسيد الصحابة وأمهات المؤمنين في الأعمال الدرامية حالة من الجدل حول القضية الفقهية.
وقالت دار الإفتاء عبر صفحتها على فيسبوك: “إذا أُظهِرُوا بشكل يناسب مقامهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم خيرة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين فلا مانع من تمثيلهم إذا كان الهدف من ذلك نبيلا”.
وشددت على الالتزام بخمسة ضوابط هي: “الالتزام باعتقاد أهل السنة فيهم، من حبهم جميعا بلا إفراط أو تفريط”، و”نقل سيرتهم الصحيحة كما هي، وعدم التلاعب فيها” و”التأكيد على حرمة جميع الصحابة، لشرف صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتوقير والاحترام لشخصياتهم، وعدم إظهارهم في صورة ممتهنة، أو الطعن فيهم والاستخفاف بهم والتقليل من شأنهم”، و”الاعتماد على الروايات الدقيقة وتجنب الروايات الموضوعة والمكذوبة”، و”تجنب إثارة الفتنة والفرقة بين الأمة الإسلامية”.
وأكدت أنه “يُستَثْنَى من هذا الحكم: العشرة المبشرون بالجنة، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وآل البيت الكرام، فلا يجوز تمثيلهم”.
يأتي ذلك رغم أنه في 30 يونيو 1999، أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بعهد شيخ الأزهر السابق جاد الحق على جاد الحق، بحرمة تجسيد الأنبياء والصحابة قائلا: إن “عصمة الله لأنبيائه ورسله من أن يتمثل بهم شيطان، مانعة من أن يمثل شخصياتهم إنسان ويمتد ذلك إلى أصولهم وفروعهم”.
أضف تعليق