تحلية مياه البحر.. هل تكفي لمواجهة أزمة سد النهضة؟

تحلية مياه البحر
التكلفة العالية لمحطات تحلية مياه البحر تجعل استخدامها يقتصر على مياه الشرب فقط - مصر في يوم

يبدو أن التوسع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر، رغم تكلفتها العالية، سيتصدر الحلول المطروحة لمواجهة أزمة نقص المياه في مصر، بعد إعلان مصر الرسمي فشل مفاوضات سد النهضة.

إذ أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قرارا اليوم، بشأن الموافقة على اتفاقية قرض مشروع إنشاء أربع محطات تحلية مياه البحر في جنوب سيناء.

ونص القرار، الذي حمل رقم رقم 83 لسنة 2019، على الموافقة على اتفاقية قرض مشروع إنشاء أربع محطات تحلية مياه البحر في جنوب سيناء، بين الحكومة المصرية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، بمبلغ 15 مليون دينار كويتي الموقعة في شرم الشيخ، بتاريخ 8 ديسمبر 2018، وذلك مع التحفظ بشرط التصديق.

محطات تحلية مياه البحر

وكان المركز القومي للبحوث، توقع في يناير الماضي أن يكون هناك نوع من الشح المائي في مصر، حال استمرار تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، مطالبا بإعداد خطة علميّة، لمواجهة خطر تعرض مصر إلى الشح المائي.

ويبدو أنه بات على مصر المُضِي قدما في إعداد خطة لمواجهة نقص المياه، في ظل ما أعلنته وزارة الري والموارد المائية قبل أيام بشأن فشل المفاوضات، إذ أصدرت بيانا أوضحت فيه تعثر مفاوضات سد النهضة، التي يقودها وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، بسبب رفض إثيوبيا مناقشة الطرح الذي سبق ‎وأن قدمته مصر.

ومن جهته، وصف سامح شكري، وزير الخارجية، تعثّر مفاوضات سد النهضة، وعدم تناول القضايا الفنية، في ظل وجود وزراء ري الدول الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) بأنه أمر يثير الاستغراب.

ويؤكد تعاطي القائمين عن الملف أن فشل المفاوضات بات أمرا واقعا، ما يعني أن على مصر أن تبحث عن بديل لما ستفقده من حصتها في مياه نهر النيل إزاء إصرار إثيوبيا على رفض التفاوض دون نقاش، ليصبح التعبير الواقعي الوحيد أن “اللي مش عاجبه يشرب من البحر”.

وكان محمد هاشم، رئيس المركز القومي للبحوث، قد صرّح في يناير الماضي، بأنه جارٍ العمل لمواجهة خطر الشح المائي المتوقع حال استمرار تعثر مفاوضات سد النهضة، عبر أكثر من محور، من خلال أكثر من 35 مشروعا بحثيّا، منها:

  • التوسع في تحلية مياه البحر، عبر إنتاج أغشية التحلية.
  • إعادة استخدام الصرفين: الصحي والزراعي.
  • العمل على استنباط أنماط جديدة من المزروعات، التي يمكنها تحمّل قلة المياه.

وعن جدوى التوسع في إنشاء محطات تحلية مياه البحر لحل الأزمة، يرى الدكتور حسام شوقي، مدير مركز التميز لتحلية المياه بمركز بحوث الصحراء، أنها فكرة مجدية، غير أنها تواجه معوقات عديدة، منها:

  • التكلفة العالية التي يجعل استخدامها يقتصر على مياه الشرب فقط، كونها غير اقتصادية في الزراعة أو الصناعة، إذ تصل تكلفة المتر المكعب بعد التحلية إلى 17 جنيها، شاملة تكلفة التشغيل والتصنيع، بخلاف التوصيل، والعائد الاقتصادي من الزراعة بالمياه المحلاة لن يعادل تكلفتها التي يزيد سعرها على مياه الشرب العادية.
  • إقامة محطة تحلية للمياه تحتاج إلى ثلاث سنوات من الإنشاء والتجهيز.
  • تكلفة الصيانة المرتفعة التي لا بد أن تُجرى كل ثلاث سنوات للمحطة من خلال تغيير الفلاتر وصيانة المواتير، وكل ما يلزم تغييره، وإلا توقفت المحطة عن العمل.

لن تحل الأزمة

ولفت شوقي إلى أن حجم استهلاك المصريين لمياه الشرب يصل إلى 25 مليون متر مكعب يوميا، ورغم التوسع في إنشاء محطات التحلية على مدار السنوات الماضية، فإن مصر لا تنتج منها مياه محلاة أكثر من 1% وتستهدف الوصول إلى 2.7 مليون مترا مكعبا يوميا في 2037.

وتمتلك مصر حاليا 47 محطة تحلية، أغلبها في محافظات: مرسى مطروح، والبحر الأحمر، وشمال سيناء، وجنوب سيناء، تنتج ما يقرب من 254 ألف متر مكعب يوميا.

وقال شوقي من خلال الأرقام: “إن محطات التحلية لن تحل الأزمة المتوقعة في مياه الري على الإطلاق”، موضحا أن مصر تعاني عجزا مائيا، يقدر بعشرين مليار متر مكعب سنويا، إذ تحتاج إلى 100 مليار متر مكعب، وإجمالي المتاح في حدود 80 مليار متر مكعب، من خلال حصة مياه نهر النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، والباقي من مصادر المياه الجوفية والأمطار والصرف الزراعي المعالجة.

وبحسب شوقي، تحتاج الزراعة 80% من مياه النيل، في حين يذهب 20% إلى الصناعة ومياه الشرب، إذ تستهلك الصناعة نحو 10.7 مليارات متر مكعب، فيما تستحوذ مياه الشرب على الباقي، ويقدر بنحو 13.5 مليار متر مكعب من المياه.

وتأتي 88% من مياه الشرب من النيل، وهناك 11% من المياه الجوفية، و1% الباقية من مياه الشرب تأتي من التحلية.

وحذّر خبراء في مجال المياه والري من تكلفة توفير المياه بتحلية مياه البحر، بسبب الأزمة الاقتصادية، واعتماد مصر على الديون الداخلية والخارجية.

وكشف نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، عن أن تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد لن تقل عن عشرة جنيهات، وعشرة جنيهات أخرى تكلفة التوصيل وتركيب المواسير، إذن التكلفة ستزيد على 20 جنيها للمتر الواحد.

حلول أخرى

وبخلاف محطات تحلية مياه البحر، طالب خالد أبو زيد، رئيس الشراكة المائية المصرية الدولة بالاتجاه للحفاظ على الموارد الحالية، وإيجاد حلول مجدية، مثل: معالجة مياه الصرف الصحي، حتى يمكن إعادة تدويرها لأغراض الزراعة.

ولكن حلول الحكومة اقتصرت على حملات ضد زراعة الأرز في المناطق التي حُظِر فيها زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، خلال العام الجاري، وفرض غرامات مشدّدة، واعتقال المخالفين، للتأكد من وجود 750 ألف فدان فقط من الأراضي المزروعة بالأرز، وهو ما يقلّ عن نصف المساحة المقدّرة العام الماضي.

وتعود بداية أزمة سد النهضة إلى يونيو 2014، إذ دارت عشرات المفاوضات بين مصر وإثيوبيا، لم يسفر أحدها عن شيء، سوى تصريحات متكررة بتعثّر المفاوضات.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *