مفاوضات سد النهضة.. “جيم أوفر” أم هناك بدائل؟

مفوضات سد النهضة
مفاوضات سد النهضة.. "جيم أوفر" أم هناك بدائل - مصر في يوم

بعد يومين فقط من إشارة الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الوطني الثامن للشباب إلى أن سد النهضة ما كان ليُبنى لولا ثورة يناير 2011، أصدرت وزارة الموارد المائية والري بيانا، أوضحت فيه تعثر مفاوضات سد النهضة التي يقودها وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، بسبب رفض إثيوبيا مناقشة الطرح الذي سبق ‎وأن قدمته مصر للبلدين بخصوص قواعد الملء والتشغيل.

ورغم تعثّر مفاوضات سد النهضة، فإنها لم تتطرّق إلى الجوانب الفنية التي يبدو وكأنها أصبحت أمرا واقعا، إذ اقتصرت على الجوانب الإجرائية، ما يُثير تساؤلا، وهو هل يعني هذا أن المفاوضات أصبحت “جيم أوفر”؟ وهل تملك مصر أي بدائل أو خيارات للتعامل مستقبلا مع هذا الملف؟

مفاوضات سد النهضة

وفي بيان رسمي، أمس الاثنين، أعلنت مصر تعثّر مفاوضات سد النهضة، عقب انتهاء اجتماع وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا، الذي عُقد في القاهرة.

وذكرت وزارة الري المصرية، تفاصيل الاجتماع، وسبب تعثر المفاوضات، وقالت: “إنه عُقِدَ يومي 15 و16 سبتمبر بالقاهرة اجتماع لوزراء المياه، وبحضور الوفود المكونة من أعضاء اللجان الفنية والبحثية والمختصين في مصر وإثيوبيا والسودان”.

وذكرت وزارة الري أنه على ضوء هذا التعثر، تقرر عقد اجتماع عاجل للمجموعة العلمية المستقلة في الخرطوم خلال الفترة من 30 سبتمبر إلى 3 أكتوبر 2019، لبحث المقترح المصري لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وكذلك مقترحات إثيوبيا والسودان.

وأضافت: “أنه سيعقب ذلك مباشرة اجتماع لوزراء المياه بالدول الثلاث يومي 4 و5 أكتوبر المقبلين، لإقرار مواضع الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة”.

ويُعد سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا قضية حياة أو موت، وقال الرئيس السيسي: “إن إثيوبيا وضعت عام 2011 حجر الأساس للسد”، بوصفه أكبر مشروع قومي لإنتاج الكهرباء في إفريقيا، سيوفر لها -ليس فقط – حاجتها من الطاقة، للخروج من الفقر المدقع، وإنما ما يكفي أيضا التصدير إلى الدول الأخرى، كما سيعطيها نفوذا سياسيا فوق نفوذها في منطقة القرن الإفريقي.

ويقدر البنك الدولي أن إثيوبيا قد تحصل على مليار دولار سنويا من تصدير الكهرباء بحلول عام 2023، ومن بين الفوائد المتوقعة الأخرى لسد النهضة هو التدفق المستمر للمياه خلال موسم الجفاف، وعند حدوث فيضانات أقل في موسم الأمطار، وأن ينخفض استيراد إثيوبيا للنفط.

وخلق السد فرص عمل لأكثر من 10 آلاف شخص، كما شجعت عملية تعبئة الموارد ثقافة الادخار، فارتفع معدل الادخار الوطني من 9.5% إلى 22% خلال خمس سنوات، وسيخلق خزان السد الضخم، الذي يحوي 75 مليار متر مكعب من المياه بحيرة صناعية تفتح إمكانات هائلة للتنمية الزراعية والصيد والسياحة.

مخاطر سد النهضة

في المقابل، سيترتب على بناء السد آثارا سيئة على مصر، ليس أقلها المخاطر المروعة حال انهياره، ونقص حصتها من المياه والجفاف، وخاصة أنه من المتوقع أن يحجز السد 74 مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعادل تقريبا حصتيْ مصر والسودان السنوية من مياه النيل.

ويرتكز معظم الخلاف بين الجانبين الإثيوبي والمصري حول طريقة وتوقيت ملء البحيرة، إذ تقول مصر: “إن حجز المياه سيحرمها من 60% من حصتها القادمة من نهر النيل الأزرق، بينما تحتاج أصلا إلى رفع حصتها لسد احتياجاتها المتنامية لتوليد الكهرباء والاستخدام الزراعي”.

من جهته، حذّر محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، من أن سد النهضة الإثيوبي قد يخفّض حصة مصر من المياه، مما يهدد ببوار 200 ألف فدان، وحدوث مشكلات لما يوازي مليون أسرة تقريبا.

أما خبير السدود المصري، محمد حافظ، فأطلق على تصميم السد اسم: التصميم العدائي، مبينا أنه لم يتضمن فتحات تصريف أسفله تسمح بتدفق المياه، بل بُنِي كما لو أنه في دولة مصب.

كما أظهرت العديد من الدراسات المصرية، أن بناء السد سيكون له آثار كارثية على مصر، منها:

  • تبوير نحو 60% من الأراضي الزراعية، وتشريد نحو ستة ملايين فلاح مصري.
  • خفض حصة مصر من المياه بكمية تتراوح من 9 إلى 12 مليار متر مكعب سنويا.
  • انخفاض مستوى المياه في بحيرة ناصر بنحو 15 مترا، وهو ما يؤدي إلى خفض الطاقة الكهرومائية من السد العالي.

اما موقف السودان المساند لإثيوبيا، فيرجع وفق خبراء، إلى أنه سيحصل على عدد من المكتسبات من سد النهضة، تتجاوز خسائره المحتملة حال الانهيار، منها:

  • الحصول على حوالي 300 ميجاوات من الكهرباء.
  • تطور الاقتصاد السوداني بارتفاع حجم التجارة بين البلدين.
  • زيادة المساحات الزراعية المروية من النيل، يملك 44 مليون فدان، منها 4 ملايين فقط تروى من النيل.
  • منع الفيضانات المدمرة.
  • الاستغلال الأمثل لحصة السودان من مياه النيل الأزرق، والبالغة 18.5 مليار متر مكعب.
  • حجز الطمي، واستقرار معدل انسياب المياه.

في المقابل قال خبراء: “إن عملية البطء المتعمد في المفاوضات، وتعيين بيت الخبرة، ثم التسويف في توقيع العقد مع بيتي الخبرة الفرنسي والهولندي، بغرض تأخر الدراسات المطلوبة، أفضت إلى شيء واحد فقط، وهو سياسة فرض الأمر الواقع الإثيوبي وبإرادة منفردة”.

فإذا جرى إنجاز بناء السد، فسيستحيل عمليا إدخال أي تعديلات تقرها الدراسات المزمع إجراؤها، وعندئذ يصبح السد حقيقة واقعة، وتكون مصر أمام خطر داهم، وليس أمامها سوى الحديث عن زيادة المدة الزمنية لملء السد.

عمر الطيب

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *