بعد قرار يهدد معاصر البذور.. ما مصير صناعة القطن في مصر؟

بعد قرار يهدد معاصر البذور.. ما مصير صناعة القطن في مصر؟
العديد من مصانع النسيج مغلقة والمصانع الأخرى تعمل بطاقة إنتاجية لا تتعدى 30% - مصر في يوم

لم تلبث صناعة القطن في مصر أن لحقت بزراعته، فأشبهتها حالا، في إهمال مزارعيها، وذلك بعد تراجع الصادرات بعد أن كانت مصر في مقدمة دول العالم تصديرا، فأصبحت مصانع الغزل والنسيج تستورد القطن من الخارج لتصنيعه.

فعلى المستوى المحلي، ناشد حسين عبدالرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين، وزير الزراعة بمراجعة قرار رقم 778 لسنة 2019، إذ إنه يهدد بإغلاق المعاصر الأهلية، وذلك بعدما تقدم أصحابها بشكوى للنقابة لتضررهم من عواقب القرار.

وأوضح أبو صدام في خطاب للوزير، أمس الاثنين، أن القرار يهدد عددا كبيرا من أصحاب المعاصر الأهلية التي تضم أكثر من ألف معصرة على مستوى الجمهورية، ويعمل بها أكثر من 37 ألف عامل.

وأضاف نقيب الفلاحين أن القرار سوف يتسبب فى تشريد أصحاب هذه المعاصر والعاملين بها، مما يفتح الباب على مصراعيه لزيادة معدل البطالة، وارتفاع الجرائم.

حال صناعة القطن

وكشف أبو صدام، أن قرار الوزير يسمح للمحالج باستخدام الآلات المناسبة لعلاج بذرة القطن بواسطة المركبات الكيميائية لإبادة ديدان اللوز، وهو ما يثير القلق والخوف من تلوث الكسبة التي تنتج من العصر وتستخدم فى إنتاج الأعلاف.

ولفت إلى أن القرار يلزم هذه المحالج بإنشاء معاصر داخلها لعصر البذور ولا يسمح على الإطلاق بانتقال البذور خارج المحالج بدون عصر، مما يضر بأصحاب المعاصر الأهلية ويهدد بإغلاقها.

من جانبه، قال علي السيد نعيم، رئيس العاملين بمصنع الغزل والنسيج: إن “هناك فجوة بين ما تنتجه مصر من القطن، وبين ما تحتاجه المصانع على أرض الواقع بنسبة كبيرة، خاصة أن معظم المصانع تحتاج قطنا قصير التيلة، بينما نزرع في مصر قطنا طويل التيلة، لذلك تتجه مصانع الغزل إلى الاستيراد من الخارج”.

وأضاف نعيم، في تصريحات صحفية، آخر أكتوبر الماضي: “مصانع الغزل والنسيج تشتغل جميعها بالقطن قصير التيلة، وهو قطن الصعيد، بينما قطن جيزة 86 و94 و92 طويل التيلة نقوم بتصديره، ومصر تستورد القطن قصير التيلة وتصل قيمة القنطار المستورد 2100 جنيه”.

وكشف نعيم عن أن القطن المستورد “به نسبة تهدير عالية، وطالبنا بتطوير الماكينات حتى يتوافق مع القطن الذي ننتجه، إلا أنه لا يوجد تطوير رغم أننا سنحقق نجاحا كبيرا، إذا قمنا بتطوير الماكينات”.

خطة جديدة

ورغم ما يظهر على المستوى المحلي من عناء ومعاناة في صناعة القطن بمصر، قال أحمد مصطفى، رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج: إن مصر تتجه من توريد القطن إلى صناعة منتجات قطنية عالية الجودة وتصديرها.

وأضاف مصطفى، خلال استضافته ببرنامج “مساء dmc” في 9 من الشهر الجاري، أنه “بدل تصدير القطن للخارج خام وبعدين العملاء يرجعوا يصدروهولنا تاني في صورة منسوجات بأسعار عالية فلازم نصنعه وبعدين نصدره”.

وحول أزمة لها أثر كبير في صناعة القطن في مصر، كشف رئيس الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج أن “الماكينات الموجودة حاليا قديمة”، وأنهم يعملون على شراء ماكينات جديدة لإنتاج قطن مصري عالي الجودة ينافس في الأسواق العالمية.

وتابع مصطفى أن “هناك ماكينات هتطلع خالص من الخدمة ستباع خردة، وأخرى حديثة إلى حد ما هيحصلها تحديث، والباقي هييجي من الخارج من أفضل موردين على مستوى العالم”.

صناعة الغزل والنسيج

وفي نتيجة حتمية لتدهور صناعة القطن المصري، قال مجدي طلبة، نائب رئيس المجلس الأعلى لصناعة النسيج: إن تدهور الصناعة بدأ منذ الخمسينيات، على الرغم من بداية الازدهار من عام 2005 وحتى 2011 عند قيام ثورة يناير.

وأوضح طلبة، في تصريحات صحفية، نوفمبر الماضي، أنه في عام 2005 بدأ النمو في ناتج الصناعة، ووصل إلى أكثر من 30%؜، إلا أنه بعد الأحداث التي مرت بها البلاد وتعويم الجنيه تدهورت الصناعة ولم تستفد من التعويم.

وأضاف طلبة، أن تعويم الجنيه أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الخام وتكلفة الأيدي العاملة ومصاريف النقل الناتج عن ارتفاع أسعار البنزين، وأنه توجد العديد من مصانع النسيج مغلقة، والمصانع الأخرى تعمل بطاقة إنتاجية لا تتعدى 30%؜.

وأكد نائب رئيس المجلس الأعلى لصناعة النسيج، أن وضع صناعة النسيج في غاية السوء وتعاني من نقص في العمالة المدربة، منوها أنه لا يوجد تمويل لقطاع النسيج، والبنوك ترفض التمويل لأنها صناعة عالية المصروفات.

وحول منافسة المنتجات العالمية، لفت طلبة إلى أن الصناعة لا تزال تعاني من البيروقراطية في إجراءات النهوض بها، وأنها مازالت تقليدية غير مطورة ولا تستطيع أن تنافس في السوق العالمية، ولا توجد أراضٍ مخصصة للصناعة جاهزة المرافق أو بأسعار مخفضة، متابعا أن الصناعة تحتاج إلى مدخلات مستوردة من 50 إلى 60%.؜

القطن في أرقام

بينما قال المستشار حمدي أبو العينين، رئيس جمعية رجال الأعمال لأصحاب مصانع الغزل والنسيج، أواخر نوفمبر الماضي، إنه في الخمسينيات كنّا نزرع 2 مليون فدان من القطن، وفى السنوات الأخيرة الماضية وصلنا إلى 127 ألف فدان، وحاليا نقوم بزراعة 336 ألف فدان.

وفي 2 من الشهر الجاري، أظهر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في النشرة ربع السنوية للقطن للربع الثالث للموسم الزراعي (مارس/ مايو ) 2018 / 2019، انخفاض كمية المستهلك من الأقطان المحلية بنسبة 3%، حيث بلغت 38 ألف قنطار متري مقابل 39.2 ألف قنطار متري خلال فترة المقارنة، وذلك لتوقف بعض مصانع الغزل عن الإنتاج.

وفي 18 من الشهر الماضي، عقد مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا مع هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، لمناقشة خطة الوزارة للنهوض بصناعة الغزل والنسيج بتكلفة نحو 21 مليار جنيه.

وأكد رئيس الوزراء في الاجتماع، أنه جرى التحرك في المسارات كافة من أجل تسوية مديونية شركة الغزل والنسيج لصالح بنك الاستثمار القومي بإجمالي 10.4 مليارات جنيه.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *