البرلمان يوافق على قانون التمويل الاستهلاكي.. هل يحمي الفقراء؟

البرلمان يوافق على قانون التمويل الاستهلاكي.. هل يحمي الفقراء؟
مشروع قانون تنظيم نشاط البيع بالتقسيط، وتقنينه تحت اسم "التمويل الاستهلاكي"- مصر في يوم

“التمويل الاستهلاكي” تدني الدخل أمام تلاحق موجات الغلاء واستمرار ارتفاع الأسعار، كلمة السر وراء توسّع المصريين في اللجوء إلى شراء غالبية احتياجاتهم الأساسية بطريقة التمويل الاستهلاكي، “الشراء بالتقسيط” الذي امتد ليشمل جميع ضروريات الحياة، بدءا من الأجهزة الكهربائية والمنزلية والملابس وصولا إلى حلوى المولد وكعك العيد.

وتغالي كثير من شركات التمويل الاستهلاكي – وخاصة التي تعمل بعيدا عن القطاع المصرفي – في وضع هامش ربح كبير على ثمن السلعة “فائدة” حتى أن بعض السلع تُباع بضعف ثمنها مقابل تقسيط السداد، ويجد المواطن نفسه مضطرا للشراء لعجز دخله عن الوفاء باحتياجات أسرته الضرورية.

التمويل الاستهلاكي

وقال محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية: “إن نشاط البيع بالتقسيط يُعد نشاط مالي غير منظم، يُجرى خارج القطاع المصرفي، ولا يخضع لتنظيم قانون متكامل، ويُجرى عبر آليات غير رسمية، تُضيّع على الاقتصاد القومي مزايا كثيرة، إذ يبلغ حجمه ما يزيد على 70  مليار جنيه سنويا، وفقا للتقديرات الحديثة”.

وأضاف: “أن بعضه يُجرى من خلال ممارسات عرفية تفتقر إلى الأسس القانونية بما تعجز جهات الدولة عن حماية المستهلكين”.

وفي السياق، أعلنت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أمس موافقتها – من حيث المبدأ – على مشروع قانون تنظيم نشاط البيع بالتقسيط، وتقنينه تحت اسم “التمويل الاستهلاكي”.

وبحسب رئيس هيئة الرقابة المالية، يشتمل القانون الذي سبق ووافقت عليه الحكومة على 30 مادة، وأن أهم ما تضمنته هذه المواد، قصر مزاولة نشاط التمويل الاستهلاكي على الشركات المرخص لها من هيئة الرقابة المالية والمدونة.

كما لا بدّ من استيفاء الشروط التي يضعها مجلس إدارة الهيئة، وفي مقدمتها:

  • أن تتخذ شكل شركة مساهمة.
  • ألا يقل رأس مالها المُصدّر والمدفوع عن الحد الذي قرره مجلس إدارة الهيئة (ألا يقل عن عشرة ملايين جنيه مصري).
  • أن يكون من ضمن مؤسسي الشركة أشخاصا اعتبارية بنسبة لا تقل عن 50% من رأس مال الشركة.
  • ألا تقل نسبة مساهمة المؤسسات المالية عن 25% من رأس مال الشركة.
  • موافقة الهيئة على تعيين شاغلي مناصب العضو المنتدب والمدير المالي في الشركة وفقا لشروط تحددها.
  • أن يقتصر عمل الشركة على نشاط التمويل الاستهلاكي فقط.

شروط التعاقد

وأوضح عمران أن القانون ألزم الشركات بإبرام عقد للشراء بطريقة التمويل الاستهلاكي بينها وبين عملائها وفقا للنموذج الذي تضعه الهيئة، متضمنا عددا من النقاط، أهمها:

  • تحديد السلع أو الخدمات محل التمويل تحديدا نافيا للجهالة.
  • الإفصاح عن سعر السلع عند الشراء، وما يدفعه عميل التمويل منه وقت إبرام التعاقد.
  • تحديد مبلغ التمويل المقدم من الشركة والمدة الزمنية للسداد، وعدد أقساط السداد وقيمة كل منها.
  • الإعلان عن سعر العائد المتخذ أساسا لحساب قيمة التمويل، وما إذا كان ثابتا أم متغيرا.
  • بيان بالضمانات التي حصلت عليها شركة التمويل.
  • إقرار العميل بالتصريح لشركة التمويل بالإفصاح عن بيانات التمويل إلى الهيئة وشركات الاستعلام الائتماني.
  • أن يتضمن العقد حق الشركة في بيع أو خصم الديون المستحقة لها.

بنود قانونية

  • تحديد الجهات القضائية المختصة بنظر المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق أحكام القانون المرافق.
  • منح الشركات المزاولة لنشاط التمويل الاستهلاكي مدة محددة لتوفيق أوضاع.
  • تحديد الرسوم المستحقة لمنح الترخيص بمعرفة الهيئة العامة للرقابة المالية.
  •  إنشاء الاتحاد المصري للجهات العاملة في مجال التمويل الاستهلاكي.
  • يشمل التمويل من خلال بطاقات المدفوعات التجارية أو أنظمة المدفوعات.
  • هذا القانون سيصبح نافذا بعد اقراره من قبل البرلمان.

أهداف القانون

وبحسب عمران، فإن القانون يستهدف بالأساس:

  • تحقيق الاستقرار والشفافية بين المتعاملين في هذا النشاط.
  • حماية المستهلكين من الممارسات الضارة.
  • إتاحة الفرصة للقطاع العائلي، لزيادة قدرته على شراء المنتجات، بما يحقق العدالة الاجتماعية.
  • تحسين السياسات المالية والنقدية بما يعزز الاقتصاد القومي.

ووصف نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، مشروع قانون التمويل الاستهلاكي بأنه الأول من نوعه في مصر.

تخوفات

وأضاف متحدث الوزراء في تصريحات تلفزيونية: “أن التمويل الاستهلاكي هو نموذج التمويل العقاري نفسه، لكن للسلع الاستهلاكية”، موضحا أنه “يتيح للمستهلك الحصول على قرض لشراء أي سلعة استهلاكية بفائدة محددة، ما قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوب بها إذا ما لم يُجرَ اتخاذ الضوابط اللازمة، وكذلك تقديم التوعية المجتمعية اللازمة”، بحسب تعبيره.

وعلى الصعيد، يرى وليد حسونة، الرئيس التنفيذي للمجموعة المالية فاينانس، أن قانون التمويل الاستهلاكي لن يشكّل حماية للمستهلك بقدر ما يفرض قيودا ورسوما على الشركات لصالح الدولة، إذ إن الضمانات المطلوب استيفاؤها من المستهلك التي تعرضه لعقوبة الحبس حال عجزه عن السداد لم تتغير، وأن ما تغيّر فقط هو الآلية والشكل القانوني لها.

كما يرى أن المواطن سيظل مضطرا للموافقة على الشروط ما دامت بقيت أحواله المعيشية والاقتصادية على وضعها الحالي.

120 ألف “غارم”

وقال محمود خطاب، العضو المنتدب لشركة بي تك: “إن مسودة قانون التمويل الاستهلاكي فرّقت بين شركات التمويل الاستهلاكي، وشركات البيع بالتقسيط”، مضيفا أن التمويل الاستهلاكي متواجد في مصر منذ الأربعينات.

وأضاف: “أن القانون هدفه الأساسي إدخال جزء من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، بحسب تصريح عمران، ولا يسهم في التخفيف عن المستهلك أو الحد من ظاهرة الغارمين”.

وسبق أن وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 17 مايو 2017، خلال المؤتمر الدوري للشباب، إلى ضرورة حصر الاقتصاد غير الرسمي ودمجه، مؤكّدا أن الدولة وضعت خطة مكتملة الأركان لمواجهة المشكلة، وإيجاد حل نهائي لها.

وتؤكد إحصائية حديثة لوزارة التضامن الاجتماعي أن 120 ألف غارم يقبعون في السجون، منهم نحو 30 ألف سجينة من الغارمات، حُكِمَ عليهن بالحبس، لتعثرهن في سداد إيصالات أمانة، بسبب لجوئهن لشراء سلع بالتقسيط، وعجزهن عن السداد.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *