بعد تعليق إنتاج “أسمنت طرة”.. تحديات تواجه الصناعة في مصر

بعد تعليق إنتاج "أسمنت طرة".. تحديات تواجه صناعة الأسمنت
الديون المتراكمة على الشركة بلغت 800 مليون جنيه مصري، وإدارتها تدرس التصفية- مصر في يوم

يواجه قطاع الأسمنت في مصر أزمات كبيرة وتحديات كثيرة، خاصة في الفترة الأخيرة، تجسدت البداية في بيع شركة القومية للأسمنت المملوكة للدولة بعد تكبدها خسائر كثيرة، فيما كانت شركة أسمنت طرة أحدث الشركات التي واجهت مشكلات في ظل توقعات الخبراء بالمزيد.

وفاجأت شركة أسمنت طرة المتابعين بإعلان تعليق إنتاجها، بسبب أزمة مالية ناجمة عن زيادة المعروض في السوق المحلية، وأضافت الشركة العريقة أنها تدرس تصفية أعمالها.

وتعتبر شركة أسمنت طرة أقدم شركة أسمنت مصرية، إذ تأسست في 1927، وبدأت نشاط مصنعها الإنتاجي عام 1929، وتتكون الشركة من تسعة خطوط إنتاج، وتمتلك أقدم محجر للحجر الجيري، والذي جرى استخدامه في إنتاج أحجار الأهرامات الثلاثة، وكانت شركة السويس للأسمنت تمتلك نحو 66.12% من الشركة، وهي مملوكة حاليا لشركة هايدلبرج الألمانية للأسمنت.

أسمنت طرة

وبحسب خوسيه ماريا ماجرينا، العضو المنتدب لشركة أسمنت طرة، تشير التقديرات إلى وصول حجم استهلاك الأسمنت بنهاية عام 2019 إلى 50 مليون طن، مقابل الطاقة الإنتاجية لجميع شركات الأسمنت في مصر التي تزيد على 85 مليون طن.

وعلق ماجرينا على الفائض في الإنتاج بأنه أكثر من إجمالي الاستهلاك السنوي لدولة مثل إيطاليا أو إسبانيا أو المغرب أو جنوب إفريقيا.

وأضاف العضو المنتدب في خطاب أرسله لموظفيه، أن الديون المتراكمة على الشركة بلغت 800 مليون جنيه مصري، وأن إدارتها تدرس الآن التصفية النهائية.

فيما أكد موظف خدمة العملاء أن المصنع متوقف عن الإنتاج، بل وجرى إغلاقه ولا يوجد به أي عمال حاليا.

شركات الأسمنت

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع شركة أسمنت طرة الذي أعلن توقفه مؤخرا، 3 ملايين طن، بينما يستعد مجمع مصانع بني سويف التابع للقوات المسلحة،  لطرح طاقة إنتاجية 2.2 مليون طن.

وبحسب بيانات رسمية، تراجعت مبيعات شركات الأسمنت بنسبة 6.4% خلال الربع الأول من عام 2019، متأثرة بضعف الطلب المحلي، الذي انخفض بنسبة 6.6% على أساس سنوي إلى 12.4 مليون طن.

وتشير البيانات إلى أن صادرات شركات الأسمنت بلغت 157.9 ألف طن في الربع الأول من العام الجاري، ما يمثل 1.3% فقط من إجمالي المبيعات.

أسباب الأزمة

وتكمن أسباب الأزمة التي أدت لتوقف شركة أسمنت طرة وغيرها عن العمل، في ارتفاع الطاقة الإنتاجية للشركات الموجودة بسوق الأسمنت، وعددها 16 شركة، من 70 مليون طن إلى 83 مليونا بنهاية عام 2018، بينما كان الطلب عند 53 مليون طن فقط، مما يعني معدل استغلال بلغ نحو 64%، بحسب مدحت إسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء في اتحاد الصناعات.

وقال إسطفانوس، في تصريحات صحفية: إن الشركات لا تستطيع العمل بطاقاتها كافة، لأن الطلب لن يستوعب كل هذا الإنتاج، والأسمنت سلعة غير قابلة للتخزين، ما يدفع بعض الشركات لتخفيض طاقتها الإنتاجية فيما تعلق شركات أخرى العمل تماما.

وترى نهى بكر، المديرة التنفيذية لشعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، أن هناك عددا من التحديات تواجه صناعة الأسمنت، أبرزها:

  1. زيادة المعروض عن الإنتاج الذي يفوق الطلب كثيرا.
  2. صعوبة تصريف المنتج خارجيا وضعف القدرة التصديرية.
  3. تراجع التنافسية مقارنة بدول أخرى تقدم منتجها بسعر أقل.
  4. ارتفاع تكلفة الإنتاج المتمثلة في:
  • زيادة ضريبة المحاجر.
  • تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
  • زيادة تكلفة الصيانة وقطع الغيار بعد تحرير سعر الصرف.
  • ارتفاع تكلفة الاقتراض.

ويضيف إسطفانوس أن تكلفة إنتاج الأسمنت ارتفعت إلى نحو الضعفين خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب بيانات البورصة المصرية، فإن أربع شركات فقط سجلت نموا في أحجام المبيعات خلال العام الماضي، اثنتان منهما مدرجتان بالبورصة المصرية، وهما مصر للأسمنت قنا، أسمنت سيناء.

فيما ذكر بنك الاستثمار هيرميس، في تقرير له أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع الأسمنت في مصر تتمثل في:

  • استقرار الطلب عند المستويات الحالية، بواقع 54 مليون طن خلال العام 2019، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الحالية.
  • ارتفاع أسعار الفائدة التي لا تشجع القطاع العقاري.
  • زيادة أسعار الطاقة وتشبع السوق.

توقعات

وتعقيبا على تعليق أسمنت طرة إنتاجها، توقع بنك الاستثمار بلتون، زيادة الفجوة بين العرض والطلب للأسمنت في مصر ليصل إلى 31.6 مليون طن خلال العام الجاري، إذ إن استمرار الحكومة في برنامجها لخفض الدعم عن المحروقات، سيمثل مزيدا من الضغوط على شركات الأسمنت.

ومن جهته، قال وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديري لمواد البناء: إن سوق صناعة الأسمنت في مصر يواجه أزمات كثيرة، وإن هناك مصانع كثيرة قد تعلن إفلاسها خلال الأيام القليلة المقبلة، وأخرى قد تخرج من السوق المحلية.

وفي السياق يرى مجدي عباس، رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة لتجارة الأسمنت، أن هناك شركات أخرى بخلاف شركة أسمنت طرة، مهددة بالإفلاس، مؤكدا أن صناعة الأسمنت تم تدميرها بسبب تكلفة التشغيل التي أصبحت فوق طاقة الشركات، كذلك زيادة المعروض عن الطلب.

تصفية القومية للأسمنت

وعلى صعيد توقف شركة أسمنت طرة عن العمل، في الثاني من أكتوبر الماضي، قررت الجمعية العامة غير العادية للشركة القومية للأسمنت، تصفية وحل الشركة نتيجة خسائر فادحة بالمليارات في الأعوام الماضية، وديون متراكمة.

وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أغسطس الماضي رسميا، أكبر مجمع مصانع للأسمنت في الشرق الأوسط ببني سويف، بتكلفة إنشاء بلغت 1.1 مليار دولار، ومن المتوقع أن ينتج المجمع الصناعي العملاق 20% من إنتاج مصر من الأسمنت، بما يزيد على 11 مليون طن من الأسمنت سنويا، وبما يزيد على 37 ألف طن يوميا.

وفي أوائل 2018، افتتحت شركة مملوكة للقوات المسلحة، شركة العريش للأسمنت، مصنعا طاقته 13 مليون طن سنويا بتكلفة 1.12 مليار دولار، ما زاد المعروض في سوق متخمة بالفعل.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *