يأتي شهر رمضان كل عام وتكثر معه فتاوى الصائمين وأسئلتهم حول ما يُفطر الصائم وما لا يُفطر، وتتنوع الفتاوى الرمضانية التي تصدرها جهات الإفتاء خلال رمضان ما بين فتاوى تتعلق بالعبادات والشعائر، وأخرى طبية متعلقة بصحة الصيام، وغيرها مما يتعلق بالصوم للمسافر.
ومع فتاوى الصائمين تبرز كذلك التوجيهات الإيمانية، وفتاوى النساء، وما يباح للمسلم فعله أثناء النهار وهو صائم، ومن اللافت هذا العام النشاط المتزايد لصفحات جهات الفتوى على الإنترنت، وما تحمله من فتاوى الصائمين المكتوبة والمرئية ردا على التساؤلات الرمضانية.
حيث كشف المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، تصدر مصر مؤشر فتاوى رمضان على المستوى العالمي بنسبة 35%، فيما تمثل الفتاوى الخاصة بشهر رمضان 20% من جملة الفتاوى.
فتاوى الصائمين
ومن فتاوى الصائمين التي أجاب عنها الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ردا على سؤال: هل الغسيل الكلوي أثناء الصيام يفسد الصيام أم يجب أن يكون بعد الإفطار؟
قال أمين الفتوى، عبر مقطع فيديو نشر على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء على فيسبوك، اليوم الاثنين: إن الغسيل الكلوي لا يفسد الصيام.
وأضاف: “حتى لو كان عن طريق إخراج الدم وتنقيته خارج الجسد ثم ضخه للجسم مرة أخرى، لا يفسد الصيام والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم”.
مباحات الصيام
كما ذكرت الدار في سلسلة فتاوى الصائمين خلال شهر رمضان هذا العام، ثمانية من المباحات التي لا تفسد الصوم وهي:
- الاكتحال، حتى ولو وجد المكتحل طعم الكحل في حلقه لأن العين لا تعتبر منفذا.
- التقطير في العين، حتى ولو وصل إلى الحلق ، لأن العين ليست منفذا.
- الادِّهان بالزيوت والمستحضرات الطبية المختلفة، حتى ولو وصل إلى جوفه بتسَرُّبه خلال مسام الجلد.
- استعمال السواك.
- الاغتسال، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “كان يصبّ على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر”.
- الحقن سواء كان في العضل أو الوريد، بخلاف الحقنة الشرجية فإنها مُفَطِّرَة.
- النوم ولو جميع النهار، بشرط أن لا يتعمد تضييع الصلوات فإن ذلك حرام.
- بَلْع ما لا يمكن التحرز عنه كالريق، وغبار الطريق، كما يُباح شَمُّ الروائح الطيبة.
فطر المداوم على السفر
وأوضحت دار الإفتاء المصرية أيضا في فتاوى الصائمين خلال شهر رمضان، أن الله سبحانه وتعالى رخص للصائم المسافر أن يفطر متى كانت مسافة سفره تقدر بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترا ونصف، بشرط أن لا يكون سفره بغرض المعصية.
وأناط الشرع رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه، دون نظر إلى ما يصاحب السفر عادة من المشقة، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة، أمَّا المشقة فهي حكمة غير منضبطة، لأنها مختلفة باختلاف الناس، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودا وعدما.
واستشهدت لجنة الفتوى بالدار بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، فمتى تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر، سواء اشتمل سفره على مشقة أم لا.
وحتى لو كانت مهنتُه تقتضي سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية، وبيَّن الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المُرَخِّص في الفطر بقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾، والصوم خير له من الفطر في هذه الحالة وأكثر ثوابا، لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يُدانيه.
فوجئ بأذان الفجر
أما حكم من أكل وشرب ثم فوجئ بأذان الفجر، هل عليه كفارة أم قضاء؟ فقد ورد هذا السؤال ضمن فتاوى الصائمين إلى مركز الأزهر العالمي للرصد والإفتاء الإلكتروني.
وأجابت عليه لجنة الفتاوى الإلكترونية بالمركز قائلة: إن من أكل وشرب ثم تبين له أن الفجر قد أُذّن له فعليه القضاء ولا إثم عليه، وهذا مذهب الجمهور، لأنه كما في القاعدة الفقهية: لا عبرة بالظن البين خطؤه، وعليه الإمساك بقية يومه لحرمه يوم الصوم.
وتابعت لجنة الفتاوى: كان ينبغي علي السائل أن يتحقق من موعد الأذان، خاصة مع توفر السبل التي سهلت ذلك.
الصيام على جنابة
من ناحية أخرى أكدت دار الإفتاء أن الجنابة لا تؤثر في صحة الصيام، وأضافت في ردها على هذا التساؤل من فتاوى الصائمين “ذهب جمهور الفقهاء من الأئمَّة الأربعة إلى أنَّ تأخير الغسل من الجنابة أو من الحَيْضِ إلى ما بعدَ طلوع الفجر لا يُؤثّر في صحَّة الصيام”.
واستشهدت الدار فى فتوى لها، بأنه لا فرق بين تأخير الغُسل عمدا أو سهوا، لما ورد عن عائشةَ وأم سلمة رضي الله عنهما: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصبح جُنُبا من جماع ثم يغتسل ويصوم”.
وأضافت: روى مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود وغيرهم عن عائشة أنها قالت: “إن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب -وأنا أسمع-: يا رسول الله، إني أصبح جنبا، وأنا أريد الصيامَ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا أُصبح جُنُبا وأنا أريد الصيام، فأغْتسِلُ وأصوم، فقال له الرجل: يا رسول الله، إنك لست مثلنا! قد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي”.
وتابعت: يجوزُ تأخير غسل الجنابة أو الحيض إلى طلوع الفجر في رمضان، إلا أنَّ تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس لا يجوز، لما فيه من تضييع الصلاة.
أضف تعليق