“أنتم صح”.. لماذا تدعم الدولة حملات المقاطعة ضد التجار؟

السيسي يشجع حملات المقاطعة
الدولة تؤيد حملات المقاطعة في مواجهة التجار - مصر في يوم

“هل تنتصر حملات المقاطعة على الغلاء؟”.. سؤال مطروح بقوة بعد اتساع رقعة سياسة مقاطعة السلع والمنتجات التي تعاني من ارتفاعات شديدة في الأسعار، خصوصا في ظل التبني -غير المعلن رسميا- من قِبل الدولة لتلك الحملات.

وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي المواطنين، في أكثر من مناسبة، بترشيد الاستهلاك، والتوقف عن شراء السلع مرتفعة السعر، فضلا عن مطالبة التجار بخفض هامش الربح.

وبدأت سياسة المقاطعة بحملة “خليها تصدي”، الشهيرة التي دشنها عملاء السيارات، وكان لها صدى كبير أدى إلى اتباعها بحملات أخرى، أبرزها: “خليها تعفن – خليها تسوس – بلاها شبكة ـ بلاها نيش – وأخيرا بلاها سمك”.

ووفقا لمراقبين، فإن الفترة المقبلة قد تشهد انتشار سياسة المقاطعة لتقويض وتحجيم الغلاء، بعدما أصبحت فكرة حملات المقاطعة سلاحا يحمي المواطن من “الجشع والاستغلال”، نظرا لانتشارها الواسع، ونجاح الكثير منها.

سمك وسيارات

بعدما طال التضخم أسعار الأسماك خلال الأيام الماضية، انتشرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت عناوين عديدة منها: “بلاها سمك، خليها تعفن”، ولقيت الحملة صدًى واسعا في أسواق الجيزة والقاهرة.

وطالب عدد من النواب في البرلمان بمنع تصدير الأسماك إلى الخارج، وضبط الأسعار، وتحقيق الاكتفاء في السوق المحلية.

كما أعلنت حملة “خليها تصدي” تطوير أهدافها ووسائلها، إذ قال محمد شتا، المتحدث باسم حملة “خليها تصدي”: “إن الحملة تستهدف حاليا قطع غيار السيارات، بعد ارتفاع أسعارها المبالغ فيه، إلى جانب خفض أسعار السيارات، وهو الهدف الذي انطلقت من أجله”.

وطالبت الحملة بعمل عقود صيانة بالمجان بين التاجر والمواطنين، لمدة سبع سنوات على غرار دول الخليج.

دعم حكومي

ومنذ انطلاق هذه الحملات قبل أشهر، لم تتوقف أو تنقطع أخبارها، بل لاقت دعما حكوميا وإعلاميا مستمرا، ما دفع وزارة “الأوقاف” نفسها إلى إصدار مقترح بوضع قائمة سوداء للتجار الغشاشين، والمخالفات الجسيمة، ليتجنبها المستهلك عند الشراء.

لكن مقترح الوزارة أثار جدلا بشأن كيفية تطبيقه، فالبعض يرى أنه مقترح جيد، ويسهم في إحداث اتزان في السوق، فيما يرى آخرون أنه يفقتد لمعايير محددة، يجب أن يقوم عليها لمعرفة مَن هو التاجر الجشع من غيره.

وقال النائب حسن السيد، عضو لجنة الشئون الاقتصادية: إن الحالة التي وصل إليها السوق من فوضى، يحتّم علينا القيام بأي إجراءات من شأنه الحد من هذا المرض المنتشر.

وأضاف، في تصريحات صحفية: “أن قانون حماية المستهلك، نصّ على إعطاء شهادة للتاجر النظيف، تشجيعا له”، مشيرا إلى أنه مع تطبيقها سيكون هناك تنافس بين التجار.

السيسي يؤيد

وفي تأييد ضمني لدعوات المقاطعة، التي تهدف إلى تخفيض الأسعار، وتخفيف الأعباء عن المواطنين، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء احتفالية تكريم المرأة المصرية والأمهات المثاليات دعمه لبرامج المقاطعة الاقتصادية للسلع والخدمات التي تعاني الغلاء.

وقال الرئيس السيسي، موجها رسالته للمواطنين: “الحاجة اللي تغلى ما تشتروهاش”.

وقال محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء: “إن الرئيس عبد الفتاح السيسي بكلمته تلك يوجه رسالة لحملات المقاطعة، مفادها أنتم صح”.

وأضاف العسقلاني، في تصريحات صحفية: أن تلك الحملات نجحت للدرجة التي جعلت الرئيس السيسي نفسه يدعمها، مؤكدا أنه من حق المواطن أن يكون له كامل الاختيار لشراء السلعة من عدمها.

لا يمكن التعميم

فيما قال رشاد عبده، الخبير الاقتصادي: “إن مبادرة السيسي يسهل تنفيذها على سلع معينة دون غيرها، فالسلع المهمة التي لا بديل لها، لا يمكن مقاطعتها، مثل: العيش، والأرز، والدواء”.

وأوضح عبده، في تصريح صحفي، أن هناك حملات نجحت بالفعل في مواجهة الغلاء على خُطى حملة “خليها تصدي” بمقاطعة شراء السيارات، لأن هناك بدائل أخرى يمكن للمواطن أن يستخدمها.

وأشار إلى أن المواطن يستطيع أن يضغط على التجار، ويحوّل “سلوكهم الجشع”، وذلك بمقاطعة السلع سريعة التلف التي يصعب تخزينها لفترات طويلة، ما يضطر التجار إلى البيع أفضل من الخسارة.

وطالب “عبده” بضرورة أن تُفعِّل الجهات الرقابية دورها في مواجهة جشع التجار حتى يشعر المواطن المصري بزيادات الرواتب التي يقرها الرئيس السيسي إنصافا للطبقات الكادحة ومحدودي الداخل.

حماية المواطنين

وأكد مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار، أنه على الحكومة اتخاذ قرارات لحماية المواطنين من ارتفاع الأسعار بعد الزيادات الجديدة في الرواتب.

وأوضح في تصريح صحفي، أن من أهم هذه القرارات، توفير السلع الإستراتيجية بكثافة في الأسواق من خلال المنافذ التابعة لوزارة التموين، مضيفا “أن ذلك لا يترك مجالا للتاجر لرفع أسعار السلع”.

زيادة أسعار الطاقة

ويأتي هذا الدعم لتلك الحملات من قِبل الرئيس السيسي والحكومة، في ظل زيادات الأسعار المرتقبة للطاقة، وما يترتب على ذلك من ارتفاع أغلب أسعار السلع الحيوية التي يعتمد عليها المواطنون.

وتوقعت مصادر حكومية وبرلمانية، أن زيادة أسعار الوقود المقررة في 15 يونيو المقبل، ستتراوح بين 30 و50%.

وأوضحت المصدر أن الزيادات ستكون كالتالي:

  • سعر السولار وبنزين (80) من 5.5 جنيهات إلى 7.5 جنيهات للتر.
  • بنزين (92) من 6.75 جنيهات إلى 9 جنيهات للتر.
  • بنزين (95) من 7.75 جنيهات إلى 10 جنيهات للتر.
  • سعر أسطوانة البوتاجاز من 50 إلى 75 جنيها للاستهلاك المنزلي، ومن 100 إلى 150 جنيها للاستهلاك التجاري.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *