الزواج العرفي بين الطلاب.. هل يكفي التجريم لمواجهة الظاهرة؟

الزواج العرفي بين الطلاب.. هل يكفي التجريم لمواجهة الظاهرة؟
العام الواحد يشهد 88 ألف حالة زواج عرفي، وعدد كبير منهم يكون في الجامعات والمدارس - مصر في يوم

الزواج العرفي بين المراهقين وطلاب المدارس والجامعات، ظاهرة يتجدد الحديث عنها كل حين، تطفو وتختفي، لكن ظهورها أو غيابها عن المشهد الإعلامي، لا ينفي أنها مستقرة في أعماق المجتمع، تبحث عن حلول حقيقية.

وتناولت كثير من المؤسسات الرسمية والأهلية، ظاهرة الزواج العرفي بين الطلاب بالبحث والدراسة، وخلصت إلى أرقام وُصِفت بالمرعبة.

ويرى المعنيون والمختصون بدراسة الظاهرة، أن أسبابها كثيرة ومتشعبة، إذ تحمل أبعادا اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية أيضا.

ودفع انتشار الظاهرة، كثيرا من علماء الشريعة والقانونيين، والمهتمين بالأسرة، لتوضيح الموقف الشرعي والقانوني من الأمر، والبحث عن حلول تناسب متغيرات العصر، وتساهم في الحد من تلك الظاهرة.

إحصائيات “مرعبة”

وفي أحدث إحصائية لها، أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي، عام 2016، عن وجود 522 ألف حالة زواج عرفي بين طالبات الجامعات والمدارس.

وبحسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المتعلقة بالظاهرة، فإنّ عدد عقود الزواج العرفي عام 2014 بلغ 953 ألف عقد، وأنّ العام الواحد يشهد 88 ألف حالة زواج عرفي، وأنّ عددا كبيرا منهم يكون في الجامعات والمدارس.

ووفقا للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 170 ألف حالة زواج عرفي بين صفوف طلبة وطالبات الجامعات.

أوضاع اجتماعية

وقالت آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة، وعضو مجلس النواب، في أغسطس الماضي: “إن الزواج العرفي بين الطلبة والطالبات في الجامعات ارتفعت نسبته إلى 25%”.

وحذّرت نصير من عواقب هذه الظاهرة، كما وصفتها وقالت: “إنها بدأت تنتشر بصورة مخيفة في المجتمع المصري الآن”.

وأضافت نصير: “إن السبب الرئيس، هو العادات الاجتماعية الخاطئة، كالمغالاة في المهور، ومتطلبات الزواج، إذ تثقل عاتق الشباب، وتصيبه بالتعجيز واليأس من قدرته على الزواج الرسمي”.

ووفقا للباحثتين بمعهد البحوث الجنائية والاجتماعية، ليلى عبد الجواد، ومها الكردي، يضاف إلى ما سبق، ‏الأوضاع الاجتماعية الخاطئة المتمثلة في:

  • عدم ترسيخ القيم الاجتماعية الصحيحة في نفوس النشء.
  • إهمال التوعية الدينية السليمة.

وتضيف الباحثتان: أن ما تقدمه وسائل الإعلام من مادة استفزازية خليعة تثير الغرائز الجنسية في نفوس الشباب، وما تعرضه أيضا من مظاهر الترف الشديد، في حين لا تتاح الفرصة للشباب لإشباعها بطريقة مشروعة، مع عدم التمسك بالقيم الدينية‏، سبب قوي لتفشي الظاهرة.‏

ظروف اقتصادية

وأضافت الدراسة: “أن البطالة تعد أحد أهم الأسباب، لأن الزواج الرسمي يحتاج إلى فرص عمل للوفاء بتكاليف تأسيس منزل الزوجية”، وأوضحت أن من الأسباب الاقتصادية لانتشار الزواج العرفي:

  • اختلال الأوضاع الاقتصادية وصعوبتها.
  • انشغال الوالدين في البحث عن فرص عمل، سواء داخل مصر أو خارجها، لتحسين المستوى المعيشي.
  • انخفاض الرعاية اللازمة للأبناء ومتابعتهم بالصورة الملائمة.

ودللت الدراسة، على أهمية دور الأسرة في أن عينة الدراسة التي أجراها تضمنت مستويات اجتماعية متنوعة، وخلصت إلى نفس النتيجة.

وأجرى المركز دراسته على طلبة الجامعات، الحكومية والخاصة، بينها: القاهرة، وعين شمس، وحلوان، والإسكندرية، والأزهر، وبنها، والمنوفية، والمنيا، والفيوم، والزقازيق، وقناة السويس، والمنصورة، أما جامعات التعليم الخاص فقد شملت: 6 أكتوبر، وأكاديمية الإعلام، والأكاديمية البحرية، وأكاديمية طيبة، والأكاديمية الحديثة (مودرن أكاديمي).

آراء فقهية وقانونية

بدوره، فنّد أحمد الطيب شيخ الأزهر الشبهات التي تخلط بين الزواج العرفي من جهة، والزيجات السرية من الجهة الأخرى، وقال الطيب: “التجاوزات العديدة في بعض الأوساط الطلابية جاءت نتيجة ذلك الخلط” وأوضح الطيب أن الزواج السري هو الذي يُجرى دون شهود، وهو باطل، لافتقاده الإشهار، وغياب الولي، وعدم معرفته.

ولفت إلى أن ما يسمى بـ”الزواج العرفي” بين الشباب، الذي يشهد عليه اثنان من أصدقائهما دون معرفة ولي أمر البنت، زواج باطل، ولا يُعترف به، وما يحدث بينهما يعتبر زنا.

وكرر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- عبارة: “فنكاحها باطل” ثلاث مرات، ليؤكد على بطلان الزواج الذي يُجرى دون ولي، كما أن فيه تحذيرا من الاستجابة إلى التخريب الذي يحدث باسم الدين، أو باسم الفقه الآن.

ويضيف سيف رجب قزامل، أستاذ الفقه المقارن، والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون بطنطا: “أن إلامام أبو حنيفة إذا كان قد رأى أن المرأة لها الحق أن تزوّج نفسها كالرجل تماما ما دامت بالغة رشيدة” لكنه اشترط الإشهار، وإعلام الأهل.

ويقترح قزامل، تعديل القانون الحالي، بأن ينص فيه على بطلان عقد الزواج إذا لم يوجد الولي، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.

وطالب مصطفى عرجاوي، أستاذ القانون بجامعة الأزهر، بحظر الزواج الذي يُجرى في سرية تامة، لمجرد قضاء الرغبة، وأن توضع له قواعد وضوابط قانونية تحول دون إتمامه.

حلول ومقترحات

من جانبه، يرى ناصر محمود وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة العريش، أن التصدي لتلك الظاهرة يقتضي عددا من الأمور، أهمها:

  • التربية الحسنة، ومراقبة الأسرة لأبنائها، ولا سيما حينما يصلون لمرحلة الشباب والجامعة، وأن يقترب الأب من ابنه والأم من ابنتها، وأن يصير بينهما نوع من الصداقة، يسمح بالبوح بأسرار الأبناء للآباء.
  • تنظيم ندوات مكثفة بالجامعات عن الزواج العرفي ومخاطره، وبيان أسس ومقومات الزواج في الإسلام.
  • عدم المغالاة في المهور، وعدم التضييق على الشباب في الحلال.
  • تنظيم حملة توعوية عبر المنابر ووسائل الإعلام المختلفة ومنظمات المجتمع المدني، لبيان خطورة وعلاج الظاهرة.
  • الإسراع في سن تشريعات من وحي الشريعة الصحيحة تحفظ الحقوق.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *