الخوف والطمع والجهل.. أسباب انتشار ظاهرة “المستريح”

ظاهرة المستريح
انتشار ظاهرة المستريح، الطمع في جني أرباح دون تعب أهم الأسباب - أرشيف

القبض على “مستريح” عبارة باتت مألوفة، فلا يكاد يخلو أسبوع دون أن تعلن الأجهزة الأمنية، ضبط أحدهم بتهمة الاستيلاء على ملايين الجنيهات من ضحاياه، بحجة توظيفها لهم.

وتشير الوقائع المتداولة في وسائل الإعلام إلى زيادة انتشار ظاهرة “المستريح” أو “النصاب” وارتفاع أعداد ضحاياهم، بالرغم من الكشف عن خديعتهم سابقا، وإلقاء الأجهزة الأمنية القبض على العديد منهم.

ويرى خبراء أمنيّون أن من أسباب انتشار الظاهرة عدم وجود رؤية من أرباب الأموال لاستثمار أموالهم، أو الخوف من المجازفة بإقامة مشاريع خاصة بهم يقومون بإدارتها لأنفسهم، مما يجعلهم عرضة للوقوع في شِباك النصّاب، الذي صار معروفا بالمستريح، منذ قضية أبريل 2015.

مستريح الغربية

أول القضايا في العام الجديد كانت اليوم، في محافظة الغربية، إذ أعلن قسم مكافحة جرائم الأموال العامة، بمديرية أمن الغربية، ضبط مهندس زراعي، بعد قيامه بالنصب على أكثر من 40 شخصا، استولى منهم على 400 مليون جنيه، بحجة توظيفها في تجارة الغلال.

وبحسب وليد فايد، رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن الغربية، فإن الضحايا تقدموا بعشرة بلاغات، يتهمون “رضا.ا.ع.ص” مهندسا زراعيّا، مقيما بقرية محلة منوف مركز طنطا، مواليد 1971 بالاستيلاء على أموالهم.

وبلّغت الأموال التي حصل عليها 400 مليون جنيه، بحجة توظيفها في تجارة الغلال، مقابل فوائد شهرية، إلا أنه لم يفِ بوعوده، ورفض رد المبالغ المالية لهم، وتولّت النيابة التحقيق.

وقال رئيس قسم مكافحة جرائم الأموال العامة: “إنه تمكّن من ضبط المتهم، بالاشتراك مع وحدة مباحث مركز طنطا” وأشار إلى إحالته للنيابة العامة للتحقيق.

خمس جرائم في شهر

كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على سبعة أشخاص، متورطين في خمس جرائم نصب، ممن يطلق عليهم لقب “المستريح” في محافظات عدة، خلال ديسمبر الماضي.

  • وألقت قوات الأمن القبض على سيدة تُدعى “سوزان.س” استولت على مبلغ تسعة ملايين جنيه من ضحاياها بحجة استثمارها في مجال تجارة الملابس بالشرقية، وأمرت النيابة بحبسها على ذمة التحقيق.
  • كما ضبطت مباحث كفر الشيخ شابا يُدعى “أسامة” لاتهامه بالاستيلاء على مبلغ مليون ومائتي ألف جنيه من المواطنين، لاستثمارها في مجال التجارة، وتبيّن احتياله على ضحاياه.
  • وفي محافظة سوهاج، ألقى رجال المباحث القبض على “محيي الدين.ص” مدرس، وسيدة تدعى “نصرة.هـ” لاتهامهما بالاستيلاء على 27 مليون و700 ألف جنيه من عدد كبير من المواطنين بقصد توظيفها في الاستثمار العقاري مقابل أرباح شهرية.
  • وفي الإسكندرية، قُبِض على مدرس آخر، لاتهامه بالاستيلاء على مبلغ ثمانية ملايين جنيه من 21 مواطنا، لاستثمارها في مجال تجارة مواد الطباعة، وكاميرات المراقبة، واحتياله على المواطنين.

أسباب

وعن أسباب انتشار الظاهرة، يرى إيهاب يوسف، خبير إدارة المخاطر الأمنية، أن تكرار جرائم النصب على المواطنين، والاستيلاء على ثرواتهم بحجة استثمارها، والحصول على أرباح شهرية يعود إلى:

  • عدم وجود رؤية من أصحاب الأموال لاستثمار نقودهم بمشاريع خاصة بهم.
  • عجزهم عن إدارة مشروع.
  • الخوف من الخسارة حال فشل المشروع.

ويضيف محمد نور، مساعد وزير الداخلية السابق، والخبير الأمني، سببا آخر لانتشار الظاهرة، وهو طمع المواطنين الراغبين في استثمار أموالهم في الحصول على أرباح شهرية كبيرة، أعلى من فوائد البنوك، ودون بذل أي مجهود وفي فترة قصيرة.

خداع الضحايا

وبالنسبة لطريقة حصول النصّاب على الأموال، وكسب ثقة الضحايا، يقول نور في تصريحات صحفية: “أن النّصَّاب يبدأ في جذب ضحاياه لإيقاعهم في الفخ، من خلال دفع أرباح كبيرة لهم لعدة أشهر متتالية، لحين الحصول على مبالغ مالية كبيرة، ثم يدّعي تعثره في تجارته، ويستولي على النقود ويهرب، سواء داخل أو خارج البلاد، قبل لجوء الضحايا للأجهزة الأمنية للإبلاغ عنه”.

بينما يرى إيهاب يوسف، أن كثيرا من المحتالين المتورطين في قضايا نصب، يحصلون على ثقة ضحاياهم بسهولة، إذ أنهم يكوّنون من دائرة معارفهم وأصدقائهم أو جيرانهم، مما يسهل الوقوع في مصائدهم، والاستيلاء على أموال الضحايا بسهولة.

وطالب يوسف، وسائل الإعلام بعرض قصص ونماذج للمجني عليهم، حتى يتعرّف المواطنين على خطورة استثمار نقودهم بتلك الوسيلة، وضرورة اللجوء للجهات الموثوق بها للاستثمار.

تحذير ومطالب برلمانية

دفعت خطورة الظاهرة وانتشارها ماجد طوبيا، عضو مجلس النواب، لإصدار بيان لتحذير المواطنين من الانسياق خلف هؤلاء الأشخاص الجشعين، وإن كان هناك بدٌّ من استثمار أموالهم، عليهم بالتعامل مع الجهات الموثوق فيها، أو التحري عن مثل هؤلاء الأشخاص قبل أن يعطوهم كل أموالهم.

وطالب النائب بمصادرة الأموال التي يُجرى ضبطها مع المستريحين لصالح الدولة، وذلك حتى لا يقدم الناس على إهدار أموالهم، بعدما أصبحت هذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير.

أول مستريح

وتعود تسمية النصاب بالمستريح إلى أبريل 2015، إذ تمكنت وزارة الداخلية من خلال قطاع الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة، من القبض على رجل الأعمال، أحمد مصطفى الشهير بـ”أحمد المستريح” تنفيذا لقرار النيابة العامة بضبطه وإحضاره.

ووُجّهت له تهمة النصب على عدد من المواطنين، وذلك بادعائه توظيف الأموال، وجرت إحالته لنيابة الشئون المالية والإدارية للتحقيق معه، بعدما اتُّهم بالنصب على المواطنين، والاستيلاء على نحو ملياري جنيه منهم.

وكان الضحايا قد تقدموا بعشرات البلاغات لمباحث الأموال العامة، ومكتب النائب العام، ونظّموا وقفات احتجاجية بمحيط دار القضاء العالي، وبالقرب من مجمع التحرير، للمطالبة بالقبض على المتهم.

وفي مارس 2016، عاقبت محكمة القاهرة الاقتصادية، أحمد مصطفى إبراهيم، الشهير بـ”المستريح”، بالسجن 15 عاما، وتغريمه 150 مليون جنيه، وإلزامه برد مبلغ 266 مليونا للمُودِعين.

ورفضت محكمة النقض الطعن المقدّم من المتهم في ديسمبر 2017، وقضت بتأييد حبسه 15 عاما.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *