ظاهرة نفوق الأسماك النيلية.. لماذا تتكرّر كل عام؟

ظاهرة نفوق الأسماك النيلية.. أسباب وإجراءات
نفوق أعداد كبيرة من الأسماك النيلية بسبب إلقاء بعض محطات الكهرباء مياه التبريد في النيل - أرشيف

نفوق الأسماك النيليّة ظاهرة متكررة، تحدث في نفس التوقيت من كل عام، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول أسبابها، ودور الدولة في محاربة هذه الظاهرة، وكيف يُجرى التخلص من هذه الكميات الهائلة من الأسماك النافقة.

آخر مستجدات هذه الظاهرة كان في محافظة البحيرة قبل أيام، التي لم يقتصر الأمر عليها، بل امتد إلى بحيرات المنزلة، وقارون، وغيرها من الأماكن.

في الوقت الذي يؤكّد فيه الخبراء أن ظاهرة نفوق الأسماك تسبّبت في انخفاض معدلات الإنتاج بشكل كبير، وإعاقة نمو الثروة السمكية في مصر.

أطنان في البحيرة

فقبل يومين ظهرت كميات من الأسماك النافقة أمام مركز شبراخيت، وقرية نكلا العنب في مركز إيتاي البارود، بمحافظة البحيرة.

ما دفع هشام آمنة، محافظ البحيرة، لتشكيل لجان للرقابة على الأسواق، واتخاذ الإجراءات التالية:

  • منع تسرب الأسماك النافقة للمواطنين.
  • مراجعة مآخذ محطات مياه الشرب التي تقع على نهر النيل بفرع رشيد.
  • أخذ عينات من المياه والأسماك لتحليلها.
  • متابعة التحاليل الخاصة بطرود محطات مياه الشرب، بالتنسيق مع مديرية الصحة وشركة مياه الشرب والإدارة المركزية للموارد المائية والري.
  • تشكيل لجنة لإعدام الأسماك المضبوطة.

وبالفعل تمكّنت اللجان من ضبط سيارة محملة بكمية من الأسماك النافقة بمركز شبراخيت، وثلاثة مخازن للأسماك النافقة، جرى تجميعها من مراكب الصيد قدّرت بحوالي ستة أطنان قبل طرحها وتداولها بالأسواق.

بحيرة المنزلة

ولا تقتصر ظاهرة نفوق الأسماك على محافظة البحيرة، وإنما تمتد لأماكن أخرى بطول نهر النيل، ففي هذا السياق، صرّح أيمن عمار، رئيس مجلس إدارة هيئة الثروة السمكية، خلال حوار تلفزيوني أمس، أن بحيرة المنزلة، تقلّص حجمها إلى 120 ألف فدان، وكانت مساحتها 250 ألف فدان.

وأوضح أن هناك تعليمات بإعادتها لحجمها الطبيعي، منوّها بأن وصول كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي إلى بحيرة المنزلة، أحد أسباب تضاؤل إنتاج السمك بها.

بحيرة قارون

وتحتل بحيرة قارون صدارة ظاهرة نفوق الأسماك، ثالث أكبر بحيرة في مصر، إذ تبلغ مساحتها حوالي 55000 فدان، وتعتبر الخزان الرئيس لمياه الصرف الزراعي بالفيوم، إضافة إلى استقبالها صرف منازل عشرات القرى ومئات العزب والنجوع الواقعة على المصارف التي تصب مياهها فيها، ما أدى إلى ارتفاع نسب التلوث في البحيرة، وانتشار الحشرات القاتلة للأسماك.

ووفق إحصائيات شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالفيوم، فإن 44% فقط من قُرى المحافظة مغطاة بشبكات الصرف الصحي، و84 قرية تلقي بصرف منازلها مباشرة ببحيرة قارون.

ويقول ديهوم الباسل، الأستاذ المتفرغ بكلية العلوم جامعة الفيوم، والمتخصص في علم الطفيليات وأمراض الأسماك وتنمية الثروة السمكية: إن بحيرة قارون تعاني من:

  • التلوث الكيميائي، متمثِّلا في صرف مصانع السكر والأملاح ومعامل الجامعة.
  • الصرف على المصارف المغذية للبحيرة.
  • التلوث البيولوجي، متمثّلا في النقل الخطأ للزريعة.

الجيزة

كما أعلنت وزارة الري في شهر فبراير من العام الماضي، نفوق أطنان من الأسماك بمصرف المحيط بنطاق محافظة الجيزة.

وبحسب الوزارة، أُخذت عينات من مياه المصرف بمعرفة وزارة الصحة، وكذلك الأسماك النافقة من موقع الحادث، كما جرى تطهير المصرف من الأسماك النافقة، والتخلص من نواتج التطهير، ونقلها إلى المقلب العمومي بشبرامنت.

أسباب وحلول

وبحسب عبد العزيز نور، أستاذ الثروة السمكية، فإن ظاهرة نفوق الأسماك تسبّبت في انخفاض معدلات الإنتاج بشكل كبير، وإعاقة نمو الثروة السمكية في مصر.

ويرى نور، أن أهم أسباب الظاهرة تتركز في:

  • كثرة المزارع السمكية المتجاورة، إذ تؤدي إلى ارتفاع نسبة السموم في الماء عن الحد اللازم.
  • وجود عدد من محطات الكهرباء على ضفاف نهر النيل في بعض المناطق، تلقي بمياه التبريد في النيل، ما يتسبّب في نفوق الأسماك بأعداد كبيرة، نظرا لارتفاع درجة حرارتها، وكثرة السموم بها.
  • زيادة تركيز الأمونيا، بسبب إلقاء مخلفات ونفايات الشركات الكيماوية، والصرف الصحي الزراعي، والمجاري.

وعن الإجراءات التي يجب اتخاذها للقضاء على تلك الظاهرة، يقول نور: إنه من الأفضل عدم إقامة مزارع سمكية داخل مياه النيل، وإن كان لابد من ذلك، فيجب اتخاذ تدابير لحماية الأسماك، وكذلك مياه النيل، مثل:

  • منع الشركات الموجودة على ضفاف النيل والمحطات من صرف مخلفاتها في مياه النيل.
  • إنشاء مصارف خاصة بالشركات.
  • منع استخدام المبيدات في الأماكن التي بها مزارع سمكية.

جهود الدولة

ويرى طارق فهمي، نائب رئيس شعبة الأسماك بالغرفة التجارية، أن الدولة تحاول جاهدة الحفاظ على الثروة السمكية من خلال العمل على محورين:

  • التخلص من أسباب التلوث، الناتجة من تدخل العنصر البشري في الطبيعة، ومعالجتها.
  • التخلص من الأسماك النافقة بأسرع وقت، وبطرق آمنة.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أصدر قرارا بشأن قرض الصرف الصحي في الفيوم، الذي جرى الاتفاق عليه بين مصر والبنك الأوروبي، لإعادة الإعمار، والتنمية في الثروة السمكية، وبناء عليه وقّعت سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، في مايو 2017، مع المدير التنفيذي للبنك الأوروبي، اتفاقية لإعادة الإعمار والتنمية.

وأوضحت نصر أن الاتفاقية بمبلغ 186 مليون يورو، تتضمن: معالجة التلوث في البحيرات، والتخلص من مشكلة تلوث مياه بحيرة قارون.

وفي أبريل من العام الماضي، ترأَّس خالد فهمي، وزير البيئة السابق، اجتماعا تنسيقيّا بين عدد من الوزارات والجهات، منها: (الموارد المائية والري – الإسكان والمجتمعات العمرانية – الدفاع – الداخلية – الصحة – الزراعة – هيئة الثروة السمكية) للحد من ظاهرة نفوق الأسماك، وبحث أسباب ومصادر الحمل العضوي بفرع رشيد، المؤدي لنفوق الأسماك.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *