“رفض النيابات”.. هل يختفي الأطباء من مستشفيات مصر؟

أطباء مصر يرفضون النيابات
أطباء مصر يرفضون التكليف ويهاجرون إلى الخارج - أرشيف

يعاني القطاع الصحي في مصر من أزمات عديدة ترجع إلى ضعف الإمكانيات وضعف موازنة القطاع، ورغم محاولات المسئولين التغلب عليها بشكل أو بآخر إلا أن الأزمة الأبرز التي سيتسبب تفاقمها في مستقبل مجهول هي نقص الأطباء.

ولعل أبرز ملامح هذه الأزمة، رفض الأطباء في الدفعات الأخيرة استلام نيابات الدفعات الجديدة في عدد من التخصصات، وهجرة عدد كبير منهم، سيما في التخصصات الدقيقة، وأقسام العناية المركزة والتخدير، ما يطرح تساؤلا، هل يختفي الأطباء من مستشفيات مصر؟

رفض النيابات

وذكرت مصادر من كلية الطب في جامعة عين شمس، أن مستشفيات الكلية تشهد ولأول مرة في تاريخها إحجام عن التقدم، واستلام النيابات من طلاب الدفعة الجديدة في بعض التخصصات.

وأضافت المصادر في تصريحات صحفية: “أن قسم المسالك البولية بمستشفى الدمرداش الجامعي لم يتقدم له أحد، وبالتالي لم يستلمها أحد رغم اقترانها بالتعيين”.

وتابعت: “أن مستشفيات الدمرداش التابعة للكلية طلبت 50 طبيبا في نيابات التخدير، لم يستلم منهم سوى تسعة أطباء فقط، والباقي أحجموا عن استلام الوظيفة”.

ورغم من تأكيد أطباء بجامعة عين شمس على صفحاتهم بـ”فيس بوك” تلك الأنباء، فإن الدكتور محمود المتيني، عميد جامعة عين شمس، نفى ذلك، مؤكدا أنها غير صحيحة على الإطلاق.

وأرجع المتيني نقص عدد أطباء النيابات هذا العام لكون هذه الدفعة هي دفعة سنة الفراغ ‏2010-2011‏، مضيفا: “ورغم قلة عددهم بالمقارنة بالسنوات السابقة لكن ذلك لم يؤثر علينا”.

وأشار إلى أن تلك الدفعة بلغ عددها 400 طالب بالمقارنة بالدفعة السابقة لها 1200 طالب.

هجرة الأطباء

وفي ظل أنباء رفض النيابات المتكررة، التي لم تنحصر على مستشفى عين شمس فحسب، التي تناقلها أطباء مختلفين من داخل مستشفياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تأتي إحصائيات تؤكد رفض كثير من الأطباء العمل في الحكومة.

وتكشف إحصائيات النقابة العامة للأطباء في 2018 إلى أن عدد الأطباء في مصر يتراوح ما بين 220 إلى 230 ألف طبيب مقيدين بسجلاتها بعد حذف الوفيات والمحالين للمعاش.

وأشارت إلى أن عدد الأطباء المهاجرين للعمل خارج مصر نحو 110 آلاف طبيب، أي: 50% من قوة الأطباء المقيدين بجداول النقابة العامة للأطباء، فيما يتراوح عدد الأطباء المهاجرين للمملكة العربية السعودية فقط ما بين 60 إلى 70 ألف طبيب، وحجم الاستقالات السنوية وفقا للنقابة لا يقل عن 500 استقالة.

وتضيف إحصائيات النقابة: “أن عدد الأطباء المنتظمين على رأس العمل بوزارة الصحة لا يزيد عن 70 ألف طبيب فقط عام 2014، في حين تعاني مصر من نقص شديد في تخصصات مهمة، مثل: الطوارئ، والقلب، والتخدير، والأوعية الدموية، والمخ والأعصاب”.

وفي سبتمبر الماضي قالت وزيرة الصحة: “إن 60% من الأطباء المصريين يعملون في السعودية، و50% ممن بقوا في مصر يعملون بالقطاع الخاص، بينما لا تخرج كليات الطب العدد الكافي لتلبية احتياجات سوق العمل”.

فيما قالت إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء، صدرت أبريل الماضي: “إن أجمالي الأطباء العاملين بالقطاع الحكومي في مصر حتى نهاية عام 2016 نحو 355.3 ألف طبيب”.

أسباب هجرة الأطباء

وأمام الأرقام والإحصائيات الرسمية التي تكشف هجرة الأطباء من مصر، أرجع  الدكتور خالد سمير، أمين صندوق نقابة الأطباء الأسبق، وأستاذ جراحة القلب بمستشفى عين شمس ذلك إلى:

  • تدني أحوال الأطباء المعيشية والاجتماعية.
  • المعاملة السيئة التي يلاقونها داخل المنظومة الصحية في مصر.

وقال سمير: “إن راتب الطبيب الشاب لا يتجاوز الـ2000 جنيه، وهو لا يكفي المواصلات ولا عدد ساعات عمل الطبيب”.

وأضاف: أن الأطباء المتفوقين يفضلون الذهاب إلى أوروبا لعدة أسباب أبرزها:

  • الرواتب المرتفعة.
  • عدد ساعات العمل أقل بكثير مقارنة بمصر.
  • المعاملة الطيبة والتقدير الذي يتلقونه.

وأضاف: “أن راتب الطبيب في أوروبا يصل إلى 200 ألف دولار سنويا، أي: ما يعادل أربعة ملايين جنيه مصري، وهذا رقم كبير، إذا ما قورن بمصر”.

وتابع: “أن الطبيب في مصر راتبه لا يتخطى 24 ألف جنيه سنويا، فضلا عن التدريب والمعاملة وغيرها من الأمور التي تشجع على السفر”.

وعن رفض الأطباء لعدد كبير من التخصصات، قال: “إن هناك أطباء كثر لا يريدون العمل في بعض التخصصات، مثل: الطوارئ على سبيل المثال” مرجعا ذلك لكونهم لا يحصلون على المقابل المجزي، ويواجهون أزمات وانتقادات عديدة، وكذلك يقضون عدد ساعات طويلة.

تحركات رسمية

وفي ظل الأعداد الضخمة والتصريحات المستمرة لوزارة الصحة عن أزمة العجز في الأطباء كان التحرك الأبرز للوزارة هو القرار الإداري الذي أصدرته في يوليو الماضي بوقف جميع إجازات السفر للخارج بالنسبة للأطباء والتمريض وكافة الفئات التي بها عجز.

ونص القرار على رفض إجازات السفر لكل مَن مَرّ عليه خمس سنوات بالخارج، وحتى تاريخ 1 يوليو 2018، على أن يقرر ذلك العام المقبل لنفس عدد السنوات، نظرا لوجود عجز، فيما اعتبر القرار أن من يمتنع عن العودة يعد منقطعا عن العمل، ويجرى اتخاذ جميع الإجراءات ضده.

وهو القرار الذي حاولت وزارة الصحة تكراره مرة أخرى في أكتوبر الماضي، إلا أنه قوبل بهجوم ورفض من الأطباء، وتكرر تردده دون وضوح، هل سيتم تنفيذه أم لا؟

فيما عصام الصافي، تقدم النائب بمجلس النواب، في أكتوبر الماضي، بمقترح لقانون يحظر جمع الطبيب بين العمل بمستشفيات الدولة والعمل الخاص، بدعوى حل الأزمة.

اقرأ أيضا: الصحة: خطط لتطوير 536 مستشفى حكوميا

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *