إحلال وتجديد.. هل تنقذ الدولة صناعة الغزل والنسيج؟

مصانع الغزل والنسيج
الحكومة تضع خططا جديدة لإنقاذ قطاع الغزل والنسيج من الخسائر المتكررة - أرشيف

تقوم وزارة قطاع الأعمال العام والشركة القابضة للغزل والنسيج بمحاولات لإحلال وتجديد شركات الغزل والنسيج في ظل أزمات ضخمة يواجهها قطاع الغزل بأكمله، ويهدد نحو 30% من العمالة في مصر.

وتثير التحركات الرسمية لإنقاذ قطاع الغزل والنسيج من كبوته تساؤلات بشأن حقيقة الوضع، وكيف وصل إليه، وهل تستطيع الدولة الإيفاء بوعودها وإنقاذه؟

خطة تجديد

وأعلن هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، أن الوزارة تعمل على تنفيذ خطة لإحلال وتجديد وتحديث كامل للشركات التابعة العاملة في قطاع الغزل والنسيج والتجهيز والصباغة، والانتهاء منها خلال ثلاث سنوات.

وشدد الوزير على أهمية قطاع الغزل والنسيج في مصر، وذلك خلال مؤتمر صحفي أمس على هامش افتتاح معرض “Destination Africa” مشيرا إلى حجم صادراته المرتفع، واهتمام المنتجين به.

وقال: “إن أبرز المشكلات الحالية تتمثل في اعتماد  القطاع الخاص، في المنتج النهائى، سواء مفروشات أو ملابس جاهزة، على الغزول المستوردة” مؤكدا أنه خلال عام ونصف سوف يعود المنتجين إلى الاعتماد على الغزول والمنتجات المحلية.

أربعة آلاف مصنع

تعد صناعة الغزل والنسيج من أهم قطاعات الأعمال في مصر، لما تشمله من عدد ضخم للعمالة وفقا للدراسات والتصريحات الحكومية المختلفة، التي تشير إلى أن عدد العاملين بها لا يقل عن مليون و200 ألف عامل، بما يعادل 30% من حجم القوى العاملة في مصر، موزعين على أربعة آلاف مصنع قطاع عام وخاص.

ويبلغ عدد العاملين بالشركة القابضة للغزل والنسيج، وهي إحدى أكبر شركات قطاع الأعمال في مصر، نحو 58 ألف عامل، فيما يبلغ إجمالي أجور العاملين 152 مليون دولار، بمتوسط أجر سنوي 2615 دولارا للفرد.

ووُضعت الشركة من بين الشركات الأكثر خسارة في شركات القطاع العام، وهم 26 شركة يحققون نحو 90% من الخسائر.

وكشف تقرير صادر عن إدارة الشركة في أبريل الماضي أن خسائر الشركة في العام المالي 2016 / 2017 بلغت 2.7 مليار جنيه، وعلى الرغم من ضخامة الخسائر فإنه أشار إلى انخفاض تلك الخسائر مقارنة بالعام السابق لها بنسبة 10%.

وبلغت ديون الشركة القابضة للغزل والنسيج نحو 490 مليون دولار، وقامت الحكومة بعمل تسوية شكلية مع بنك الاستثمار القومي، للسيطرة على ديون شركاتها، من خلال زيادة حصة البنك في رأس مال الشركة، فيما سيطرت بنوك أخرى على عدد من أراض وأصول القابضة لحل أزمة ديونها المتكررة.

وتشير تقارير رسمية إلى أن صادرات قطاع الغزل والنسيج بلغت في يناير 2018 نحو 62 مليون دولار، في تراجع يقدر بنحو 4% عن يناير 2017، إذ كانت تبلغ  46 مليون دولار، وفقا لتقرير صادر عن المجلس التصديري للغزل والنسيج.

وارتفعت صادرات القطاع خلال الفترة “يناير – يوليو” الماضيين بنحو 9%، ليبلغ ما قيمته 522 مليون دولار مقارنة 479 مليون دولار خلال الفترة نفسها من 2017.

وفي السياق ذاته، كشف الجهاز المركزي للتعبئة  العامة والإحصاء، عن أن الطاقة الإنتاجية المعطلة في مصانع الغزل والنسيج التابعة للقطاعين العام والأعمال العام، سجلت 29.2% خلال عام 2016-2017.

أسباب التراجع

وتعددت أسباب تراجع قطاع الغزل والنسيج في مصر، ويعد أبرزها:
  • نقص التحديث في شركات القطاع العام، وصعوبته في القطاع الخاص، بسبب أسعار الصرف.
  • تحرير العملة.
  • توقفت إدارات الشركات عن الاستثمار في تحديث الميكنة، وأساليب الإنتاج.

وقالت إيفلين متى، برلمانية في دمياط، خلال تصريح صحفي: إن أزمة قطاع الغزل والنسيج تتمثل في عدة عناصر، أبرزها:

  • قدم التكنولوجيا المستخدمة في مصانع الغزل والنسيج.
  • قلة عدد العمالة.
  • عدم زراعة القطن طويل التيلة.

وطالبت إيفلين الدولة بالتدخل لدعم الصناعة، وإعادة زراعة القطن طويل التيلة.

خطة الإنقاذ

ووضعت الشركة القابضة، بالتعاون مع الجهات المسئولة في وزارة قطاع الأعمال، مشروعا لتطوير صناعة الغزل والنسيج.

وقال أحمد مصطفى، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج: “إن الخطة تمر بعدة مراحل الأولى، تشمل تطوير محالج الأقطان على مستوى الجمهورية” لافتا إلى أن الشركة القابضة تبحث عن تمويل للمشروع، سواء من الموارد الذاتية، أو الشركاء، أو البنوك.

وأوضح هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، أن خطة الإنقاذ التي رسمتها الوزارة لقطاع الغزل والنسيج تشمل 23 شركة حاليا في نحو 11 شركة، مع تحديث كامل للمراجل، والمحالج، والأنوال، والصباغة، والتجهيز.

ونوه الوزير بأن الخطة تشمل 3-4 مراكز: “المحلة، كفر الدوار، حلوان” تكون شاملة لجميع مراحل الإنتاج من الغزل وحتى الملابس الجاهزة، والباقي يكون متخصصا في أحد المراحل الإنتاجية، فضلا عن دراسة لإقامة مصنع جديد في كفر الدوار الفترة المقبلة.

وأضاف: “أن خطة تطوير المراجل تتمثل أيضا في دمج 25 محلجا في 11 محلجا، وزيادة الطاقة الإنتاجية لضعفين مع إحلال الماكينات المستخدمة التي تعود إلى 1954، ويتم حاليا تركيب محلج جديد تمهيدا لتشغيله”.

مخاوف

وفي مقابل الخطط الرسمية، قال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصرية: “إن السيولة الضخمة التي تتطلبها خطط الإنقاذ عائق ضخم يواجه تلك الخطط.

وأضاف المرشدي، في تصريح صحفي: “أن الحكومة تسعى إلى إنقاذ شركات الغزل والنسيج من خلال ضخ سيولة جديدة، وتحديث الآلات والمعدات، وزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع”.

وتابع: “أنه في ظل السيولة الضخمة التي يحتاج إليها القطاع، التي تعجز الدولة عن توفيرها، سوف تتجه وزارة قطاع الأعمال العام، إلى بيع الأراضي المملوكة لهذه الشركات داخل الكتل السكنية، لتوفير تمويل ذاتي، بدلا من مواصلة الاقتراض من البنوك”.

وتخوّف من أن يجرى إنفاق قيمة الأراضي على معدات جديدة للمصانع، ما يدخلها في أزمة نقص سيولة، لمواجهة نفقاتها المرتفعة، الأمر الذي يدخل المصانع في دوامة جديدة من المشكلات، تعصف بخطط تطويرها.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *