تواجه صناعة الغزل والنسيج في مصر العديد من التحديات، للعودة إلى ريادتها، في ظل التغيرات العالمية، ونقل تلك الصناعة من الجانب الشرقي للعالم إلى مناطق أخرى، وهو ما يحتاج إلى قواعد لاجتذاب تلك الاستثمارات، وخلق قيمة مضافة لتلك الصناعة بمصر، الأمر الذي دفع إلى العمل على إنشاء أول منطقة حرة لصناعة النسيج بالمنيا.
وقال محسن عادل، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، خلال كلمته بالجلسة الختامية لمؤتمر 200 عام من القطن المصري، الذي نظمته الجمعية المصرية لشباب الأعمال: “إن الشركات القادمة من شرق آسيا ترى أن منطقة الشرق الأوسط بها العديد من المميزات، وتحديدا مصر، التي لديها أربع مزايا تنافسية، هي الموقع الجغرافي، والسوق الاستهلاكي، والاتفاقيات التجارية الحرة، أبرزها مع الكوميسا، وتوافر العمالة، وقواعد لاستقبال الاستثمارات”.
وأكد محسن عادل أنه جاري العمل على إنشاء أول منطقة حرة متخصصة لصناعة النسيج في العالم بمحافظة المنيا، على مساحة 2.2 مليون متر مربع، كما يجري إنشاء أول مدينة تكنولوجية متخصصة بجنوب الجيزة، وأخرى متخصصة في الصف.
المناطق الحرة
وأشار محسن عادل، إلى دور المناطق الحرة في الاقتصاد المصري، إذ حققت حجم صادرات بقيمة 14.7 مليار دولار، خلال الفترة من يناير وحتى 30 سبتمبر، بزيادة 1.1 مليار دولار عن نفس الفترة العام الماضي، موضحا أن الصادرات السلعية بلغت 8.3 مليارات دولار، والصادرات الخدمية بلغت 6.4 مليارات دولار.
كما كشف حسام فريد، مستشار وزير التجارة والصناعة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، عن أحدث مؤشرات التجارة الخارجية لمصر، قائلا: “إن واردات مصر بلغت 49 مليار دولار حتى نهاية شهر سبتمبر الماضي، بنسبة زيادة 6.2% عن الفترة المماثلة من العام الماضي، وبلغ حجم صادرات مصر 18 مليار دولار حتى نهاية شهر سبتمبر الماضي، مقابل 16 مليار جنيه خلال الفترة المماثلة من العام الذي سبقها، بنسبة زيادة 10%” مضيفا: “رغم أن نسبة زيادة الصادرات جيدة، ولكن نريد زيادتها خلال الفترة المقبلة”.
الاهتمام بصناعة النسيج
وأشار فريد أنه رغم أن صناعة النسيج تمثّل نسبة 6% من واردات مصر، ونسبة 4% من الصادرات، إلا أنها واحدة من أهم خمس صناعات تولّي وزارة الصناعة بها الاهتمام.
وأرجع حسام فريد، أسباب اهتمام وزارة الصناعة بصناعة الغزل والنسيج، لأنها أولا صناعة كثيفة العمالة، يعمل بها العديد من الشباب والسيدات، وذكر في هذا الصدد تقرير البنك الدولي، الذي أشار إلى دخول 80 مليون شاب سوق العمل بمصر خلال العشر سنوات المقبلة، وهو ما يستلزم توفير صناعات كثيفة التشغيل، وفي نفس الوقت مواكبة الثورة الصناعية الرابعة في تلك الصناعة.
ولفت فريد، إلى استهداف وزارة التجارة والصناعة أن تصبح مصر منفذا لصادرات الغزل والنسيج لدول القارة الإفريقية، لزيادة الصادرات المصرية لدول القارة السمراء، التي تصل إلى 3.5 مليارات دولار لا تتعدى نسبة 1% من واردات القارة الإفريقية، مشيرا إلى سعي الوزارة لتحقيق هذا الهدف باستغلال قيادة مصر للدورة الإفريقية القادمة.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وجّه بإنشاء كيانات متكاملة لصناعة الغزل والنسيج، تبدأ من زراعة القطن وتنتهي بتصنيعه، مع ضرورة الاستمرار في مشروعات التطوير، وإعادة الهيكلة للشركات الوطنية، وعلى رأسها شركات غزل المحلة، وغزل شبين، التي تحتاج إلى ما بين خمسة إلى ستة مليارات جنيه.
مشكلات صناعة النسيج
تعاني صناعة الغزل والنسيج – التي تعد واحدة من أهم الصناعات الوطنية التي قامت عليها النهضة الصناعية المصرية – من مشكلات عديدة منذ ثمانينات القرن الماضي، ما أدى إلى تدهورها، وبعد أن كانت هذه الصناعة تستوعب ما يقرب من مليون و200 ألف عامل انخفض هذا الرقم للنصف تقريبا، وأصبحت استثماراتها المقدرة بـ50 مليار جنيه في مهبّ الريح.
وأرجعت دراسة لجمعية صناع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى مشكلات صناعة الغزل والنسيج المصري إلى الإهمال الشديد في إحلال وتجديد الآلات والمعدات، بالإضافة إلى عدم وجود إدارة علمية تطبّق مبدأ الثواب والعقاب، وتضخم حجم العمالة، كل هذه الأسباب أدت إلى رفع سعر التكلفة، وضربت الصناعة الوطنية في الصميم، وترتب على ذلك تراكم المديونات على الشركات.
هذا بإضافة اختلال الهيكل التمويلي لشركات صناعة النسيج والملابس الجاهزة الحكومية، التي لجأت للاقتراض من البنوك، لتمويل عمليات الإحلال والتجديد بفائدة وصلت إلى ٢٠٪ في بعض الفترات، ما أدى في النهاية إلى انهيار كثير منها، بالإضافة إلى المشكلات المالية الطاحنة، وندرة السيولة، وتهالك الآلات والمعدات، وعدم تطويرها.
أيضا مشكلة التهريب التي كانت سببا في تكبّد الشركات المصرية خسائر فادحة على مدار الأعوام الماضية، وبعد تحرير سعر الصرف زادت المشكلات، نتيجة لارتفاع أسعار الغزول المستوردة، وعدم توافرها، ما أدى إلى توقّف العديد من المصانع عن العمل.
أضف تعليق