هل تتوسع الحكومة في استخدام الفحم كمصدر بديل للطاقة؟

استخدام الفحم
نتائج خطيرة تؤثر على صحة المصريين وعلى البيئة نتيجة التوسع في استخدام الفحم كمصدر للطاقة-أرشيف

تتوسع الحكومة في استخدام الفحم في مصر كمصدر موفر للطاقة، وهو توسع ليس في الصناعة فحسب، وإنما ينتقل لمصادر الطاقة الرئيسية في مصر، إذ تضمنت خطط التنمية القومية استخدامه بشكل واسع في محطات الكهرباء خلال السنوات العشر المقبلة.

ويقابل هذا التوسع نتائج خطيرة تؤثر على صحة المصريين وعلى البيئة، وهو ما يبرز في شكاوى المواطنين من وقت لآخر، كما أكد تقرير للوكالة الأمريكية للبيئة أن الفحم يصدر 76 ملوثا في الهواء وبكميات هائلة، ولا تستطيع الفلاتر حجز كل هذه الملوثات.

كما أنه يوجد للفحم بدائل عدة، نصح بها الخبراء، أبرزها الطاقة المتجددة الغنية بها مصر، ما يفتح التساؤل حول سبب اللجوء للفحم والاستغناء عن الغاز، رغم النتائج الخطيرة.

أزمة بسبب الفحم

تعد منطقة أم زغيو في حي العجمي بغرب الإسكندرية، من آخر المناطق التي ارتفع صوت أهلها شكوى من الفحم، إذ تحولت المنازل بالمنطقة للون الأسود من الداخل والخارج، وأصيب أغلبهم -إن لم يكن جميعهم- بأمراض الصدر. 

وتقوم تلك المخازن بتخزين الفحم والفوسفات، فضلا عن تلويثها للملاحات، ويشير الأهالي لتقديمهم كثير من الشكاوى لكل الأجهزة المسئولة دون جدوى، فيما تقع تلك المخازن على بعد أمتار قليلة من المساكن، على الرغم من تحديد القانون أن تبعد مخازن الفحم عن المنازل بأكثر من ثلاثة كيلو مترات.

ويشابه تلك الأزمة أزمة مصنع تيتان بالإسكندرية، وبني سويف، التي انتهت لحكم صادر عن محكمة الجنح المستأنفة، بإدانة مصنع الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، عن تسببه في تلوث البيئة، وانتهاك الحق في الصحة.

 استخدام الفحم في المصانع

على الرغم من منع استخدام الفحم في المصانع، وخاصة الأسمنت، ومنع استيراده لسنوات طويلة لأثره البيئي والصحي، إلا أنه وفي أبريل 2014 أعلن منير فخري عبد النور، وزير الصناعة الأسبق، أن مجلس الوزراء سمح باستخدام مزيج من الطاقة في صناعة الأسمنت، مما يعني إتاحة الفرصة أمام شركات الأسمنت لاستخدام الفحم.

وجاء القرار استجابة لمطالب شركات الأسمنت والأسمدة، لمواجهة أزمة الوقود آنذاك، وترافق القرار مع قرار آخر بالسماح باستخدام الفحم في توليد الكهرباء بعد جدل شديد داخل الحكومة نظرا لتأثيره على البيئة.

وجاءت الموافقة بعد جدل لسنوات داخل الحكومة، وصلت في فترات لتهديد وزيرة البيئة السابقة، ليلى إسكندر، بالاستقالة حال الموافقة على استخدام الفحم في إنتاج الكهرباء، بعكس خلفها آنذاك خالد فهمي الذي أبدى ترحيبه بهذا القرار.

الفحم والكهرباء

وفي الإطار ذاته، أعلنت القابضة للكهرباء تلقيها ثلاثة عروض للمنافسة على إنشاء أول محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم، بمنطقة الحمراوين على ساحل البحر الأحمر، بقدرة 6000 ميجاوات.

كما كشفت وزارة الكهرباء عن مخططات لإنتاج 7000 ميجاوات أخرى من محطات تعمل بالفحم بحلول 2025، بالإضافة لمشاريع أخرى ضمن خطة تستهدف وزارة الكهرباء تنفيذها حتى عام 2035.

بجانب المشروع المزمع تنفيذه من جانب شركة النويس الإماراتية، في منطقة عيون موسى، الذي تسعى من خلاله لإنتاج 2640 ميجاوات من الفحم.

حجم الاستخدام

وبعد عامين من صدور قرار السماح باستخدام الفحم، قال تقرير رسمي: “إن إجمالي استخدام مصانع الأسمنت من الفحم خلال 2016 ضمن مزيج الطاقة بلغ نحو 3.4 ملايين طن، بواقع 2.2 مليون طن فحم حجري، و1.2 مليون طن فحم بترولي، بتكلفة إجمالية تتراوح بين 300 إلى 360 مليون دولار منذ بداية 2016.

ونقل التقرير الذي نشرته جريدة البورصة، أن ما يقرب من 19 شركة أسمنت أصبحت تعتمد على الفحم، بنسب تتراوح ما بين 85 إلى 95% بعد الحصول على تراخيص استخدام الفحم، بينما لم يتجاوز استخدامهم للمشتقات الأخرى للطاقة كالمازوت والغاز الـ10%.

بدائل متوفرة

وفي مقابل المسعى الحكومي لاستخدام الفحم، رفضت العديد من الجهات في مصر هذا التوجه، كان أبرزها نقابة الأطباء، وخبراء بيئيين، بل وعدد من المسئولين، وأوضحوا وجود بدائل، أهمها مصادر الطاقة المتجددة من غاز وشمس ورياح، وفقا لبيان أصدرته مجموعة أطلقت على نفسها ”مصريون ضد الفحم“.

واتهم البيان وزير الصناعة آنذاك، بأنه وزير لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، بسبب قرار السماح باستخدام الفحم في المصانع، لافتين إلى أن معظم مصانع الأسمنت في مصر مملوكة لشركات أجنبية.

واقترحت المجموعة عددا من البدائل، مؤكدين توافرها بكثرة، مثل: الطاقة المولدة من النفايات، مشيرين إلى أن ذلك لن يحمي البيئة فحسب، ولكن سيتيح أيضا فرص عمل جديدة في مصانع تحويل النفايات، وسيحمل الدولة تكاليف أقل من تكلفة استيراد الفحم.

يذكر أن تقارير عالمية وضعت مدينة القاهرة على قمة قائمة المدن الاكثر تلوث عالميا، فيما أشارت تقارير رسمية صادرة عن وزارة الصحة، أن أمراض الصدر والناتجة عن التلوث بنسبة كبيرة هي السبب الأبرز للوفيات في مصر.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *