في تصريحات متكررة يعلن كل من البنك المركزي ووزارة المالية اهتمامهما بتبني المشروعات الصغيرة وتمويلها، وأنها طريق النهضة والتنمية في مصر.
وقالت لبنى هلال، نائب محافظ البنك المركزي المصري، في مؤتمر بجامعة النيل نهاية سبتمبر الماضي: “إن البنك المركزي خصص 200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وجرى إنفاق 110 مليارات جنيه في هذا المجال”.
كما توضح الأرقام التي يعلنها جهاز تمويل المشروعات حجم القروض التي تُعطى للشباب، ما يدعو للتساؤل “هل نسير حقا على طريق التنمية أم أن هناك عوائق؟”.
حجم المشروعات
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مصر من أكبر الدول العربية من حيث عدد وكثافة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وذكر تقرير صادر عن المعهد المصرفي المصري التابع للبنك المركزي، أن عدد المشاريع الصغيرة حتى يناير 2018 وصل إلى ما يقارب 3.04 ملايين مشروع صغير ومتوسط.
وأشار التقرير إلى أن 99% من هذه المشروعات داخل قطاعات غير زراعية، ويساهمون بـ24% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 75% من إجمالي القوة العاملة.
ووفقا للتقرير فإن 91% من المشروعات في مصر هي مشروعات متناهية الصغر وصغيرة، لا يتعدى رأس مالها 250 ألف جنيه، فيما تمثل المشروعات المتوسطة حوالي 7% ولا يتعدى رأس مالها 15 مليون جنيه، بينما المشروعات الكبيرة تمثّل فقط 2% من المشروعات في مصر، وذلك حتى عام 2016″.
ووصل عدد المشروعات لحوالي 2.45 مليون مشروع خلال عام 2016 فيما تشكل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 90% من مشروعات القطاع الخاص، وتستوعب ما بين 65 إلى 75% من العمال.
جهود التمويل
وبرز اهتمام الدولة بالمشروعات الصغيرة في أمور عديدة، أبرزها إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة لتخصيص 200 مليار جنيه بأسعار فائدة منخفضة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ونفّذ البنك المركزي المبادرة في يناير 2016 بتوفير 200 مليار جنيه بفائدة منخفضة.
وقال البنك المركزي: “إن إجمالي ما جرى ضخه من تمويلات ضمن مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة 70 مليار جنيه لنحو 62 ألف مشروع”.
ويضاف إلى المبادرة جهود جهاز تنمية المشروعات التي تصاعدت وفقا لتقارير الجهاز منذ عام 2014.
وكشف تقرير صادر عن البنك المركزي في أغسطس الماضي وصول حجم قروض تمويل المشروعات الصادرة من الجهاز إلى نحو 7.4 مليارات جنيه، أسهمت في تمويل 361 ألف مشروع صغير ومتناهي الصغر في الفترة من أبريل 2017 وحتى أغسطس 2018.
وأضاف التقرير الذي حمل عنوان “إنجازات جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر”: “أن حجم التمويل في أغسطس 2018 شهد ارتفاعا عن التمويل في عام 2017 يصل لـ14%”.
وبلغت قيمة التمويل في الفترة من أبريل 2016 وصولا لأغسطس 2018 6.% مليار جنيه مقابل 7.4 مليارات في 2018.
وأوضح التقرير أن 47% من التمويل حصلت عليه مشاريع جديدة، فيما حصلت مشاريع قائمة بالفعل على بقية النسبة، إذ حصلت المشاريع الجديدة على 11.596 مليون، وحصلت المشاريع القائمة على 13.149 مليون جنيه.
أما المشاريع الصناعية فحصلت على 7% من اجمالي التمويل، وحصلت المشاريع الحيوانية على 18%، والخدمية على 14%، والتجارية على 60 % من التمويل.
وجائت المشاريع المهنية أقل المشاريع تمويلا، إذ حصلت المهن الحرة على 1% من إجمالي التمويل.
مشاركتها في الصادرات
ورغم اهتمام الحكومة بالمشاريع الصغيرة، والتأكيد على أنها السبيل الأمثل لتنمية الاقتصادية، فإن دراسات وإحصائيات مختلفة كشفت تعثرها في القيام بهذا الدور.
ففي أكتوبر 2017 أكدت دراسة أن المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر تواجه مشكلة في الوصول للأسواق الخارجية، مقارنة بالمشاريع الصغيرة في الدول الأخرى.
وأوضح تقرير صادر في فبراير 2018 أن المشاريع الصغيرة تُسهم في الصادرات بمصر بنسبة تصل إلى 4% وحين مقارنتها بمثيلاتها نجد أنها تسهم بنسبة 60% في تركيا، و49 % في إيطاليا، و36% بجنوب إفريقيا.
خطة متكاملة
وقال مسعد عمران، رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة الحرف اليدوية: “إن المشروعات الصغيرة في مصر تحتاج خطة متكاملة للنهوض بصادراتها، لتتمكن من مواكبة الأسواق العالمية”.
وطالب في تصريح صحفي، بإقامة معارض للمنتجات الصادرة من تلك المشاريع في السفارات المصرية حول العالم والمطارات المختلفة.
واتهم عمران جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأنه لم يقم بأي إنجاز، مضيفا: “أن الغرفة وقعت بروتوكول تعاون مع الجهاز منذ عام، ولم يتم تنفيذ أي خطوة”.
وشدّد عمران على ضرورة إلغاء الخفض على نسبة الدعم المقدم لمعارض المشروعات الصغيرة، إذ انخفض من 80 % حتى 50 %، ما أضر بالتسويق، والترويج لتلك المنتجات.
واقع التمويل
أما الخبير الاقتصادي محمد حلمي، فعلّق على التمويل الكبير الذي أتاحته الدولة للمشروعات الصغيرة، بأن شروط الحصول على قروض الشباب لتمويل المشروعات الصغيرة لا تتناسب مع الواقع.
وقال حلمي، في تصريحات صحفية: “إن الشباب هم أكثر الفئات تأثرا بالأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر”.
وطالب الدولة باستغلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتحسين الأوضاع الاقتصادية، في ظل ما وصفه بالفشل في حل الأزمات.
وأضاف: “أن مبادرة التمويل تلاعبت بأحلام الشباب وطموحاتهم” فيما تبيّن أنها مخصصة لرجال الأعمال، وليس للشباب الذي ما زال في بداية طريقه.
وجاءت تصريحات حلمي في الوقت الذي أعلن فيه كمال مرعي، رئيس لجنة المشروعات الصغيرة بالبرلمان، أن اللجنة تعمل حاليّا إصدار قانون جديد لتنمية المشروعات الصغيرة، لتلافي عيوب القانون الحالي.
أضف تعليق