في الوقت الذي تواجه فيه مصر مخاطر كبيرة تهدد مستقبل أمنها المائي، بسبب بناء سد النهضة الإثيوبي، يضاف إلى تلك المخاطر ما تردد مؤخرا بأن السودان يبني 12 سدّا على نهر النيل ضمن عدد من مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية.
وتثير تلك السدود التي أعلن السودان عنها تساؤلات بشأن مدى تأثيرها على أمن مصر المائي، أم أن السودان سيلتزم باتفاقية تقاسم النيل بينه وبين مصر الموقعة في عام 1959.
12 سدّا
المهندس موسي عمر أبو القاسم، وزير الدولة المدير العام لوحدة تنفيذ السدود في السودان، أعلن تنفيذ بلاده 12 سدّا بسعة تخزينية كبيرة، في إطار برنامج الدولة “زيرو عطش”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية السودانية.
وقال أبو القاسم: “إن أبرز تلك السدود هي: عروس وأربعات بولاية البحر الأحمر، إضافة إلى سدود العودة الطوعية بولايات دارفور والولايات الأخرى، إلى جانب الحفائر، ومحطات تنقية المياه.
وأضاف: “أنه سيتم البدء في تنفيذ سدّي كجبار والشريك بعد توفر التمويل اللازم، دون إحداث أي تأثير على المواطنين في تلك المناطق” وذلك وفق الدراسات الجديدة التي مضت نحو تخفيف الآثار الاجتماعية المتعلقة بإعادة التوطين، بتقليل السعات التخزينية لهذه السدود، بالتركيز على توليد الكهرباء.
محاولات سابقة
وتكرر عزم السودان أكثر من مرة زيادة عدد سدوده على النيل، وكان أبرزها إعلانه المتكرر بناء سبع سدود في 2016 بتمويل سعودي، وتكرر الأمر عام 2017.
وقالت مصادر حكومية آنذاك: “إن السعي لبناء تلك السدود يرتبط بالزيادة الملحوظة للاستثمارات الخليجية في المجال الزراعي بالسودان”.
واتفق السودان مع السعودية حينها على تمويل ثلاثة سدود، في شمال السودان، بجانب زراعة مليون فدان، خلال فترة تصل لخمس سنوات.
وتتحمل الصناديق العربية “الكويتي، والسعودي، والعربي، والبنك الإسلامي” جزءا كبيرا من تكلفة مشروع “زيرو عطش” المسئول عن بناء السدود بالكامل، والبالغة تكلفته 900 مليون دولار، إذ تتحمل 400 مليون دولار منها على شكل قروض طويلة الأجل.
الهدف والتكلفة
ويسعى السودان لإنشاء سد الشريك بمنطقة الشلالات، للحصول على طاقة كهربائية تصل إلى 420 ميجاوات بتكلفة 925 مليون دولار، أما سدّ دال في الشلال الثاني، شمال مدينة دنقلا، فمتوقع توليد طاقة كهربائية قدرها 648 ميجاوات، كما يجرى إنشاء سد مقرات، لإنتاج طاقة كهربائية، مقدارها 312 ميجاوات وبتكلفة تقدر بـ523.6 مليون يورو.
وتشمل خطة إنشاء السدود المعلنة سابقا سد السبلوقة بمنطقة الشلالات شمال السودان، ويقع على الشلال السادس بهدف إنتاج طاقة مقدارها 205 ميجاوات بتكلفة تقدر بـ463.7 مليون دولار، بالإضافة إلى إنشاء سد “دقش”، الذي يقع أعلى سد “مروي” لإنتاج طاقة كهربائية مقدارها 312 ميجاوات.
ويضاف إلى ما سبق إنشاء سد “كجبار” في الولاية الشمالية، عند الشلال الثالث بمنطقة كجبار، وهي إحدى المناطق التي تقع في إقليم “المحس”، لتخزين 1.5 مليار متر مكعب، وبارتفاع 23 مترا وعرض 40 مترا، بتكلفة إجمالية لبناء السد 705 ملايين دولار، وصممته شركة لامار الألمانية.
فيما سيجرى إنشاء سدّي عطبرة وستيت بولايتي كسلا والقضارف، بسعة تخزينية تبلغ 2.7 مليار متر مكعب، ويتكون المشروع من جزأين، سد أعالي نهر عطبرة.
كما يجرى إنشاء قناة ترابية مفتوحة، للربط بين نهري “عطبرة” و”ستيت”، أما سد نهر “ستيت” فيشمل إنشاء سد ترابي، ومسرب للمياه، وتقع ضمنه محطة صغيرة لتوليد 15 ميجاوات من الكهرباء.
ويعتزم السودان وفقا لتصريحات خضر قم السيد، وزير الموارد المائية والكهرباء، تعلية سد أربعات بالبحر الأحمر، لإضافة 13 مليون متر مكعب من المياه، وتنفيذ سد عروس لتوفير ستة ملايين متر مكعب من المياه.
سدود صغيرة
وقال محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق: “إن السدود السودانية المعلن عن أحجامها صغيرة، أكبرها سد مروي، الذي تصل سعته التخزينية إلى 12 مليار متر مكعب، مقارنة بـ74 مليارا لسد النهضة“.
وأضاف في تصريحات صحفية: أن تلك السدود أُعلن عنها سابقا ضمن أنشطة مبادرة حوض النيل، وتنقسم إلى جزأين:
- الأول: في منطقة الشلالات، لا يشكل خطورة على مصر، لطبيعة المنطقة الجبلية، التي لا تصلح فيها الزراعة.
- الثاني: يشكل خطورة على مصر، وهي سدود نهر “عطبرة” و”ستيت” و”السوباط” و”تعلية خزان الرصيرص” و”سنار” و”خشم القربة” لوجود زراعات تقوم على تلك السدود، وهو ما يهدد حصة مصر المائية المتفق عليها في اتفاقية تقسيم مياه النيل.
شو إعلامي
وفي تعليق البرلمان على إعادة السودان عزمه بناء السدود، قال اللواء يحيى الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب: “إن محاور الشر في المنطقة تعمل على تضييق الخناق على مصر بجميع الأشكال”.
وأضاف الكدواني في تصريح صحفي: “أن مصر لن تسمح بالمساس بحصتها من مياه النيل” متابعا: “السودان له حصة معينة في مياه النيل، ومن حقه استغلالها واستثمارها من خلال عمل سدود لإنتاج طاقة، لكن بشرط عدم المساس بحصة مصر”.
ولفت إلى أن الاتفاقيات الدولية تؤكد أن حصة مصر 55 مليار متر مكعب، ولا يمكن التفريط فيها، معتبرا إعلان السودان الأخير بشأن السبعة سدود نوعا من الشو الإعلامي، ورقما مبالغا فيه، مشيرا لإعلانها السابق، وعدم تنفيذها.
اقرأ أيضا: هل يؤثر بناء سدود أوغندا على سد النهضة؟
أضف تعليق