اتفاق الحكومة المصرية على إنشاء خمسة سدود لحصاد مياه الأمطار في مناطق متفرقة بأوغندا، ضمن عدد من المشروعات بين البلدين، أثار تساؤلات عدة، حول علاقة تلك السدود بتعثر المفاوضات حول سد النهضة، وهل تمويل مصر للمشروع الحالي ومشاريع سابقة يمكن أن يساهم في محاصرة السد الإثيوبي؟
وكانت أوغندا قد أعلنت قبل ذلك ـ التي حرصت مصر على استمرار دعم مشاريعها التنموية ـ موقفها من سد النهضة، وتأكيدها أن كل دول النيل يجب ألا يضر نصيبها من النيل، إلا أن التساؤل المستمر هل ستكفي تلك الخطوات الحكومية المصرية في ظل انتهاء إثيوبيا من 60% من مشروع سد النهضة، ومضيها قدما فيه؟
سدود أوغندا
وسبق أن أعلن محمد عبد العاطي، وزير الري يوم الخميس الماضي عن البدء في تنفيذ خمسة سدود خاصة بحصاد مياه الأمطار في مناطق متفرقة بأوغندا، تضاف إلى ما جرى تنفيذه بالفعل من مشروعات الآبار.
وأضاف عبد العاطي في تصريحات صحفية، خلال لقائه مع وزير المياه والبيئة الأوغندي، سام شيبتوريس، في مقاطعة كسيسي غرب أوغندا: “أن هذا المشروع يأتي بناء على طلب الحكومة الأوغندية لتقديم الخبرات المصرية، نتيجة للمخاطر التي تعرضت لها مقاطعة كسيسي خلال 20 عاما مضت”.
أما عن تمويل المشروع، فحسب الحكومة المصرية، فإنه سيجرى إنشاؤه بسعة لن تزيد على 10 آلاف متر مكعب للخمسة سدود، بمنحة مصرية قيمتها 9 ملايين دولار.
وسبق أن قامت مصر بمشاريع مشابهة في أوغندا، ففي ديسمبر 2017 قامت وزارة الري المصرية بإنشاء سد جديد في دولة أوغندا، لحماية بعض المدن الأوغندية من الفيضانات.
وجاء هذا المشروع في إطار محاولات مصر توقيع العديد من الاتفاقيات، والتعاون في العديد من المشروعات مع دول حوض النيل، بهدف كسب حلفاء جدد لمساعدتها في أزمة سد النهضة الإثيوبي.
رسائل إلى إثيوبيا
ويرى مراقبون أن توجّه مصر إلى تمويل سدود في أوغندا، يأتي ضمن سياسة جديدة تنتهجها تجاه دول المنبع، وتجاه السدود التي تقوم دول المنبع بإنشائها على نهر النيل ومنابعه، إذ تقوم مصر بالمشاركة في بناء وإدارة هذه السدود لحماية حصتها من المياه، بدلا من معارضة إنشاء السدود.
وقال الدكتور أيمن عبدالعظيم، خبير الشؤون الإفريقية والمياه: إن مصر تبعث بثلاث رسائل مهمة من خلال مشاركتها ببناء السدود المتعلقة بملف مياه النيل:
- الرسالة الأولى: تحمل تأكيد مصر أنها ليست ضد إنشاء السدود، ما دامت لا تؤثر على حصتها من مياه النيل، لافتا إلى جهد مصر في دعم الدول الإفريقية، ومساعدتها في المجالات التنموية.
- الرسالة الثانية: فيرى عبدالعظيم أنها تأكيد مصري بالاستمرار في النهج والإستراتيجية المتبعة منذ الخمسينات، بنقل الخبرات والدعم لتنمية دول حوض النيل.
- الرسالة الثالثة: هي الرسالة الأهم، أن مصر تسعى لتقديم نموذج عملي وواضح لإثيوبيا في كيفية تجاوز الخلاف المحتدم حول سد النهضة، مشيرا إلى أن مصر عرضت بالفعل على إثيوبيا المساهمة في بناء وإدارة سد النهضة، لكن إثيوبيا رفضت هذا العرض.
أوغندا وسد النهضة
وعلى الرغم من تصريحات عبدالعظيم أن الدعم يحمل رسائل لإثيوبيا، إلا أن المشروع يبدو أنه يحمل أكثر من الرسائل، بل يضم لمصر حلفاء في إطار محاولات التفاهم مع دول المنبع لضمان عدم تضررها من سد النهضة، وهو ما ظهر في موقف أوغندا من السد.
وقال سام كوتيسا، وزير خارجية أوغندا، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير الخارجية المصري في مايو الماضي: “أن جميع الدول المطلة على نهر النيل لابد أن تستفيد من المياه، دون أن يحجبها عنه سد”.
وأضاف: “أنه لا يجب إيذاء أي دولة خلال تقسيم مياه النيل، مطالبا الجميع بالوصول إلى نقطة منطقية” مؤكدا أن مياه النيل وأي سدود حولها لابد أن تخدم الجميع.
استمرار الأزمة
يأتي ذلك الاتفاق، في الوقت الذي انتهت فيه إثيوبيا من بناء ما يقارب من 60% من سد النهضة على النيل الأزرق، بهدف توليد الكهرباء، وهو ما يمكن أن يؤثر على حصة مصر من النيل، والتي تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
وقالت جريدة سودان تربيون: إن المفاوضات وصلت بين مصر وإثيوبيا لطريق مسدود “لا انفراجة فيه” على حد وصفها.
ونقلت في تقرير حول مصير سد النهضة، نشرته في مايو الماضي، قيام وزير الخارجية سامح شكري، باتهام إثيوبيا والسودان بإعاقة عملية المحادثات الفنية حول سد النهضة الإثيوبي، بعد فشل الاجتماع الأخير في أديس أبابا.
وكشف بيان لمجلس إدارة الطاقة الكهربائية الإثيوبية، انتهاء إثيوبيا من 60% من أعمال بناء سد النهضة.
وقال البيان الصادر بداية أغسطس الماضي أن بقية الأعمال المدنية والميكانيكية الخاصة بتوليد الكهرباء للسد يتم تنفيذها خلال موسم الفيضان الحالي دون توقف، على أن يتم إنتاج الكهرباء خلال عامين وفقا للخطة الموضوعة.
وأعلنت وكالة الأنباء الإثيوبية: “أن إثيوبيا وكينيا سينتهيان من مد خط ينقل 2000 ميجا وات من الكهرباء بين البلدين العام المقبل”.
ونشرت وسائل إعلام محلية أنه جرى تكثيف الاتصالات بين مصر والسودان وإثيوبيا لاستئناف عقد الاجتماعات الفنية الثلاثية، للبدء في إعداد الدراسات الفنية التي تحدد قواعد الملء الأول وسنوات التخزين، التي كان مقررا الانتهاء منها العام الحالي، وقبل شروع الجانب الإثيوبي في تخزين المياه أمام السد.
أضف تعليق