زواج القاصرات.. بين تحايل الأهل وتغليظ العقوبات

الزواج المبكر في مصر
الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يرصد حالات الزواج المبكر في مصر - تعبيرية

أعادت قصة “فرحة نصر” التي تزوّجت قبل بلوغها الثامنة عشرة، أمس الثلاثاء، وما ترتب على ذلك من أزمات واجهتها، الجدل حول سن الزواج الرسمي، وفتح باب المناقشة حول أزمة زواج القاصرات في مصر.

ففي حين يحدد القانون سن الزواج الرسمي 18 عاما، يلجأ كثيرون للتحايل من خلال عدم توثيق شهادات الزواج، خاصة في الأرياف والصعيد، وهو ما كان سببا في عدد من الأزمات الاجتماعية، ودفع البعض للمناداة بتقليل سن الزواج إلى 16 عاما، مقابل آراء أخرى رفضت ذلك، معتبرة إياه انتهاكا في حق القصّر.

فيما تتبنى الدولة مواجهة الزواج قبل سن 18 عاما، بتغليظ العقوبات على المخالفين، فهل تكفي العقوبات لإنهاء الأزمة أو تكون حلا لهذه المشكلة الاجتماعية.

قصة فرحة

وتعود حادثة فرحة نصر، لما نقلته إحدى الفضائيات في اتصال هاتفي مع الفتاة، قالت فيه: “إنها تزوجت وعمرها 16 عاما أمام شيوخ القرية” مشيرة إلى أن زواجها كان من دون توثيق، نظرا لعدم بلوغها الـ18 عاما.

وأضافت فرحة: “أنها عانت من الضرب والإهانة في زواجها بشكل مستمر” مشيرة إلى قيامه بتوثيق الزواج، وتطليقها في نفس اليوم، ومن ثَم رفضه الاعتراف بحملها وطفلتها، لعدم توثيق الزواج سابقا.

وواصلت: “طليقي يرفض حتى الآن الاعتراف بابنته، وابنتي بلا شهادة ميلاد حتى الآن، رغم ولادتها منذ ثمانية أشهر، وطلاقي كان في نفس يوم الزواج الرسمي، وطفلي دون أب”.

إحصائيات وأرقام

لا تقتصر المعاناة على فرحة وحدها، إذ تشير الإحصائيات الرسمية لتعرض ما لا يقل عن 111 ألف فتاة لنفس الأزمة، إذ قالت إحصائية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: “إن عدد الإناث المتزوجات في فئة العمر 10 – 17 عاما بلغ نحو 111 ألف حالة على مستوى الجمهورية خلال 2017”.

وتكشف الإحصائيات ازدياد النسبة بين ذوات المستوى التعليمي والاقتصادي المنخفض، وأن محافظة القاهرة هي الأعلى في نسبة المتزوجات أقل من 20 عاما بواقع 9.1%.

فيما أعلنت وزارة الصحة بداية أكتوبر الماضي، أن 11% من الفتيات المراهقات من سن 15-19 سنة متزوجات أو سبق لهن الزواج، وواحدة من كل 20 فتاة في سن 15-17 سنة متزوجة.

تخفيض سن الزواج

وفي مقابل الأزمات التي تواجه الفتيات اللواتي تزوجن قبل سن الثامنة عشر، تقدم النائب أحمد سميح، عضو مجلس النواب عن محافظة الجيزة، بمقترح لتخفيض سن الزواج لـ16 عاما بدلا من 18 في أغسطس 2017.

وتعرّض مشروع القانون لهجوم واسع، مما دفع صاحبه لتجميده في المجلس، فيما دافع عن الفكرة قائلا: “أنا مش من عصور الجاهلية، والقرآن ما حددش سن للجواز”.

وأوضح سميح رؤيته لسن الزواج قائلا: “فلسفة تعديل القانون تقوم على السماح بالتوثيق للحالات التي تتزوج قبل السن القانوني المتفق عليها حاليا، وهي 18 سنة، خاصة أن هذه الحالات منتشرة بكثرة في القرى والأرياف”.

وتابع سميح: “أنه سعى بالقانون إلى التدرج التشريعي، بحيث يتم تطبيق القانون الجديد لمدة عامين، حال الموافقة على خفض السن لـ16 سنة، ثم رفع سن الزواج لـ17 سنة لمدة عامين أيضا، وبعدها نعود للنظام المعمول به حاليا بواقع 18 سنة”.

رأي الأزهر

وعلق الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على موضوع زواج القاصرات قائلا: “إنه لا يوجد نص صريح أو قاطع يبيح هذا الموضوع أو يمنعه، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لنا زوجوا بناتكم وأطفالكم قبل البلوغ، فلا يوجد إطلاقا هذا الكلام، ولكن فيه سكوت، وهو ممكن نسميه منطقة فراغ تشريعي”.

وأضاف في تصريح صحفي: “أن مسألة تحديد السن تخضع لظروف العصر، فهناك كانت مجتمعات هادئة يكون لها حكم مختلف، عن مجتمعات التعليم فيها مهم، ولا بد من الوصول لمرحلة معينة في التعليم، فكون السن الآن 18 عاما فلا مانع من ذلك”.

القومي للمرأة يرد

وعقب طرح النائب أحمد سميح مشروع قانون تخفيض سن الزواج، أصدر المجلس القومي للمرأة، برئاسة مايا مرسي، بيانا انتقد فيه هذا المشروع، إذ قال: “إن مشروع القانون الخاص بخفض سن زواج الفتيات إلى 16 سنة بدلا من 18 سنة مرفوض جملة وتفصيلا”.

واعتبر البيان أن هذا المقترح ردة للخلف، ويفقد المرأة ما حصلت عليه من مكتسبات، مشيرا لتعارضه مع قانون الطفل، الذي ينص على أنه يقصد بالطفل كل مَن لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة.

وتابع البيان معللا أسباب رفض فكرة خفض سن الزواج: “أنه يساهم أيضا في تأخر مصر في تحقيق معدلات التنمية المنشودة، ويعوق جميع مساعي الدولة في التغلب على مشكلة الانفجار السكاني“.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *