تطوير القناطر الخيرية، “حدائق الشرق”، كما يطلق عليها، أحد المشروعات التي جرى الإعلان عنها مرات متكررة من خلال حكومات متعاقبة، وفي كل مرة يتوقف الأمر عند مرحلة التصريحات والوعود وإطلاق الخطط دون أن تمتد يد للإصلاح والتطوير.
حال الحدائق بالقناطر الخيرية، يعكس واقعا أليما من الإهمال والتردي في الأوضاع، إذ تحولت من مظهر جمالي وحضاري ومصدر للتنمية والاستثمار، ومزار ومقصد سياحي، إلى مجرد إسطبلات للحيوانات، ومقلب للقمامة، ومرتع للبلطجية وتجار المخدرات والخارجين عن القانون، الذين يفرضون الإتاوات على الزائرين من خلال تأجير الخيول والدراجات بأسعار خيالية.
خطط تطوير القناطر الخيرية
الإعلان عن خطط لتطوير القناطر الخيرية بدأ منذ عقود ومازال مستمرا حتى الآن، ففي عام 2017 أعلن هشام الشريف، وزير التنمية المحلية الأسبق، أثناء زيارة له إلى مدينة القناطر الخيرية وحدائقها الملقبة بحدائق الشرق على مساحة 500 فدان، ضم الحدائق لمشروع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، الخاص بتوثيق وإحياء الحدائق التراثية، لتكون متنزها ومنطقة جذب سياحية واستثمارية.
وبالفعل جرى إعداد دراسة حصرت جوانب معاناة القناطر الخيرية وحدائقها التراثية وخلصت إلى أهم المشكلات وهي:
- تدهور الطابع المعماري المحيط وعدم توافقه مع المباني التراثية والأثرية.
- تدهور البنية التحتية.
- عدم صيانة النظم الميكانيكية للسدود.
- عدم استغلال الفراغات العامة واستخدام الجسور الأثرية لعبور السيارات والنقل الثقيل.
- إهمال الحدائق والنباتات التي تحتويها.
وجرى الإعلان عن خطة تطوير علمية للحفاظ على القناطر الخيرية ترتكز على الآتي:
- تطبيق أسس ومعايير التنسيق الحضاري.
- إعادة تأهيل المباني ذات القيمة المتميزة بتوظيفها بأنشطة مناسبة لتدر عائدا اقتصاديا يحقق وسيلة تمويل ذاتية للحفاظ على الحدائق وتطويرها.
- إجراء توثيق علمي للقناطر شاملا المباني والأشجار النادرة من خلال منهج علمي متخصص، وذلك بعد ترميمها وتطويرها وتسهيل الوصول إليها، سواء عبر النيل، أو من خلال الطرق.
غير أن مشروع الحدائق التراثية لم تمتد له يد وتوقف عند مرحلة التصريحات والرسومات والإعلان فقط، ولم يجر تنفيذ أي مرحلة من مراحله.
وعلى ذات الصعيد، دشن محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، خطة منذ عامين لاستغلال الحدائق الثمانية التابعة للوزارة، وتطويرها لجذب السياحة الداخلية والخارجية، ضمن مشروع رئيسي باستغلال جميع الموارد المملوكة للوزارات وزيادة مصادر دخلها.
وبحسب محمد الصادق، مدير إدارة ري القناطر، المشرف على خطة تطوير الحدائق، فإن الخطة التي أعلن عنها عبد العاطي تضمنت تطوير حدائق النخيل، وأبوقردان، والنموذجية ب،ج، والتوفيقية، وعفلة، والنموذجية أ، والمناشي.
ولفت مدير إدارة ري القناطر إلى أن الوزارة قامت بتطوير (حديقة التوفيقية) فقط ومازالت باقي الخطة قيد التطوير.
رفع سعر التذاكر
وبمجرد الانتهاء من تطوير أحد الحدائق، بادرت الحكومة برفع أسعار تذاكر دخول الحدائق الثمانية قبل احتفالات يوم اليتيم في العام الماضي، وجرى رفع أسعار الدخول من 2 جنيه إلى 10 جنيهات لـ4 حدائق عامة و 5 جنيهات لباقي الحدائق.
وقال أحد العاملين بحديقة النخيل بالقناطر الخيرية، إن الزيادة في سعر التذكرة أثرت على الزائرين الذين فوجئوا بتلك الزيادة، مؤكدا أن تلك الزيادة ستؤثر بشكل كبير على الأعياد وشم النسيم وسيكون هناك ضعف في الإقبال.
ومن جهته، قال عادل عبد الحميد، مدير الإدارة العامة للري بالقناطر الخيرية، في تصريحات صحفية: إن قرار الزيادة جاء بناء على تعليمات وزير الري نظرا لأعمال التطوير.
وبرر عبد الحميد الزيادة بأنه لن تكون هناك خدمة بأقل من التكلفة، وأن ميزانية الإنفاق على الحدائق في القناطر الخيرية 2 مليون و300 ألف جنيه سنويا، بينما عائد التذاكر لا يتجاوز نصف مليون جنيه، ولذلك كان لا بد من رفع قيمتها للتمكن من تطوير الحدائق، موضحا أن الأسعار الجديدة ستكون مستمرة، واعدا بمواصلة التطوير.
الإهمال مستمر
وفي المقابل، وصف حاتم عبد الحميد، عضو مجلس النواب عن دائرة القناطر، ما يحدث في حدائق وشاليهات القناطر بأنه إهدار للمال العام ولأملاك وأصول مملوكة للدولة، والتي تركت دون أي استفادة لأكثر من 12 سنة كاملة، واصفا ما أعلن عنه من خطط لتطوير الحدائق الـ8 أنه مجرد حبر على ورق.
ولفت النائب إلى شكاوى الأهالي من استمرار الإهمال وغياب أجهزة الدولة، فمازال استيلاء البعض على حرم النيل بفرعيه دمياط ورشيد وإقامة الكافتيريات وقاعات الأفراح والمباني المخالفة داخل الحدائق وعلى جانبي النهر مستمر حتى الآن، وفقا له.
أسباب ومقترحات
وعن أسباب توقف خطط التطوير، قال علاء مرزوق، محافظ القليوبية السابق، خلال تصريحات صحفية: إن العمل ضمن خطة التطوير، بدأ بالفعل لكنه توقف عند مرحلة معينة، موضحا أنه جرى عرض فرص الاستثمار السياحي ومشروعات تطوير القناطر على أكثر من مستثمر وجهة وشركة، ولكن لم نتلق أي عروض حتى الآن، ما يعكس عدم جدية المستثمرين.
ويضيف ضياء الدين عبد الحميد، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة القناطر الخيرية، أن أهم معوقات التطوير تتمثل في:
- شيوع المسئولية بين الوزارات المعنية.
- الروتين والبيروقراطية
- ضعف الرقابة من شرطة السياحة والتموين.
- الارتفاع غير المبرر في تذاكر الدخول للحدائق الخاصة وعزوف المواطنين عنها ما يضعف مواردها.
ويرى عبد الحميد أنه لابد من اتخاذ خطوات عملية لتفعيل الخطط التي يجرى الإعلان عنها، وفي مقدمتها:
- إنشاء هيئة متخصصة تضم الوزارات المعنية التي تتضارب في اتخاذ القرارات التي من شأنها إعطاء القناطر حقها في التطوير ووضعها على الخريطة السياحية.
- توفير الاعتمادات المالية اللازمة لترميم المعالم الأثرية بالمنطقة، ضمن ميزانية المحافظة، دون الاعتماد على المستثمرين.
فيما طالب محافظ القليوبية، باستغلال كل المقومات الموجودة بالقناطر الخيرية وتوزيع الخدمات، وتقسيم الموقع بصورة تجلب المستثمرين للاستثمار بالمنطقة، وتحويلها لمنتجع سياحي متكامل يضع المحافظة على الخريطة السياحية.
أضف تعليق