ماتزال أسماك بحيرة التمساح تتغذى على فضلات الصرف الصحي التي تلقى في البحيرة منذ سنوات عديدة، رغم إطلاق الصيادين وبعض المسئولين استغاثات لإنقاذ البحيرة المالحة التي تعد الأهم بالنسبة لقناة السويس.
البحيرة التي تعد شريان الحياة لآلاف الصيادين وملايين العائلات في الإسماعيلية، توطنت فيها أمراض نتيجة الصرف الصحي، ما أسفر عن تضاؤل الثروة السمكية بها، وتلوث الباقي بأوبئة انتقلت للمواطنين، فضلا عن عدم صلاحيتها للسباحة.
واستكمالا لمطالبات الحكومة بأداء واجبها، تقدم النائب عن محافظة السويس، عبد الحميد كمال، أمس الثلاثاء، ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب، لتوجيهه لوزراء الإسكان والصحة والبيئة، بشأن كارثة تدفق مياه الصرف على بحيرة التمساح.
وأضاف كمال: “تدفق مياه الصرف الصحي الخام- مجاري دون معالجة- على بحيرة التمساح في منطقة فايد، وقرب حلقة الأسماك ووجود تجمع الصيادين، يهدد المنطقة بكارثة بيئية، ومخاطر على الصحة العامة”.
وتابع النائب في بيانه العاجل: “فضلا عن ذلك، تتأثر الأسماك والكائنات البحرية، ويؤكد سكان المنطقة وجود خط انحدار صرف من محطة الصرف الصحي بمنطقة فنارة”، مطالبا بتوجيه بيانه للوزراء المذكورين استنادا لنص المادة 134 من الدستور والمادة 197 من اللائحة الداخلية.
السيسي: البحيرة طاهرة
يأتي بيان النائب رغم إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاحه عددا من المشروعات، في 15 من ديسمبر 2018، أنه جرى تطهير بحيرة التمساح والكورنيش الخاص بها الذي كان مليئا بالعشوائيات، إضافة إلى إنشاء ممشى سياحي وسوق سمك على أحدث مستوى في الإسماعيلية لصالح الناس.
بيان “كمال” العاجل، أمس، ليس جديدا، بل هو تذكير ببيان بخصوص نفس المشكلة منذ 11 عاما، حين تقدم أحد نواب الإسماعيلية حينها، باستجواب لرئيس الوزراء في ذلك الوقت، عن تلوث بحيرة التمساح الناتج عن إلقاء الصرف الصحي والصناعي والزراعي بها.
وتساءل النائب في استجوابه، في مارس 2009، عن سبب عدم القيام بأي معالجة، خاصة مع انخفاض كفاءة محطات الصرف الصحي الرئيسية وسبب عدم اكتمال عمليات تطهيرها حتى الآن، محملا وزراء الصحة والري والبيئة مسئولية تفاقم التلوث بالبحيرة، ما أدى إلى إصابة العديد من مواطني الإسماعيلية بالأمراض المختلفة.
كارثة قديمة
ليس ذلك فحسب، بل تقدم النائب أشرف عمارة، هو الآخر، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء ووزير البيئة، آخر أكتوبر الماضي، بخصوص أزمة بحيرة التمساح، كاشفا تعرضها لأعمال تجريف وردم أدت إلى انخفاض إنتاجيتها من الأسماك وانكماش مسطحها المائي، إضافة لاقتطاع جزء من مساحتها لصالح رجال الأعمال لإقامة فيلات على البحيرة مباشرة دون مراعاة لعوامل البيئة، كما تصرف الشواطئ والأندية المطلة على البحيرة مخلفاتها فيها.
بدوره، قال عربي شحاتة، صياد في بحيرة التمساح، في مارس 2018: إن “حصاد الشباك يقل عاما وراء العام، نتيجة التلوث والصيد الجائر من صيادين يستخدمون شباكا غير قانونية لا تسمح بعبور الأسماك الصغيرة، أنا أعمل في الصيد منذ 40 عاما، ولون البحيرة وطعم أسماكها تغير بسبب التلوث، ونجتهد في الوصول إلى مناطق صيد لم يصل إليها التلوث”.
أرقام وتقارير
وبحسب آخر إحصائية لهيئة تنمية الثروة السمكية في 2017، فقد انخفض إنتاج بحيرة التمساح والبحيرات المرة بنسبة 13%، إذ فقدت البحيرة 500 طن من إنتاجها بعدما أنتجت 3528 طنا من الأسماك عام 2015.
كما رصدت الهيئة العامة لمشروعات الصرف بالإسماعيلية، في أبريل 2010، بيانا بالمصارف التي تلقي مخلفاتها في مياه البحيرات وقناة السويس، وبلغ عددها نحو 20 مصرفا، منها 10 مصارف تصب في المجرى الملاحي لقناة السويس، و3 مصارف تصب في بحيرة التمساح، و7 مصارف تصب في البحيرات المرة والمنزلة.
وبحسب تقرير وزارة البيئة، الصادر في 15 مايو 2015، فبحيرة التمساح يدخلها حوالي 2 مليون متر مكعب يوميا من مياه الصرف عن طريق مصرف المحسمة، ويختلط بمياه البحيرة عن طريق بركة الصيادين الغربية قبل تسربها إلى المجرى الملاحي لقناة السويس.
المشكلة والحل
وحدد التقرير مصادر تلوث بحيرة التمساح كالتالي:
- الصرف الصناعي من المنطقة الصناعية بطريقة غير مباشرة عن طريق محطة المعالجة بسرابيوم، نتيجة صرف مغاسل مصانع الملابس بالمنطقة الحرة للاستثمار مختلطة بمياه الصرف الصحي.
- الصرف الزراعي المحمل بتركيزات من المبيدات والأسمدة من المصارف الزراعية.
- المخلفات البترولية السائلة الناتجة عن النشاط البحري للسفن العابرة.
- الورش التابعة لهيئة قناة السويس.
- ترسانة شركة المقاولون العرب.
كما حدد تقرير وزارة البيئة طرق تحسين مياه البحيرة على النحو التالي:
- ضبط الصرف العشوائي على البحيرة بربط شبكة الصرف الصحي بنوادي البلاجات وشبكة المدينة.
- إنشاء شبكة صرف صحي بمنطقة مساكن ومستشفى هيئة قناة السويس وربطها بمحطة المدينة.
- إنشاء محطات رفع بمنطقة الجمرك والإرشاد لمنع الصرف في البحيرة.
بحيرة التمساح
تقع البحيرة في مدينة الإسماعيلية، على شمال ضفتها، وتعد بحيرة أساسية لقناة السويس التي تمر من خلالها، ولا يبلغ عمق البحيرة أكثر من متر واحد تقريبا، وهو عمق ضئيل جدا، وتبلغ مساحتها حوالي 14 كم2.
تعد واحده من أربع بحيرات مائية مالحة تمر بهم قناة السويس شمال مصر، وهي: بحيرة المنزلة، بحيرة التمساح، البحيرة المرة الكبرى، والبحيرة المرة الصغرى.
وتتشكل البحيرة من حوض مائي مساحته 1900 فدان، بمتوسط عمق 10م وتحتوي على ما يقرب من 90 مليون متر مكعب من المياه المالحة، وتعتبر من أهم مصادر الأسماك في مصر، إذ يعمل بها أكثر من 7 آلاف صياد وتستخدم كمصيف هام.
أصبحت البحيرة غير صالحة للسباحة نتيجة للتلوث الشديد الحادث بها وتشير التقديرات الأولية إلى أن عملية تطهير البحيرة تتطلب مبلغ 50 مليون جنيه مصري.
أضف تعليق