“نقص أَسرّة العناية المركزة” جملة كثيرا ما تردد داخل أقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية، وربما الخاصة، فالعناية المركزة شعار ظاهره فيه الرحمة وباطنه رحلة مشقة وعذاب في الحصول على مكان، رغم إعلان وزراة الصحة قلة نسبة العجز عام 2019.
وتجددت أزمة نقص أَسرّة العناية المركزة في المستشفيات الحكومية والخاصة مع تساقط عدد من الضحايا بسبب حلم الحصول على سرير في هذه الوحدة، الأمر الذي دفع أعضاء بالبرلمان لتقديم طلبات إحاطة ضد وزيرة الصحة.
ووفقا للأرقام الصادرة عن نقابة الأطباء، فإن نسبة العجز في أَسرّة العناية المركزة بلغ 32%، إذ يوجد في مصر 123 ألف سرير عناية مركزة فقط، أي: سرير واحد لكل 813 مواطنا.
وبحسب مراقبين، فإن كارثة العناية المركزة لا تتوقف عن نقص الأسرة فحسب، فهناك 55% عجزا في تمريض الرعاية المركزة، وهناك نقص مماثل في عدد الأطباء.
نقص أَسرّة العناية المركزية
وفي سياق الحديث عن نقص أَسرّة العناية المركزة، فإن لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب تناقش طلب إحاطة مقدم من النائبة إلهام المنشاوي، بشأن المعاناة المستمرة من نقـص أَسرّة العناية المركزة والحَضّانات.
وفي نوفمبر الماضي، طالب شكري الجندي، عضو مجلس النواب، بسرعة حل مشكلة نقص أَسرّة العناية المركزة بالمستشفيات الحكومية، وخاصة في الأقاليم، لما تشهده من وقائع مأساوية.
وقال في تصريحات صحفية: “إنّ هذه الأزمة باتت تهدد الكثيرين من المصرين، ومن غير المعقول ولا المقبول أن ينتظر عشرات المرضى بكل المستشفيات أياما، ليتمكنوا من الحصول على مجالس متاحة بأقسام الرعاية المركزة، ما يتسبب في وفاة عدد كبير من هؤلاء المرضى”.
وأوضح أن اهتمام الوزارة بالمستشفيات الحكومية اقتصر فقط على القاهرة الكبرى، في حين أن باقي المستشفيات على مستوى الجمهورية تعاني نقصا في الإمكانيات، ما يؤثر بالسلب على طبيعة الخدمة المقدمة للمرضى.
وقالت شادية ثابت، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب: “إن هناك عجزا في وحدات العناية المركزة، وأيضا في أطباء العناية”.
وطالبت بالتعاقد مع الأطباء المتقاعدين، للقدرة على معالجة المرضى، وإعادة تشغيل وحدات العناية المعطلة، قائلة: “المستشفيات يوجد بها الأجهزة الطبية الحديثة والغرف والأَسرّة، ولكن الأطباء والممرضين غير متوفر وجودهم”.
ضحايا نقص أَسرّة العناية
وخلال الأشهر الأخيرة، سقط عدد من الضحايا، جراء نقص أَسرّة العناية المركزة، أبرزها وفاة الطفلة “منة الله عبده”، ثلاثة أشهر، بعد أن خاضت رحلة طويلة تبحث خلالها عن سرير داخل العناية المركزة، انتهت بوفاتها، لعدم وجود أَسرّة في الرعاية المركزة بجميع المستشفيات.
وفي أكتوبر الماضي، لَقِيت أسرة مصرعها، نتيجة انفجار أسطوانة بوتاجاز، ما أدى إلى اشتعال النيران بالمنزل، وإصابة الجميع بحروق من الدرجة الأولى، الأمر الذي دفع الجيران لنقلهم إلى وحدة الحروق بمستشفى قنا العام، إلا أن الأم لفظت أنفاسها الأخيرة بعد قليل من نقلها.
وجرى نقل الأبناء الثلاثة إلى مستشفيات خارج المحافظة، لعدم وجود أَسرّة داخل مستشفى قنا العام، وتُوفّي اثنان في مستشفى الحوامدية، ولفظ الثالث أنفاسه بمستشفى الأقصر الدولي، بسبب تأخر العلاج، ونقص في الوحدات العناية المركزة.
فيما لقيت الطفلة “جنة” لاعبة الجمباز، التي لم تتخطَّ السنوات العشر من عمرها، بسبب نقص وضعف الإمكانيات داخل المستشفى، ولا سيما وجود رعاية متكاملة لتبني الضحية.
أزمة قديمة
وعن أسباب الأزمة، قال شريف وديع، مستشار وزير الصحة للرعاية الحرجة: “إن أزمة نقص أَسرّة العناية المركزة قديمة، وناتجة عن إغلاق 40% من غرف الرعاية بالمستشفيات التابعة للوزارة”، موضحا أن الأمر يرجع لنقص القوى البشرية.
وأشار مستشار وزير الصحة، في تصريحات تلفزيونية، إلى وجود مشكلات في الأجهزة التي يُجرى استخدامها في غرف الرعاية الحرجة، وأزمات في غرف الصدر، وغرف القلب بشتى المستشفيات الحكومية، وأن هناك حاجة لسرير لكل سبعة آلاف مواطن، وفقا للدراسات العالمية، وهذا يعني أن مصر في حاجة لأربعة عشر ألف سرير.
وأضاف: “أن وزارة الصحة تعمل على توفير العلاج في التأمين الصحي والمؤسسة العلاجية، والمستشفيات الجامعية التي يصل عددها إلى 110، والمستشفيات الخاصة، خلاف الخدمة الطبية المقدمة بمستشفيات القوات المسلحة والشرطة للمدنيين على أعلى مستوى”.
وقال أحمد فتحي، عضو مجلس نقابة الأطباء: “إن هناك نحو 7000 سرير رعاية مركزة في مصر”، موضحا أن إجمالي عدد الأَسرّة، بما فيها أَسرّة العناية المركزة يصل إلى نحو 100 ألف سرير، في القطاعين الحكومي والخاص، وأنّ مصر في حاجة لقرارات حاسمة من جانب المسئولين بمختلف قطاعات وزارة الصحة.”
أضف تعليق