صراع وقضايا فساد.. متى تنتهي أزمات النقابات في مصر؟

صراع وقضايا فساد.. متى تنتهي أزمات النقابات في مصر؟
حكم بسجن نقيب العلميين وآخرين لمدة 4 سنوات في تهمة اقتحام النقابة - مصر في يوم

لعل عام 2019 كان من أصعب الأعوام في عمر النقابات في مصر على الإطلاق، إذ عصفت بها العديد من الأزمات التي زلزلت استقرارها ومساهماتها المجتمعية والقانونية، وصلت إلى حد ملاحقة أعضائها بل ورؤسائها بتهم الفساد.

وفي إحدى قضايا النقابات في مصر، أعلن وكيل نقابة العلميين، محمد غريب أبو عميرة، منذ ساعات، أن محكمة أمن الدولة طوارئ، أصدرت حكمها في عدة قضايا ضد نقيب العلميين عبد الستار المليجي، وعدد من أفراد الأمن معه في القضية رقم 1894.

وقال أبو عميرة: إن المحكمة حكمت على المليجي وآخرين لاقتحامهم النقابة وممارستهم أعمال البلطجة، وهم: علاء محمد عبد السلام، الصاوي جمال الصاوي، خالد محمد محمود الشحات، ومحمود ماهر محمود حسن، وذلك بالسجن أربع سنوات، وحُبس أحدهم بالفعل.

وأضاف وكيل نقابة العلميين، أن الحكم جاء بناء على ثلاث قضايا رُفعت ضد النقيب، وهي: حيازة أسلحة، والتعدي على عدد من أعضاء النقابة، وإصابة عدد منهم، واستعراض القوة، وأن المجلس مؤيد وبشدة لأحكام القضاء، وسيفتح باب الترشح للانتخابات في فبراير المقبل.

وأوضح أن إعلان النقيب مؤخرا فوزه بالتزكية مجرد “مهاترات” مخالفة للقانون ولأحكام القضاء التي صدرت في شأن الانتخابات ووقفها، لأن مجلس النقابة المنتخب مازال قائما إلى فبراير 2020، وما حدث من المليجي ما هو إلا تحدٍ صارخ لأحكام القضاء وسعي لخلق كيانات وهمية غرضها إثارة الفتنة، من جانبه، كشف صلاح النادي، أمين عام نقابة العلميين، أنه رفع قضية “فرض حراسة على النقابة”، وسيجرى الحكم فيها يوم 13 يناير الجاري.

النقابات في مصر

ولم يكن صراع “العلميين” الذي أدى إلى رفع قضية بفرض “الحراسة” جديدا على النقابات في مصر، ففي يناير 2018، بدأ صراع في نقابة الصيادلة بين نقيبها آنذاك، محيي عبيد، وأعضاء المجلس، حول تعديلات لائحة النقابة الداخلية، ومنح كل عضو من هيئة المكتب الصلاحيات.

بدأ الصراع بعد اعتراض أعضاء على ما وصفوه بانفراد النقيب بالقرار والصلاحيات، ما أدى إلى انقسام بين المجلس والنقيب، وصلت إلى اشتباكات، نتج عنها إصابة حسام حريرة، الأمين العام للنقابة، بجلطة، نُقل على إثرها إلى المستشفى، وحبس النقيب بتهمة البلطجة.

توالت الصراعات بعدها، ورفع 13 عضوا من النقابة قضية بحل المجلس بسبب الخلافات الدائرة بين المجلس والنقيب، وتدخل أحدهم فى القضية وطلب فرض الحراسة القضائية على النقابة، وبدأت بالفعل في أبريل 2019.

لم يتوقف شبح الحراسة القضائية عن ملاحقة النقابات في مصر، بل وصل إلى نقابة الأطباء كذلك، بسبب خلافات متنوعة أبرزها- حسب بيان محكمة القاهرة- امتناع الأطباء عن وضع الحد الأقصى لأسعار الخدمات الطبية في العيادات الخاصة، واتهام النقابة بارتكاب وتخطيط ممثليها لجرائم البلطجة وفرض السيطرة والتهديد ضد نقابة الصيادلة واتحاد المهن الطبية.

إلا أن محكمة مستأنف قصر النيل، أغلقت القضية بحكم نهائي، في 27 نوفمبر الماضي، بقبول استئناف دعوى رفض فرض الحراسة على نقابة الأطباء.

لم أعد أطيق السكوت

برزت أزمة أخرى من مسلسل أزمات النقابات في مصر، إذ تقدم هشام يونس، أمين صندوق نقابة الصحفيين باستقالة مفاجئة من مجلس النقابة، في 2 أكتوبر الماضي، بسبب ما قال إنها “الجرائم النقابية غير المسبوقة” بين جدران النقابة خلال الفترة الماضية.

وجاء في نص خطاب الاستقالة المسببة التي تقدم بها إلى ضياء رشوان نقيب الصحفيين: “لم أعد أطيق السكوت ولا المجاراة، ولن يكون الصمت فضيلة إذا شاهت الوجوه وتوارى الخجل، وأصبح العيب مباحا والخطأ متاحا والقابض على جمر الحقيقة أسيرا مكبلا بالمبادئ، دون أن يجد من يطلق يديه ويحرر أنفاسه”.

وتابع: “إنني أؤكد لكم أن استقالتي هي صيحة تحذير واجبة حاولت قدر الطاقة أن أجعلها صرخة مكتومة بين جدران حجرة مجلس النقابة، لكن الأفعال التي تجاوزت قدرتي على الاحتمال ورغبتي في الإصلاح خطوة خطوة، جعلتني أشعر بلزوم التوجه إلى الأفق الأوسع وهو أعضاء الجمعية العمومية للنقابة التي شرفتني بعضوية مجلسها لإطلاعها على تفاصيل لا يمكن أن تمر مرورا عابرا”.

وفي اليوم التالي، قرّر مجلس نقابة الصحفيين، إحالة كل ما أثاره هشام يونس، للنيابة العامة، وسحب لجنة القروض والإعانات منه، وتشكيل لجنة جديدة من الأعضاء جمال عبد الرحيم، ومحمد خراجة، وحسين الزناتي، ومحمد يحيى، وعمرو بدر.

ومن الصحفيين إلى الإعلاميين عرض مستمر لأزمات النقابات في مصر، ففي ديسمبر من عام 2018 تقدم حمدي الكنيسي، نقيب الإعلاميين، باستقالته من رئاسة اللجنة التأسيسة لنقابة الإعلاميين، وأعلن الكنيسي أن سبب استقالته الاعتراض على رفض لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، مشروع قانون بتعديل مواد في قانون إنشاء نقابة الإعلاميين.

وتوجد مادة في قانون إنشاء النقابة يرفضها الكنيسي وأعضاء اللجنة التأسيسية، تحرمهم من الترشح في الانتخابات، بدعوى احتمال عدم تكافؤ الفرص.

الدفاع معتقل

لون آخر من أزمات النقابات في مصر، برز للسطح بعد أن أدانت نقابة المحامين، في 30 من سبتمبر الماضي، عمليات إلقاء القبض على بعض أعضائها، أثناء حضورهم التحقيقات مع عدد من المتهمين بنيابة أمن الدولة، بشأن تظاهرات سبتمبر التي اندلعت ضد الرئيس السيسي.

وقال سامح عاشور، نقيب المحامين، في بيان على صفحته: إن هذا “إجراء يؤدي حتما إلى إسقاط حق الدفاع عن المتهمين ويهدد أيضا دور المحامي الدستوري والقانوني وكفالة هذا الحق وترهيب للمقبوضين وغيرهم عن أداء دورهم التاريخي في الدفاع”.

جميع ما سبق هو نماذج لمشاكل النقابات في مصر، والتي تتمثل أغلبها في ثلاث أزمات، إما التجميد، كحال نقابة التجاريين التي لم تُجر فيها انتخابات منذ أكثر من 21 عاما، أو الصراعات الداخلية، كحال “الصيادلة” و”العلميين”، أو فرض الحراسة عليها، وهو الشبح الذي يعني قتل حريتها.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *