اختفاء مصل الإنفلونزا على مدار 75 يوما من الأسواق الرسمية، أزمة تثير غضبا مجتمعيا كبيرا، ولا تزال عشرات الآلاف من الأسر تخوض رحلة بحث فاشلة عن المصل.
حالة العجز الشديد صاحبها نشاطا في الأسواق السوداء، التي استغلت الأزمة في رفع سعر مصل الإنفلونزا وغيره من الأنواع الأخرى، بل وبيع أمصال مجهولة الهوية ومغشوشة، لكن تلك الأسواق لم تستطع أن تُغطي نقص الكمية.
وعلى مدار السنوات الماضية، اعتاد كثير من المواطنين التوجه إلى الصيدليات ومراكز المصل واللقاح خلال فصل الخريف، للحصول على مصل الإنفلونزا، استعدادا لمواجهة هجمات الفيروس الذي ينشط بشكل موسمي في الشتاء.
اختفاء مصل الإنفلونز
بدأت أزمة اختفاء مصل الإنفلونزا مع دخول فصل الخريف، إذ أعلنت الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات، نفاد كمياته هو و”مصل السحائي” منذ منتصف سبتمبر الماضي.
ووفقا لشكاوى المواطنين، فإنهم يترددون على الصيدليات ومراكز المصل واللقاح منذ بداية شهر نوفمبر الماضي، لكنهم صُدموا من عدم توفرهما.
ومع اختفاء مصل الإنفلونزا وغيره من الأمصال، انتشرت في الأسواق وبعض الصيدليات والأندية والمولات التجارية -مؤخرا- أمصال ولقاحات لعلاج بعض أنواع الإنفلونزا الموسمية، وبعض الأمراض الأخرى، بأسعار مبالغ فيها، فضلا عن تهريب مثل هذه الأمصال من الخارج، لدرجة أنه أصبح هناك سوق سوداء ومافيا للتجارة فيها داخل مصر.
ووفقا لعدد من الصيادلة، يسيطر بعض التجار على هذه السوق، ويبيعونها بأسعار خيالية، لتحقيق الأرباح على حساب المواطن وصحته، بالإضافة إلى انتشار الاستخدام العشوائي من جانب المرضى لمثل هذه الأمصال بما يضر بصحتهم.
وأضافوا: “أن مصل الإنفلونزا كان متوفرا بداية شهر ديسمبر، لكن بكميات قليلة، نفذت سريعا، واختفى تماما الآن، ما أثار غضب المواطنين، إذ يطلبه عدد كبير وبشكل يومي، خصوصا مرضى الحساسية وأمراض الصدر، والأمراض التي لا تتحمل مضاعفات الإنفلونزا”.
وكان مركز الحساسية والمناعة قد كشف عن نقص الأمصال التي وصلت إلى مصر، في ظل أن الإقبال عليها كان كبيرا، وجرى توزيع جزء منها على وزارة الصحة، وجزء آخر يُجرى توزيعه بهيئة المصل واللقاح.
أضرار صحية
وكانت نقابة الصيادلة قد أعلنت، في ديسمبر الماضي، عدم توفر مصل الإنفلونزا في الصيدليات، وتأخره عن موسمه منذ شهرين، محذرة من أن عدم وصوله في موعده يضر بمصلحة المرضى، ويخلق سوقا موازية من خلال البيع في العيادات.
وقال محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة: “إن مصل الإنفلونزا حتى هذه اللحظة غير متوفر في شركات التوزيع، وبالتالي غير متوفر في الصيدليات”.
وأضاف الشيخ في تصريحات صحفية: “أن المصل تأخر وصوله بالموسم الخاص به منذ شهرين، وأنه يجب التشديد على بيع الأمصال بالأماكن المخصصة لها فقط، مطالبا بتفعيل منظومة التتبع الدوائي، التي تضع الدواء في منظومة إلكترونية”.
وتشير أصابع الاتهام في اختفاء مصل الإنفلونزا إلى مافيا المصل واللحاق، إذ قال سمير المرسي، نقيب صيادلة الدقهلية الأسبق: “إن هناك مافيا في اللقاح والأمصال، ولأن إنتاج مصر من هذه اللقاحات أصبح شبه منعدم، فإن الصيدليات تعاني من نقص شديد فيها”.
وأضاف في تصريحات صحفية: “أن مندوبي الشركات يتلاعبون في الأسعار، لتحقيق أكبر هامش ربح ممكن، عن طريق البيع المباشر دون أي رقابة”.
وأشار المرسي إلى أن المشكلة الكبرى في التطعيمات التي لا تُصنع داخل مصر، ولا توجد في مكاتب الصحة أو مكاتب الرعاية الأولية، لذا فهي غالية الثمن جدا، كتطعيم النزلة المعوية، وتطعيمات الروتا، والالتهاب السحائي، والجديري، والكبدي، ومصل الإنفلونزا.
وأضاف: “أن التطعيمات الإجبارية فقط هي التي توجد على كشوف مكاتب الصحة، وهذه تباع بأسعار زهيدة، وتُقدم فيها بالمجان، لأننا نقوم بتحضيرها، لكن كميات هذه اللقاحات أقل من أن تكفي حاجات المواطنين”.
وعن أهمية المصل، قال أمجد الحداد، مدير مركز الحساسية والمناعة بالشركة القابضة للمصل واللقاح “فاكسيرا”: “إن الأمصال -وخاصة مصل الإنفلونزا الموسمية- خلال موسم الشتاء، مهم لجميع الفئات، عدا الأطفال أقل من ستة أشهر”.
وأوضح أن مصل الإنفلونزا هو أكثر أهمية للأطفال، مَن هم أكبر من ستة أشهر، ولذوي الأمراض المزمنة، مثل: السكر، والقلب، والفشل الكلوي، وكذلك مرضى ضعف المناعة، كما أنه مهم أيضا للشخص السليم، للوقاية من مضاعفات الإنفلونزا، وأهمها الالتهاب الرئوي، وفشل القلب.
انفرجة جزئية
وأوضح أنه حدث إفراج جزئي عن المصل الأسبوع الماضي، وخلال الأسبوع الجاري سيحدث إفراج كلي عن الأمصال، وستحدث انفراجة لتسهيل حصول المواطنين عليه.
فيما نفى مجلس الوزراء ما تردد في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء بشأن نقص مصل الإنفلونزا، وعدم توافره بالوحدات الصحية والمستشفيات الحكومية.
وأكد مجلس الوزراء أنه لا صحة على الإطلاق لنقص مصل الإنفلونزا، مُشددا على توافر جميع الأمصال الطبية بكل المستشفيات، وأن المخزون الإستراتيجي من مصل الإنفلونزا مُطمئن، ويكفي لمدة خمسة أشهر.
أضف تعليق