بعد وفاة هيثم زكي.. “الوحدة القاتلة” حقيقة علمية أم عبارة عاطفية؟

بعد وفاة هيثم زكي.. "الوحدة القاتلة" حقيقة علمية أم عبارة عاطفية؟
الذين يعانون من وحدة لفترات طويلة تزيد على 4 سنوات تزيد نسبة وفاتهم المبكرة- مصر في يوم

الوحدة القاتلة وتأثيرها على صحة الإنسان، سؤال يبحث عن إجابة، وبحث يدور أيضا في أذهان الكثيرين من المختصين والمتابعين بشأن وجود علاقة بين الوحدة والوفاة، خصوصا في ظل تأكيدات وتحذيرات علمية أنها قد تكون سببا لوفاة شخص ما بشكل مفاجئ رغم امتلاكه كل أسباب السعادة كالشهرة والصحة والمال، كل هذه الأسئلة والمخاوف انتابت المصريين بعد وفاة الفنان الشاب هيثم أحمد زكي وحيدا في شقته.

وجاءت وفاة الفنان الشاب بمثابة صدمة كبيرة للمصريين والعرب، وتصدر اسمه الكلمات الأكثر بحثا على مواقع  التواصل الاجتماعي، وأصبحت الوفاة نتيجة الوحدة القاتلة الهاجس المسيطر على عقول الكثيرين، فباتوا يبحثون حول حقيقة الأمر وما إذا كان له سند علمي أم أنه مجرد تكهنات ومقولات عاطفية.

ومن جهته، يعرف تيموثي سميث، أستاذ في قسم علم النفس في جامعة بريجهام يونج في بروفو بولاية يوتا الأمريكية، الوحدة بأنها حالة عاطفية أولا وقبل كل شيء، والتي تتمثل في التصور بأن الشخص وحيد، وهي ليست بالضرورة خلوة شخصية.

ويشير سميث إلى أنه شارك كباحث في عشرات الدراسات عن العلاقة بين الوحدة والوفاة، لافتا إلى أنه رصد العلاقة من خلال 70 دراسة أنجزت بين عامي 1980 و2014، وكيف أن الشعور بالعزلة الاجتماعية يؤثر على طول العمر، وحدوث الوفاة بشكل مفاجئ.

الوحدة القاتلة

من جهته يوضح محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي، أن هناك حقيقة علمية تؤكد وجود علاقة بين الوحدة والوفاة وأنها من الممكن أن تؤدي للموت فعلا، لافتا إلى أن “الوحدة القاتلة” حقيقة بلا أدنى شك، وأن كلمة قاتلة ليست مجازية لكنها قاتلة علميا.

وفيما يتعلق بوفاة الفنان الشاب هيثم أحمد زكي، يقول المهدي: إن هيثم عانى كثيرا من الوحدة والوضع النفسي السيئ بصورة جعلته يتحدث عن ذلك في مناسبات مختلفة، بداية من وفاة جدته، لأنها كانت الراعي الرئيسي والمباشر له، بسبب انشغال والده الدائم، ومن ثم وفاة والدته ووالده بمرض خطير.

ويشير المهدي إلى أن إحدى الدراسات الحديثة أثبتت أن الذين يعانون من وحدة لفترات طويلة تزيد على 4 سنوات تزيد نسبة وفاتهم المبكرة، وتزيد نسبة الإصابة بارتفاع ضغط القلب وجلطات القلب والسكتات الدماغية كما يضطرب جهاز المناعة لديهم بنسبة عالية جدا.

دراسات

وفي السياق، أكدت دراسة دانماركية حديثة أن الأشخاص العُزّب، والذين يعانون من وحدة مزمنة، كانوا أكثر عُرضة لمشاكل القلب والوفاة المبكرة من الأشخاص الذين يعيشون وسط أهلهم، وهو الأمر الذي يفسر وفاة الفنان هيثم أحمد زكي وغيره من المشاهير، بسبب الوحدة القاتلة.

وأضاف الباحثون، أن الشعور بالوحدة يمكن أن يؤثر على الصحة العامة، وأن يتسبب في حدوث الوفاة المبكرة، إذ إن الوحدة لها نفس تأثير السمنة على الإنسان، وفقا لما جاء في صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.

وأظهرت النتائج لبعض الدراسات السابقة، إلى أن ذلك الشعور السلبي زاد من خطر الوفيات الناجمة لعدة أسباب مختلفة بنسبة 114% للرجال و192% للنساء.

وتقول الباحثة آن افنجارد كريستنسن: إن الدراسات أكدت وجود علاقة بين العيش وحيدا لفترة طويلة، والإصابة بأمراض القلب، إذ يرتبط الشعور بالوحدة بالتغيرات في الغدد الصماء العصبية القلبية، والأوعية الدموية وكذلك وظائف نمط الحياة غير الصحية التي تؤثر على الصحة العامة للجسم، والقلب بالتحديد بصورة قد تؤدي لوفاة مفاجئة.

مشاهير قتلتهم الوحدة

وفاة هيثم أحمد زكي التي فسرها البعض أنها نتيجة الوحدة القاتلة، لم تكن الأولى بين المشاهير، فهناك وقائع كثيرة جرت لموت فنانين ومشاهير دون أن يشعر بهم أحد، ليكتشف مفارقتهم الحياة بعد ساعات أو أيام.

ففى 14 ديسمبر 2018، توفي الفنان والأوبرالي حسن كامي ليلحق بزوجته وابنه شريف، إذ عاش وحيدا طيلة السنوات الماضية التي أعقبت وفاة زوجته، ليموت وحيدا في بيته بعد أزمة صحية طارئة.

وبحسب الدراسة، قد تكون وفاة الفنان وائل نور في مايو 2016، أحد أمثلة الموت المفاجئ بسبب الوحدة القاتلة بصورة أو بأخرى، إذ لم يمنع زواج الفنان الراحل من الإقامة وحيدا، وبحسب أصدقائه، فإنه كان معهم في المسرح ورفض أن يذهب إلى شقته، وعندما ألحوا عليه رضخ لهم وذهب إلى شقته في الثانية عشرة ليلا، ولم يتم اكتشاف وفاته إلا عندما كسر السائق باب شقته لتغيبه في الصباح على غير عادته فوجده جثة هامدة.

وفي 28 سبتمبر 2012، توفي الفنان أحمد رمزي عن عمر ناهز الـ82 عاما، بمنزله وحيدا في منطقة الساحل الشمالي، إثر إصابته بجلطة دماغية، نتيجة نقص التروية لأغلب أنسجة المخ أو نتيجة تعرض الأوعية الدموية للنزيف أو نقص الأكسجين أو التعرض للضغط النفسي الشديد والاكتئاب، وفقا للأطباء.

وفي 28 أغسطس 2009، توفي الكاتب الصحفي محمود عوض وحيدا في شقته، دون أي أسباب مرضية.

تحذير

وحذرت دراسة أمريكية حديثة نشرها موقع ساينس ديلي الأمريكي، من أن الوفيات المرتبطة بالشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية أكثر شيوعا بين الشباب من الكبار، ويمكن أن يكون هذا الشعور بالوحدة بداخل الفرد على الرغم من أنه محاط بالعديد من الأفراد.

وشملت الدراسة تحليل العديد من الدراسات السابقة التي تضمنت بيانات 3 ملايين فرد، وكشفت أيضا أن الشعور بالوحدة أخطر على العمر من أثر تدخين 15 سيجارة يوميا، وإدمان الكحول.

ويقول الباحثون: إن الشعور بالوحدة في هذا العالم قد يتطور إلى وباء كبير خلال الأعوام المقبلة، وإن معدلات الشعور بالوحدة في الفترة الأخيرة الأعلى على مر التاريخ، وتساعد التكنولوجيا الحديثة كشبكة الإنترنت، فى زيادة هذا الشعور على الرغم من زيادة التواصل، لكن كل هذا التواصل يحدث بصورة سطحية مما يفرغ العلاقات البشرية من محتواها.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *