خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي.. ما الأسباب؟

خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي
خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي وأثرها على اقتصاد مصر - مصر في يوم

للمرة الثالثة على التوالي، خلال أربعة أشهر، قررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، خفض أسعار الفائدة للإيداع والاقتراض بنسبة 1%، لتصل إلى 12.25% على الإيداع، و13.25% على الإقراض.

ووفقا لخبراء مصرفيين ومحللين ماليين، فإن قرار البنك المركزي المصري خفض سعر الفائدة، بواقع 100 نقطة على الإيداع والإقراض، جاء مدفوعا بتحسن المؤشرات الاقتصادية على المستوى المحلي والدولي، كما يعزز من خفض الدين العام، وتقليل عجز الموازنة، إضافة إلى دعم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وفي أول تحرك للبنوك بعد قرار المركزي بخفض أسعار الفائدة، قال مسئولون في عدد من البنوك: “إن لجان الأصول والخصوم (الأليكو) ببنوك الأهلي المصري، ومصر، والعقاري المصري، ومصر إيران، والتنمية الصناعية، والتعمير والإسكان، ستجتمع إما اليوم الأحد أو خلال الأسبوع الجاري، لبحث موقف الفائدة على جميع الأوعية الادخارية من شهادات ادخارية، وحسابات توفير، وودائع، تماشيا مع قرار البنك المركزي”.

خفض أسعار الفائدة

وكان البنك الأهلي المصري ومصر سارعا بالإعلان عن خفض الفائدة 1%، على الشهادات ذات العائد الثابت لأجل 3 سنوات، عقب قرار المركزي بخفض الفائدة بحسب تصريحات سابقة لرئيسيْ البنكيْن، يوم الخميس.

وخفض البنك الأهلي الفائدة على الشهادة البلاتينية الثلاثية لتسجل 13% سنويا على الشهادة ذات دورية صرف العائد الشهرية، أو 13.25% على الشهادات ذات دورية صرف العائد ربع السنوية، فيما خفض بنك الاستثمار القومي الفائدة على شهادة الاستثمار “ب” لأجل عام، التي يطرحها من خلال فروع البنك الأهلي، إلى 13.75% سنويا بدورية صرف شهرية.

وانخفضت الفائدة على شهادة القمة في بنك مصر إلى 13% سنويا، يُصرف العائد عليها شهريا لأجل 3 سنوات.

أسباب ونتائج

وعن أسباب اتخاذ البنك المركزي قرار خفض أسعار الفائدة، قال البنك المركزي، في بيان لجنة السياسة النقدية: “إن القرار جاء في إطار كافة التطورات المحلية والعالمية، ويتسق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف، والبالغ 9% (بزيادة أو نقصان 3%) خلال الربع الرابع لعام 2020، واستقرار الأسعار على المدى المتوسط”.

وبحسب البنك، تشمل التطورات المحلية استمرار المعدل السنوي للتضخم العام في الانخفاض، ليسجل 4.8% و3.1% (بالحضر) في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، وهو أدنى معدل له منذ ديسمبر 2005.

وأوضح المركزي أن هذا التراجع جاء نتيجة انخفاض معدل التضخم السنوي للسلع الغذائية، وبخاصة الخضراوات الطازجة، مدعوما بالتأثير الإيجابي لفترة الأساس الناتج عن صدمات عرض مؤقتة لأسعار الخضراوات الطازجة في العام الماضي.

ومن بين أسباب اتخاذ القرار، أضاف البنك: “أن البيانات المبدئية تشير إلى استقرار معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ليسجل 5.6% خلال الربع الثالث لعام 2019، بعدما سجل النسبة نفسها خلال العام المالي (2018-2019) وهو أعلى مستوى له منذ عام (2007-2008)”.

وأشار المركزي إلى ارتفاع أعداد المشتغلين لدعم استمرار انخفاض معدل البطالة إلى 7.5% خلال الربع الثاني لعام 2019، بما يمثل انخفاض يقارب 6 نقاط مئوية، مقارنة بذروته خلال الربع الرابع من عام 2013.

وأوضح المركزي، أنه على الصعيد العالمي استمر تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمي، وتيسير الأوضاع المالية العالمية، وكذلك تأثير المخاطر المرتبطة بالسياسات التجارية العالمية على آفاق النمو، ولا تزال الأسعار العالمية للبترول عرضة للتقلبات، بسبب عوامل محتملة من جانب العرض، التي تتضمن المخاطر الإقليمية.

الرابحون من القرار

وخفض الفائدة مثل أي قرار اقتصادي، له تأثير على الأطراف المَعنية به، مثل: الحكومة، والمواطنين، والمستثمرين، والمصنعين، وغيرهم، سواء كان إيجابا على بعض هذه الأطراف، أو سلبا على بعضها الآخر، إذ رصد مراقبون 6 فئات رابحة، فيما جاء المودعون أبرز الخاسرين.

وقالت رضوى السويفي، رئيس قسم البحوث ببنك استثمار فاروس: إن قرار خفض الفائدة سيدعم هدفين رئيسين، هما:

  • زيادة الاستثمارات الخاصة، وهو أمر أساسي لمعدلات النمو المستدام (خصوصا أن وزارة المالية تستهدف معدل نمو 6.4% في عام 2020-2021، وهو هدف طموح للغاية).
  • خدمة ديون أقل، ما يؤدي إلى عجز مالي أقل بالموازنة، مضيفة: “أن هذين الهدفين رئيسان للحكومة ضمن برنامج الإصلاح الشامل”.

وذكر محللون: أن المصنعين ومقدمي الخدمات هم أبرز الفئات التي كانت تنتظر خفض الفائدة، واستمرار البنك المركزي في سياسة التيسير النقدي، الذي سيساعدهم خلال الفترة المقبلة على تنفيذ التوسعات أو المشروعات الجديدة التي يرغبون في تنفيذها، إذ كانت الفائدة المرتفعة أحد أهم العوائق التي حالت دون ذلك.

وتعد الحكومة من أبرز المستفيدين من الاستمرار في خفض الفائدة، فمن المتوقع أن ينعكس إيجابا على مستهدفات الحكومة في خفض عجز الموازنة، وتقليل فوائد الديون التي وصلت مخصصاتها لمستويات 569.1 مليار جنيه في الموازنة العامة للعام المالي الحالي، وهو ما يمثل نحو 36.1% من مصروفات الموازنة.

ومن المتوقع استفادة قطاعيْ الذهب والعقارات من بعض الأموال التي قد تخرج من البنوك مع خفض أسعار الفائدة، بحثا عن عائد أكبر عبر وسيلة استثمار أخرى.

الخاسرون من القرار

أما المودعون، فيأتون على رأس الفئات الخاسرة من قرار خفض أسعار الفائدة، إذ أوضحت هبة نصار، أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن أبرز الفئات الخاسرة من خفض الفائدة هي المودعون.

وقالت في تصريحات صحفية: “إن خفض أسعار الفائدة ينعكس على مُودعي أموالهم في البنك بشكل سلبي، ومن المفترض أن تتجه البنوك إلى خفض الفائدة التي يحصل عليها هؤلاء بعد خفض الفائدة بالبنك المركزي، وبالتالي حصولهم على عائد أقل”.

وأضافت نصار: “أن المستثمرين في أدوات الدين هم في المرتبة الثانية من الفئات الخاسرة من انخفاض الفائدة، وذلك بسبب الانخفاض في أسعار العائد على أدوات الدين من أذون وسندات الخزانة، مع خفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، وبالتالي سيحدث تراجعا جديدا في الفائدة المباشرة التي سيحصل عليها المستثمرون في هذه الأدوات”.

رقية كمال

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *