أعلى نسبة وفيات عالميا.. من ينقذ مرضى الفشل الكلوي في مصر؟

يتجاوز عددهم المليون، ويعانون من ارتفاع ثمن جلسات الغسيل والدواء، الذي يقارب الألف جنيه، يعالَجون بأجهزة انتهت صلاحيتها من 15 عاما، ونسبة الوفيات بينهم هي الأعلى على مستوى العالم، هذا هو حال مرضى الفشل الكلوي في مصر.

يحتل مرض الفشل الكلوي المركز السابع في قائمة الأمراض الأكثر انتشارا في مصر، التي تضم عشرة أمراض أخرى مزمنة قد تؤدي إلى الوفاة، منها: أمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسرطان.

مرضى الفشل الكلوي

أما عن إنجازات الدولة في هذا الملف، قالت هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، في 2 من نوفمبر الجاري: “إن الوزارة تلقت توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بسرعة تجهيز حملة للكشف المبكر عن مرض الفشل الكلوي”.

وكانت الوزارة أيضا قد تلقت تعليمات بسرعة تجهيز مبادرة للرئيس عبد الفتاح السيسي، بإضافة 1000 وحدة للغسيل الكلوي للأطفال؛ للقضاء على قوائم الانتظار الطويلة، التي كانت تتسبب في آلاف الوفيات سنويا.

كما أعلنت الوزارة، في ديسمبر الماضي، تخصيص مبلغ 5.4 مليارات جنيه، لعلاج مرضى الفشل الكلوي، موضحة أن هذا المبلغ يمثل 25% من مخصصات العلاج على نفقة الدولة، إذ تتحمل حوالي 40 ألف جنيه عن كل مريض سنويا.

تكلفة باهظة

وبحسب تقارير وزارة الصحة، فإن مريض الفشل الكلوي يحتاج أسبوعيا ثلاثة جلسات غسيل، وتبلغ تكلفة إجراء الجلسة الواحدة حوالي 400 جنيه، بعدما كانت 140 جنيها من سنتين، نتيجة زيادة أسعار المستلزمات الطبية، والفلاتر.

وهذا يعني أنه إذا غسل مريض الفشل الكلوي ثلاثة مرات أسبوعيا، بتكلفة 400 جنيه للجلسة الواحدة، أي: بمعدل 12 جلسة غسيل في الشهر، بواقع 4800 جنيه شهريا، و144 جلسة غسيل في السنة، فإنه يحتاج إلى 60 ألف جنيه سنويا.

وكانت اللجنة الفنية بالإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة والسكان قد وافقت، في نوفمبر 2016، على رفع سعر عقار “كيتوستريل” الخاص بعلاج مرضى الفشل الكلوي، من 220 إلى 450 جنيها، ليرتفع سعره هذا العام إلى 720 جنيها، وفي السوق السوداء يصل إلى 2500 جنيه، في ظل عدم توفر بديل آخر.

أرقام وحقائق

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية، إلى أن نسبة المرضى الذين يغسلون 264 شخصا لكل مليون نسمة، بينما في مصر أصبح هذا العدد في محافظة الدقهلية وحدها 600 شخص لكل مليون نسمة.

وبحسب آخر إحصائية صادرة عن الجمعية المصرية لأمراض وزراعة الكُلى في 2018، فإن أعداد مرضى الفشل الكلوي تبلغ نحو 60 ألف مريض، بينما ترى وزارة الصحة أن الرقم يقع بين 90 ألفا إلى 115 ألف.

وكشفت الجمعية أيضا أن 25% منهم يموتون سنويا، في حين لا تتجاوز النسبة العالمية للوفاة بهذا المرض من 7 إلى 10% فقط، وأن هناك نحو 9 ملايين مريض بمرحلة من مراحل الفشل الكلوي.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة الإصابة بالفشل الكلوي في مصر تصل عند الأشخاص دون سن الخمسين إلى 90%، وهي دلالة واضحة على تردّي الرعاية الصحية، فيما تنحصر الإصابة في الدول الأوروبية بين سن 70 و80 عاما.

بيانات مدلسة

من جانبه، قال حاتم عبد الحميد، عضو لجة الصحة بمجلس النواب: “إن وزارة الصحة تنشر أرقاما مدلسة حول أعداد مرضى الفشل الكلوي”، وكشف في مداخلة هاتفية لبرنامج “90 دقيقة” على فضائية “المحور” أن هناك أكثر من مليون مريض بالفشل في مصر.

وأضاف عبد الحميد، في سبتمبر 2018: “أن مرضى الفشل الكلوي يعانون أزمة في المستشفيات الحكومية، خصوصا مع تهالك الأجهزة المستخدمة، التي مر عليها أكثر من 20 سنة، في حين أن صلاحيتها لا تتجاوز أكثر من خمس سنوات”.

بينما كان محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، قد صرح، في يناير الماضي، أن عدد المرضي الذين يقومون بالغسيل الكلوي في الوحدات الحكومية يصل إلى 60 ألف مريض، ومثلهم يقومون بالغسيل في وحدات القطاع الخاص.

وكشف فؤاد عن كارثة جديدة، إذا أوضح أن هناك حالات اكتشفت التهابات وبائية وفيروس “سي” والإيدز، ناتجة عن ملوثات تعرض لها المرضى بعد عمليات الغسيل الكلوي.

وفيات نتيجة الإهمال

ومثّلت كارثة مستشفى ديرب نجم في محافظة الشرقية، يوم 15 سبتمبر 2018، حالة الإهمال الذي يعتري المستشفيات الحكومية، إذ توفى ثلاثة أشخاص، وأُصيب 11 آخرون بفقدان للوعي، بعد إجراء جلسة غسيل كلوي لهم، نتيجة تعطل الأجهزة.

وبعد الحادثة، وصف مسئول سابق بوزارة الصحة الكارثة، قائلا: “الحادثة تعكس واقع منظومة الصحة المتردي، والأزمة زادت حدتها بعد إغلاق العديد من الجمعيات الأهلية الطبية الخاصة منذ سنتين، التي كانت تقوم بدور كبير في حل الأزمة”.

وأضاف المسئول: “أن وحدات الغسيل في المستشفيات الحكومية تستخدم مواد رخيصة في عملية الغسيل، تتسبب في ظهور أمراض أخرى، وتؤدي إلى وفيات، كما أن المرشحات والفلاتر ليست على المستوى المطلوب”.

أجهزة منتهية الصلاحية

الأمر أكده نائب محمد العماري، الرئيس الحالي للجنة الصحة بمجلس النواب، قائلا: “إن أجهزة الغسيل الكلوي بالمستشفيات الحكومية تحتاج إلى إعادة إحلال وتجديد بشكل كامل، ويجب على وزارة الصحة تنفيذ هذه التوصية، التي خرجت من البرلمان فورا، وبشكل عاجل”.

وفي تعليقه على الكارثة أيضا، كشف النائب محمد العماري، أن وحدات الغسيل الكلوي بالمستشفيات على مستوى الجمهورية، تعاني من مشكلات بسبب ضعف التمويل.

ويصف مراقبون وحدات الغسيل الكلوي بأنها “مصيدة لأرواح المصريين” بعد تكرار حالات الوفاة لعدد من المرضى، وتحولها إلى بؤر لنقل الأمراض والعدوى، نتيجة الإهمال الشديد، وغياب التطوير.