أسراب الذباب والبعوض تهاجم المحافظات.. ما الأسباب؟

“مش راضي يتهشّ وجلدنا ورّم” شكوى تجتاح بعض المحافظات من انتشار الذباب والبعوض خلال الأيام الماضية، وسط محاولات فاشلة من المسئولين للقضاء عليهما، حتى أصبح الشغل الشاغل للمواطنين، ومصدرا للقلق، خوفا من انتشار الأمراض والأوبئة.

ويتساءل كثيرون عن سبب الانتشار الكثيف للذباب والبعوض هذه الفترة، رغم انخفاض درجات الحرارة، وقبل بداية فصل الشتاء، وما هي طرق الوقاية والحلول؟

ومنذ انتهاء النوة الأخيرة التي ضربت المحافظات، وخاصة الساحلية، وارتفاع منسوب المياه في الشوارع، تنتشر أسراب البعوض والذباب، الأمر الذي أثار استياء المواطنين.

انتشار الذباب والبعوض

وشكا أهالي محافظة الإسكندرية من انتشار الذباب والبعوض من أقصى المناطق الغربية حتى الشرقية، ما تسبّب في إزعاج غير عادي لأكثر من 15 يوما، خصوصا وأن البعوض يترك على الجسد تورّم وإحمرار مكان اللسعة، بجانب حكة شديدة، يمكن أن تؤدّي إلى نزيف دم مؤقت.

وعزت مديرية الزراعة واستصلاح الأراضي بالإسكندرية أسباب انتشار الذباب والبعوض بشكل مفزع إلى وجود المياه الراكدة المتجمعة من النوة الماضية، إذ إن البعوض يجد البيئة الملائمة له، حين تتكاثر بويضاته في تلك المياه الراكدة، وبعد بضعة أيام تفقس اليرقات، ويخرج جيل من البعوض.

وقال مصدر بمديرية الزراعة في الإسكندرية: “إن عملية التكاثر لحشرة البعوض تحدث يوميا، مع وجود تجمعات أو بقع المياه الراكدة في الشوارع”.

وأضاف المصدر، في تصريح صحفي: “أن الرش وحده لا جدوى منه، إذ إن الحل الوحيد يكمن في التخلص من المياه الراكدة، بتجفيفها أو شفطها أو ردمها، وهي مسئولية الأحياء”.

وفي المنوفية، تسود حالة من الاستياء بين أهالي القرى والمدن، بسبب انتشار الذباب والبعوض بشكل كبير هذه الأيام، دون وجود حل، خوفا من انتشار الأمراض والأوبئة.

وقدم عدد من المواطنين شكاوى متكررة لانتشار الذباب بكثرة، كما نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي، لكي يصل صوتهم للمسئولين، بينما سخر البعض من تعامل المسؤلين لمجالس المدن بالمحافظة، وعدم تدخلهم لحل تلك المشكلة.

وناشد عبد اللطيف طولان، عمدة قرية شمياطس بمركز الشهداء، وكيل وزارة الصحة، لمواجهة ظاهرة الذباب والبعوض التي تنتشر في القرى، وتُنذر بتفشي الأمراض.

ولم يكن الحال أفضل في محافظة دمياط، إذ شكا عدد من أهالي المدن والقرى، التابعة للمحافظة، من انتشار الذباب والبعوض بشكل كبير ليلا ونهارا في كل مكان.

أسباب انتشار الظاهرة

وعن التفسير العلمي لأسباب انتشار الذباب والبعوض، قال محمد علي فهيم، أستاذ التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية: “إن المتعارف عليه أن يكون في حركة غير طبيعية للذباب بين المواسم، لكن غير الطبيعي هو الكثافة التي يتواجد بها، وذلك نتيجة تغيير الجو”.

وأرجع فهيم، في تصريحات صحفية، السبب في انتشار الذباب بشكل كبير إلى التذبذبات الحرارية ما بين الليل والنهار، ومع وجود رطوبة عالية، وهذا يزيد من نشاط الحشرات في ظروف مناخية معينة.

وقال السيد الدجوي، مدير عام الأمراض المتوطنة بمديرية الصحة بالمنوفية: “إن الذباب والبعوض ينتشران هذه الفترة، نظرا لتغيّر درجات الحرارة، لبحثه عن أماكن الدفء، لأنها غير متوفرة في الشوارع، بل في المنازل، إضافة إلى انتشار القمامة في الشوارع، ما يساعد على نمو اليرقات”.

وحذر مدير الأمراض المتوطنة المواطنين بعدم تناول الأطعمة المكشوفة، سواء بالمطاعم أو المنازل أو المحال التجارية، لإمكانية حدوث انتقال الأمراض عن طريق وقوف الذباب على تلك الأطعمة، مؤكدا أن أكثر مرض منتشر في هذه الأوقات التلوث الغذائي، وما يتبعه من أمراض الجهاز الهضمي.

وشدد “الدجوي” على ضرورة توعية المواطنين من أخطاء القمامة في الشوارع، مطالبا الدولة بتطوير صناديق القمامة على أن تكون مغلقة، لمنع انتشار الذباب والبعوض، مؤكدا أن إدارة الأمراض المتوطنة تبذل جهدا كبيرا بالتنسيق مع الوحدات المحلية بالمدن والقرى، لمواجهة انتشار الذباب.

وفي المقابل، تشهد شركات إبادة الحشرات رواجا هذه الأيام، بسبب الإقبال على شراء المبيدات، للتخلص من انتشار الذباب والبعوض.

وحذر أحمد ممدوح، صاحب شركة لإبادة الحشرات، من اللجوء إلى بعض المبيدات المهربة، ومن أشهرها “تبرانيل”، عديم الرائحة، وتستخدمه عديد من الشركات للقضاء على الذباب والبعوض، “يُرش على المراتب والمفارش وغيرها، ويمكن أن يشكّل خطورة على الأطفال ومرضى الحساسية”.

حيلة جديدة

ومع الانتشار الكثيف، وارتفاع تكلفة الإبادة، لجأت بعض الأسر في شمال سيناء إلى استخدام حيلة جديدة لطرد الذباب والبعوض من المنازل، دون أي تكلفة أو تأثير علي الصحة، الذي تنتج عند استخدام المبيدات الحشرية.

وقال ناجي محمد، من العريش: “إنه لجأ إلى حيلة باستخدام أكياس النايلون المملوءة بالماء، التي جرى تعليقها على الأبواب والشبابيك والبلكونات من الخارج، وقمت بتجربتها لمدة تزيد عن خمس ساعات، ومنعت دخول الذباب نهائيا، رغم أن الأبواب مفتوحة بالكامل”.

ولفت إلى أنه سمع عن هذه الحيلة من مواقع خارجية، إذ تلجأ المطاعم في أوروبا وأمريكا إلى استخدام هذه الحيل، لطرد الذباب، للعمل على راحة الزبائن والمترددين على المطاعم، لقضاء وقت ممتع دون إزعاج.

وتعمل أكياس الماء كعدسة مكبرة عندما ينظر فيها الذباب من على بُعد متر، يرى شكله كحشرة ضخمة، فيهرب من المكان، خوفا من أن تهاجمه.