“ماذا بعد وصول مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود؟” سؤال بات يؤرق الملايين من المصريين وليس فقط القيادة والمسئولين عن صناعة القرار، إذ لا خلاف على أن نهر النيل هو بمثابة شريان الحياة لمصر وأن إجراء من شأنه المساس بحصة مصر من مياه النيل يمثل تهديدا لحياة ما يزيد عن 100 مليون مواطن مصري.
أربع سنوات، هي عمر مفاوضات سد النهضة، لم تسفر عن شيء، وفقا لما أعلنه محمد السباعي المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، أمس بوصفه مفاوضات سد النهضة أنها وصلت إلى طريق مسدود.
متحدث الري أكد أن وصول مفاوضات سد النهضة إلى طريق مسدود، نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه جميع الأطروحات التي تراعي مصالح مصر المائية، وتتجنب إحداث ضرر جسيم للبلاد.
مفاوضات سد النهضة
وأوضح في بيان أمس: أن إثيوبيا قدمت خلال جولة المفاوضات التي جرت في الخرطوم على مستوى المجموعة العلمية البحثية المستقلة، وكذلك خلال الاجتماع الوزاري الذي تلاها في الفترة من 30 سبتمبر وحتى 5 أكتوبر 2019 مقترحا جديدا يُعد بمثابة رِدة عن كل ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ حاكمة لعملية الملء والتشغيل.
إصرار إثيوبيا يؤكد أن على القيادة الإجابة على أسئلة الشارع المصري بشأن خيارات مصر المطروحة للحفاظ على حصتها التاريخية في مياه النيل.
ومن جهته، علق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على إعلان وزارة الري وصول مفاوضات سد النهضة لطريق مسدود، قائلا: “تابعت عن كثب نتائج الاجتماع الثلاثي لوزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة ملف سد النهضة الإثيوبي الذي لم ينتج عنه أي تطور إيجابي”.
وأضاف السيسي عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “أؤكد أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في مياه النيل، ومستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق”.
سيناريوهات حل الأزمة
أما عن سيناريوهات حل الأزمة، فيرى سياسيون وخبراء، أن كل الخيارات مفتوحة أمام القيادة المصرية للتعامل مع تعنت إثيوبيا، بدءا من استمرار المفاوضات وعقد اجتماعات مشتركة مع الحكومة الإثيوبية أملا في الوصول لحل أو طلب تدخل وسيط، وربما احتاج الأمر إلى استخدام وسائل ضغط أخرى، قد يكون من ضمنها اللجوء لمحكمة العدل الدولية.
عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث الإفريقية، قال: إن تعثر الوصول لحل في أزمة سد النهضة لا يعني إغلاق باب مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، إذ مازال بالإمكان عقد مفاوضات ثنائية ودية بين البلدين أملا في الوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبخاصة في ظل نفي إثيوبيا فشل المفاوضات.
وأضاف شراقي، في تصريحات صحفية، أن الخيار الثاني بعد تعثر مفاوضات سد النهضة هو إيجاد وسيط، ويشترط فيه أن تكون علاقته طيبة وقوية مع الطرفين، ولا يشترط أن تكون هذه الدولة من داخل الاتحاد الإفريقي، بل قد تصبح الصين أو ألمانيا أو إيطاليا وسيطا فعالا في الأمر، وذلك من خلال اتفاق للرؤساء أو الوزراء بقيول وساطة أي من هذه الدول.
وأشار الخبير المائي إلى أن القيادة المصرية بدأت بالفعل في اللجوء إلى هذا الخيار مؤخرا وكان يجب أن تتم خلال عام على الأكثر من عدم الوصول لنتيجة في المفاوضات، بحسب رأيه.
أما صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لشئون السودان، فقال: “إن خيارات المفاوض المصري هي الحل الدبلوماسي حتى استنفاد آخر مراحله وهي اجتماع رئاسي”.
وقال حليمة، في تصريحات صحفية: إن تصريحات الرئاسة المصرية الأخيرة تريد إيصال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن هناك أزمة وأن مصر تريد أن يتدخل المجتمع الدولي بعد تراجع الطرف الإثيوبي عن الوفاء بتعهداته المنصوص عليها في اتفاق المبادئ.
وأوضح أن إعلان المبادئ يضع أسسا واضحة لسير المفاوضات، آخرها الوساطة ثم الاجتماع الرئاسي، مشيرا إلى التزام مصر في جميع الأحوال بالحلول الدبلوماسية محذرا من خطورة المماطلة وأن عامل الوقت يبقى ضاغطا ومؤثرا.
وبدوره، قال نادر نور الدين، خبير المياه: إن إثيوبيا تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط وتريد أن تتفاوض مع مصر بعيدا عن القانون أو عن الوساطة الدولية، وأن تفرض قانون الأمر الواقع.
وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أنشأت واعتمدت قانون الأنهار الدولية العابرة للحدود لتنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة في النهر لعام 1997 والذي أصبح ملزما منذ عام 2007 بما يعني أن إثيوبيا خاطئة.
تحذير من الحرب
وحذر نور الدين من أن إثيوبيا يمكن أن تشعل شرق إفريقيا بأول حروب المياه في العالم، مؤكدا أن الأمر يتطلب وساطة دولية قوية وملزمة للجميع قبل انفجار الوضع.
وقال عطية عيسوي المتخصص بالشئون الإفريقية إن هناك خيارا يمكن لمصر من خلاله الحد من توسع إثيوبيا في بناء السد وذلك بتقديم شكوى للبنك الدولي من أجل وقف تمويل أي مشاريع في إثيوبيا لحين أن تلتزم أديس أبابا بقوانينه.
وعن تدويل القضية، قال أحمد الشناوي، خبير السدود لدى الأمم المتحدة سابقا: إن مصر التزمت بمعايير التعاون الثنائي كافة، وأثبتت حُسن نيتها من خلال التفاوض خلال السنوات الأربعة الماضية، ما يفيدها عند اتخاذ قرار التدويل الذي سيقضي حال قررت مصر هذه الخطوة بحرمان إثيوبيا من التمويل الدولي أو توقيع عقود تشغيل أو توريد من الدول الأوروبية.
وفي هذا السياق، قال النائب البرلماني مصطفى بكري: أن على المجتمع الدولي أن “يكون شريكا في مفاوضات سد النهضة قبل أن تتفجر الأوضاع”.
ولفت النائب إلى أن حديث الرئيس السيسي أمام الأمم المتحدة، يعني أن مصر أدركت بشكل واضح أن إثيوبيا تخلت عن تعهداتها.
أضف تعليق