بحر تحت الأرض.. هل تحل المياه الجوفية الأزمة في مصر؟

بحر تحت الأرض.. هل تحل المياه الجوفية الأزمة في مصر؟
المياه الجوفية في مصر توجد في خمسة أحواض مائية رئيسية - مصر في يوم

المياه الجوفية.. كنز مدفون تحت أرض الكنانة، إذ تصل مساحته لدرجة أن وصفه بعض الخبراء بأنه “بحر تحت الأرض”، ومن الآثار الدالة على وفرة المياه الجوفية تحت الأرض المصرية، شكاوى المواطنين المتتابعة من أزمة ارتفاع منسوبها، مما يهدد معه أساسات البناء والأراضي الزراعية.

وخلال هذا الأسبوع، قال هاني يوسف، رئيس مركز ومدينة بلطيم في كفر الشيخ، إنه جرى وضع حلول لأزمة ارتفاع منسوب المياه الجوفية والصرف الزراعي بقريتي “الحنفي وحلاوة”، قبل بداية فصل الشتاء.

وأوضح يوسف أن الحلول تتمثل في عمل حواجز ترابية، ومصبات وقنوات مائية من المنبع شمالا حتى بحيرة البرلس جنوبا، حتى يجرى صرف المياه الجوفية من خلالها بعيدا عن التجمعات السكنية والكتل العمرانية.

كنز مدفون

وفي دراسة أعدها أسامة سلام، الأستاذ المساعد بالمركز القومي للبحوث، أوضح أن مصر بحاجة إلى المياه الجوفية وتحلية مياه البحر أيضا لمواجهة نقص المياه بسبب النمو السكاني، والآثار السلبية المتوقعة بعد تشغيل سد النهضة، إذ تسعى إثيوبيا إلى تخزين 74 مليار متر مكعب من مياه النيل خلف السد.

وأوضح سلام، في دراسته المنشورة بمجلة علمية في أغسطس 2018، أن المياه الجوفية في مصر توجد في خمسة أحواض مائية رئيسية، وهي “حوض نهر النيل”، و”حوض الحجر الجيري”، و”حوض الحجر الرملي النوبي العميق”، و”حوض المغرة”، و”حوض الأحجار المتشققة”.

وحول أهمية المياه الجوفية، يقول سامح صقر، رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الري: إن مصر بها مخزون جوفي غير تقليدي وآمن للأجيال المقبلة، منبها على ضرورة اتباع الطرق العلمية والأخلاقية في التعامل معها بعيدا عن الإسراف.

بحر تحت مصر

وحول طبيعة الأحواض الخمسة التي بينتها الدراسة السابقة، كشف تقرير صادر عن وزارة الموارد المائية والري، يناير 2018، أن “حوض نهر النيل” الذي يقع أسفل الوادي والدلتا هو أهمها وأغناها، لأنه خزان متجدد ويتغذى أساسا من مياه النيل، إلا أنه تلوث مؤخرا بالصرف الصحي والنفايات الصلبة والسائلة للسكان والمصانع.

وأوضحت الدراسة أن “حوض الحجر الجيري” يظهر في نحو 50% من مساحة مصر في الصحراء الشرقية والغربية، وشبه جزيرة سيناء، ومن الصعب معرفة كمية المياه المخزنة به نظرا لوجودها في التشققات.

وحول الخزان الثالث، ذكرت الدراسة أن “حوض الحجر الرملي النوبي العميق” هو أكبر حوض مياه جوفية على مستوى العالم، حيث ينتشر في أربع دول، مصر وليبيا والسودان وتشاد، ويتراوح مخزونه بين 20 إلى 70 ألف مليار متر مكعب، على مساحة نحو مليوني كيلومتر مربع، نصيب مصر ربعه تقريبا بكمية 500 مليار متر مكعب.

وفي هذا الصدد، توقعت دراسة في مجلة “العلم” أن كمية المياه الموجودة في طبقة “الخزان الجوفي النوبي” وحدها تكفي لإمداد مصر بالمياه لمدة 500 عام، لكن الخزان النوبي عميق جدا في الصحراء الغربية، ويتراوح عمقه بين 1000 و1500 متر، ما يجعل الأمر مكلفا جدا لحفر الآبار.

بينما يعد الأخيران “حوض المغرة” و”حوض الأحجار المتشققة” أحواضا فقيرة بالمياه من حيث الكمية والنوعية، لكن يمكن استخدامها فى بعض الزراعات التي تتحمل ملوحة المياه.

لماذا المياه الجوفية؟

من جانبه قال عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، في 26 من فبراير الماضي، خلال كلمته في المؤتمر الدولي الثالث لتحلية المياه، الذي نظمه مركز بحوث الصحراء: إن نصيب الفرد من المياه انخفض إلى أقل من 600 متر مكعب من المياه، وهو ما يعني أننا وصلنا بسلامة الله إلى منطقة الفقر المائي، وسينخفض إلى أقل من 400 متر مكعب من المياه بحلول 2050.

وإذا تكلمنا بلغة الأرقام، فإن مصر تعاني عجزا مائيا، يقدر بعشرين مليار متر مكعب سنويا، إذ تحتاج إلى 100 مليار متر مكعب، وفق تصريحات حسام شوقي، مدير مركز التميز لتحلية المياه بمركز بحوث الصحراء، في 19 من الشهر الجاري.

وبحسب شوقي، فإن إجمالي المتاح في حدود 80 مليار متر مكعب، من خلال حصة مياه نهر النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، والباقي من مصادر المياه الجوفية والأمطار والصرف الزراعي المعالجة.

وفي تصريحاته، أوضح شوقي، أن الزراعة تحتاج 80% من مياه النيل، و20% للصناعة ومياه الشرب، بنحو 10.7 مليارات متر مكعب، فيما تستحوذ مياه الشرب على الباقي، بنحو 13.5 مليار متر مكعب، تأتي 88% منها من النيل، و11% من المياه الجوفية، و1% من مياه التحلية.

وحول أزمة جديدة تهدد الأمن الوطني، صدر تقرير حديث عن مركز الأرض لحقوق الإنسان بعنوان “مشكلات المياه في مصر”، كشف عن مشاريع صهيونية جارٍ تنفيذها ستؤثر على مياه النيل، وهي:

  • مشروع استغلال الآبار الجوفية، وذلك بحفرها قرب الحدود المصرية.
  • مشروع اليشع كالي ويقضي بنقل مياه النيل إلى إسرائيل، عن طريق سحارة أسفل قناة السويس.
  • مشروع “يؤر” لنقل مياه النيل إلى إسرائيل عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، وبإمكان هذا المشروع نقل 1 مليار م3، لري صحراء النقب، مما سيؤثر على مواردنا المائية المستقبلية.

ويختم التقرير بالتأكيد على أن مستقبل المياه في مصر غاية في الخطورة، وأن الصراع على المياه هو السمة التي سوف يتميز بها العقد القادم، فيجب على الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني إيلاء اهتمام كافٍ بضرورة توفير مياه شرب وري كافية ونظيفة للمواطنين، حرصا على حقوقهم في العيش الآمن الكريم.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *