كنز مهدد بالأمراض والتلوث.. من ينقذ الثروة السمكية في مصر؟

كنز مهدد بالأمراض والتلوث.. من ينقذ الثروة السمكية في مصر؟
قطاع الاستزراع السمكي لم يسلم من الفساد والإهمال - مصر في يوم

تمثل الثروة السمكية مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل القومي والأمن الغذائي، ويعد قطاع الاستزراع السمكي أكبر مصادر إنتاج الأسماك في مصر بحجم 80% منها، إلا أنه قطاع مليء بالإهمال والتلوث، بحسب متابعين وخبراء بل ومقاطع مصورة تظهر حجم الكارثة.

ورغم ذلك، تعد مصر رائدة في إنتاج الأسماك في القارة السمراء، فحسب تصريحات خالد السيد، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، يتخطى إنتاج مصر من الأسماك 1.8 مليون فدان، موضحا أن نصيب المزارع السمكية من هذا الحجم يبلغ 1.4 مليون طن.

الثروة السمكية

وفي تصريحات له في 9 من سبتمبر الجاري، قال السيد: إن “مصر تحتل المركز السادس على مستوى العالم، والأول على مستوى القارة الإفريقية في الاستزراع السمكي”، حسب إحصائيات من منظمة الفاو العالمية.

وأوضح في تصريحات لبرنامج “صالة التحرير”، الذي يعرض على فضائية “صدى البلد”، أن “مصر تحتل المركز التاسع على مستوى العالم في الإنتاج السمكي”، متابعا أن: “الصين تنافسها في هذا المجال؛ نظرا لظروف كثيرة متعلقة بتعدادها السكاني، ومساحتها، وقدرتها على إنتاج أكثر من نوع من الأسماك”.

كما أوضح محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة، في 19 من يونيو الماضي، أن مصر تحتل مكانة متقدمة في إنتاج الأسماك من الاستزراع السمكي.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية له ببرنامج “صباحك مصري” المذاع عبر فضائية “إم بي سي مصر 2″، أن مصر تحتل المركز الثاني عالميا بعد الصين مباشرة في إنتاج أسماك البلطي.

تدهور الصناعة

وكأغلب القطاعات والمؤسسات، لم يسلم قطاع الاستزراع السمكي من الفساد والإهمال، فيذكر علاء الدين عيسى، رئيس قسم أمراض الأسماك بجامعة القاهرة، في 31 من مايو الماضي، أسبابا لتدهور صناعة الاستزراع السمكي بشكل عام، موضحا أنها تتمثل في:

  • عدم وجود إرشاد بيطري على مستوى مصر بالكامل.
  • غياب دور الجامعة والمشاريع البحثية.
  • تدني الدعم المادي والإداري والمعنوي لأقسام أمراض الأسماك بالجامعات المصرية.
  • عدم وجود قوافل بيطرية لتلك المزارع كمثيلتها في قوافل الحيوانات الكبيرة والدواجن.
  • وجود فوضى عارمة في بيع وتداول المضادات والمستحضرات الحيوية والمطهرات، مما أدى لدخول أدوية ممنوع استخدامها دوليا في الأسماك داخل المزارع المصرية.

وفي حواره بأحد البرامج التلفزيونية على أحد القنوات الفضائية، قال محمد الفقي، رئيس الاتحاد التعاوني للثروة السمكية: إن مصر تمتلك 13 مليون فدان مسطحات مائية، ومع ذلك تستورد الأسماك. كما أن الاستثمارات في قطاع الاستزراع السمكي تبلغ 11 مليار جنيه، وقيمة الإنتاج 22 مليار جنيه سنويا.

وأوضح الفقي، أن قطاع الاستزراع السمكي في مصر، يعاني من غياب إدارة المصايد، وتطبيق القانون في مواجهة المخالفات، والصيد الجائر والسريع، وتلوث المياه بالمواد البترولية.

الري بمياه الصرف الصحي

وامتدادا لهذا الإهمال، أوضحت دراسة عن “أسباب رفض الاتحاد الأوروبي استيراد الأسماك من مصر منذ عام 1996″، أن على رأس هذه الأسباب تلوث الأسماك بملوثات عديدة، منها:

  • استخدام الثلج المصنع من الأمونيا في حفظ ونقل وتداول الأسماك، مما يؤدي إلى الإصابة بالفشل الكلوي.
  • استخدام طاولات خشبية بدلا من الطاولات البلاستيكية الصحية لنقل الأسماك إلى المراكب.

وفي تعقيبه على أسباب تلوث الأسماك، قال محمد فتحي عثمان، رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الأسبق، إن “الدول الأوروبية تحظر استيراد الأسماك من مصر، لأنها تعيش في مياه ملوثة بمياه الصرف الصحي، مما أدى لتلوث لحومها”.

وفي حقيقة صادمة، أوضح عثمان أن السبب في ذلك هو القانون، فالمادة 84 من القانون رقم 124 لسنة 1983، تمنع استخدام مياه الري في الاستزراع السمكي، ليصبح البديل هو استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي الملوثة.

وتحتوي مخلفات الصرف الصحي على ميكروبات التسمم الغذائي، وهذه الميكروبات لها القدرة على التكاثر، والتلوث بالمعادن الثقيلة، وأهمها الكادميوم والرصاص والزئبق.

قناة السويس الجديدة

وعلى جانب آخر، قال محمد الشناوي، مدير عام ملاحة بور فؤاد التابعة للهيئة العامة للثروة السمكية، في 24 من أغسطس الماضي: إن جزءا كبيرا من بحيرة بور فؤاد صار شبه منعزل بعد إتمام التفريعة الثانية لقناة السويس.

وأوضح الشناوي في تصريحات صحفية، أن بحيرة بور فؤاد تقع في الجانب الشمالي الغربي لسيناء، إذ تبلغ مساحتها حوالي 25 ألف فدان، وكانت تنتج آنذاك 600 طن سنويا من الأسماك الفاخرة للعائلة البورية، لكن مساحتها تقلصت وأصبحت 2700 ألف فدان، وصارت تنتج سنويا 2 طن نتيجة تجفيف وردم ما يقرب من 19 ألف فدان.

قرض تنمية الأسماك

وكما دأبت الحكومة على إتمام المشروعات بالقروض، تجهِّز وزارة الزراعة حاليا الدراسات اللازمة لمشروعين كبيرين في مجال الاستزراع السمكي والإنتاج الحيواني، تمهيدا لعرضهما على البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للحصول على تمويل لهما.

وقالت شيرين جلال، رئيس وحدة بحوث الوبائيات بمعهد بحوث الحيوان، ومساعد نائب وزير الزراعة، في 2 من سبتمبر الجاري، إنه لم يحدد حتى الآن التكلفة الاستثمارية أو الطاقة الإنتاجية للمشروعين، ولا تزال الدراسة في بدايتها، ويحدد البنك الأوروبي قيمة التمويل وطريقة السداد وفقا لرؤيته حول أهميتهما.

وكان مسئول في البنك أشار في تصريحات صحفية مؤخرا، إلى أن البنك سيضخ نحو 1.5 مليار يورو في مصر لتمويل مشروعات في 2019، مضيفا أن إجمالي قيمة تمويل البنك لمشروعات في مصر منذ 2012 بلغ 5 مليارات يورو.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *