“إنترفيو المدارس” أو المقابلة الشخصية، بداية رحلة التقديم لمرحلة رياض الأطفال أو “الكي جي”، التي تنطلق مع نهاية كل عام دراسي، وتستمر حتى بدايات العام التالي.
يصفها الأهالي والطلاب بأنها أصعب مراحل الالتحاق بالتعليم، إذ يواجه الذي لم يُجرِ عامه الرابع بعد سيلا من الأسئلة، قد لا تناسب عمره ودرجة تفكيره، بخلاف ما يُجرى دفعه من رسوم أصبحت باهظة.
إنترفيو المدارس
ورغم وجود أكثر من 52 ألف مدرسة في مصر، 45 ألفا و279 منها حكومية، و7 آلاف و385 مدرسة خاصة، بحسب بيانات الجهاز المركزي والإحصاء ووزارة التربية والتعليم، فإن البحث عن مدرسة مناسبة للطفل واجتياز “إنترفيو المدرسة” لا يعد أمرا سهلا.
فكثيرا ما يشتكي أولياء أمور الطلاب المُتقدّمين للالتحاق بأول مراحل التعليم من صعوبة أسئلة “إنترفيو المدارس” لدرجة أن بعضهم يصفه بالاختبار التعجيزي.
وفي هذا السياق، قال أحمد كمال رئيس مجلس الأمناء والآباء بمحافظة دمنهور في مداخلة هاتفية لأحد البرامج التلفزيونية: “إن المدارس تقوم بعمل اختبارات للأطفال الذين لم يستكملوا سن الرابعة، ويُجرى توجيه أسئلة صعبة لهم مقارنة بسنهم، وهو ما لا يوجد في أي نظام تعليمي بالعالم”.
وتبدأ معاناة أولياء الأمور مع “إنترفيو المدارس” في تحضير الطفل للإجابة على أسئلته، فهو أول اختبار لقدرات الطفل، بل ومستوى والديه التعليمي والاجتماعي والمادي أيضا، وقد يلجأ الأبوان للاستعانة بمدرس خصوصي لإنجاز تلك المهمة.
وتتنوع أسئلة “إنترفيو المدارس” ما بين أسئلة لاختبار المستوى العلمي، وأخرى لقياس المهارات وثالثة لتحديد القدرات، إضافة للأسئلة المتعلقة بمعاملة الوالدين ومستوى ومكان المعيشة والحالة الاجتماعية للوالدين، وهو ما يصفه بعض الآباء بالعنصرية والاستفزاز.
الحصول على 98%
أماني وجدي، نائب مدير بمرحلة التعليم الإعدادي والثانوي بإحدى المدارس الدولية، رأت أنه من الطبيعي أن يتضمن إنترفيو المدارس أسئلة مثل هذه، موضحة أنها تختلف في صعوبتها بحسب طبيعة المدرسة، “دولية، خاصة لغات، حكومية” وهكذا.
ولفت وجدي إلى أن أحد شروط الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال في المدارس الدولية – مثلا – هو اجتياز الاختبار بنسبة 98%، مع إتاحة إعادة الاختبار مرة أخرى ومنحه فترة زمنية حال رسوبه.
ولا ينتهي “إنترفيو المدارس” بمقابلة الطفل واختباره، وإنما يمتد لإجراء مسئولي المدرسة مقابلة مع الأبوين، تكون أشبه بكشف الهيئة، بحسب وصف بعض الأهالي.
وبخلاف “إنترفيو المدارس” تأتي خطوة لا تقل أهمية، وهي المادية، إذ تتقاضى المدارس رسوما مُغالى فيها مقابل كتابة طلب الالتحاق، وإجراء “الإنترفيو” تختلف قيمته من مدرسة إلى أخرى، بحسب تصنيفها، ويتعهد ولي الأمر بعدم المطالبة بالمبلغ الذي قد يصل إلى 2000 جنيه، في حالة رسوب طفله.
سبوبة الرسوم
وشكا كثير من الأهالي من ارتفاع رسوم “إنترفيو المدارس”، وما باتت تشكّله من عبء مادي، خصوصا مع تقدمهم بطلبات لعدة مدارس؛ خوفا من الرفض، وضياع وقت التقديم.
وفي يناير الماضي، انتقد أعضاء بمجلس النواب، ما أسموه بـ”سبوبة” المقابلات الشخصية التي تجريها المدارس الخاصة واللغات مع التلاميذ وأولياء الأمور، والحصول على رسوم مبالغ فيها لا ترد، قبل التحاقهم بهذه المدرسة من عدمه، واعتبروه “موسما لجمع الأموال من المواطنين”.
وقال النائب صبحي الدالي: “إن المدارس عادة لا تكون بحاجة لكل الأعداد التي قامت بسحب ملف، وتقبل الطلبات لمجرد تحصيل الرسوم، ثم ترفض التلميذ بحجج غير منطقية، مثل: أن مؤهل والده غير مناسب أو أن الأم لغتها الإنجليزية ضعيفة”.
فيما استنكر النائب أبو بكر غريب، أن تصل الرسوم إلى 2000 جنيه، معبرا بقوله: “إزاي الأب يلاقي نفسه دافع ما يقرب من 10 آلاف جنيه رسوم فقط في كذا مدرسة، وأسئلة تغيظ له ولابنه، وفي الأخر يقولك ابنك غير لائق لأسباب غير منطقية”.
مخالفة للدستور
ووصف عبد الحميد كمال، عضو لجنة التعليم، أسئلة “إنترفيو المدارس” بأنها مخالفة للدستور، لما تتضمنه من تمييز اجتماعي وطبقي، بحسب تعبيره
وأوضح كمال أنها تخالف الشروط العامة المُتعارَف عليها، إذ تصل لحد توجيه أسئلة للأسرة عن النشاط الاجتماعي، وعضويتهم في الأندية، ومستوى دخولهم، ومظهرهم، وملابسهم، وغيرها من الأمور “المستفزة”، التي تعد نوعا “سبوبة وبيزنس” للتكسب السهل من وراء العائلات.
وأكد ضرورة وضع ملف إجراء المقابلات برسوم مالية قبل الالتحاق بالحضانات ورياض الأطفال والمدارس على أجندة عمل لجنة التعليم بالبرلمان خلال الفترة المقبلة.
أما النائب ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان، فأشارت إلى الأثر السلبي لرفض الطفل، وأنه كثيرا ما يُصاب بحالة نفسية سيئة مطالبة أن تكون الأسئلة بسيطة لمساعدة الطفل.
فيما قال أحمد خيري، المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، في تصريحات سابقة: “إن هناك نظاما جديدا سوف يُجرى التعامل به في التعليم الخاص، للقضاء على أي تجاوزات”.
ولفت إلى أن عدم حصول ولي الأمر على ما دفعه من مصروفات خاصة بـ”الإنترفيو” أمر غير قانوني، وسلوك مرفوض من جانب الوزارة.
وأكد خيري أنه يُجري التفكير في أن يكون هذا المبلغ جزءا من مصروفات المدرسة للطالب إذا جرى قبوله، على أن تُجرى إعادته للطالب إذا لم يلتحق بالمدرسة، لكن الوزارة بحاجة إلى ما يثبت دفع ولي الأمر أي مبلغ للمدرسة، حتى يتسنّى لها محاسبتها.
وبدورها، رأت إيمان الريس، الخبيرة التربوية، أن “إنترفيو المدارس” يجب أن يكون في مناخ أقرب للعب من طريقة الأسئلة، واختبار المعلومات عن الأرقام والألوان وغيرها.
وأكد في تصريحات صحفية، أنه عن طريق اللعب يمكن قراءة قدرة الطفل على الانتباه والابتكار والتفاعل، فقد يكون الطفل ذكيا جدا، ولكنه قد يتعثّر في المقابلة، بسبب هذا الضغط، أو بسبب هيبته من الموقف بشكل عام، ما يضطره للتعامل مع معلمة يراها لأول مرة في حياته تقوم باستجوابه.
أضف تعليق