تقرير البنك الدولي.. متى يصل الإصلاح الاقتصادي للتعليم والصحة؟

تقرير البنك الدولي.. متى يصل الإصلاح الاقتصادي للتعليم والصحة؟
مخصصات الرعاية الصحية والتعليم انخفضت في الموازنة بالقيمة الحقيقية - مصر في يوم

باستبعاد الإهمال الصحي وتأخر التعليم وتراجع الصادرات وارتفاع التضخم، مصر ناجحة.. هذا ملخص تقرير البنك الدولي الذي صدر الثلاثاء، حول تقييم الاقتصاد المصري لعام 2019، بالشراكة مع وزارة الاستثمار المصرية.

وفي تقريره بعنوان “مرصد الاقتصاد المصري 2019″، أورد البنك الدولي عددا من المؤشرات التي نجحت مصر في إصلاحها، وأخرى ما تزال تحديا كبيرا أمام الاقتصاد، وأثرها على السوق المحلي والمواطنين، مع توقعات لما تحمله السنوات السابقة.

وقال البنك في مقدمة التقرير: إن مؤشرات الاقتصاد الكلية استجابت بشكل إيجابي للإصلاحات الرامية لتحقيق الاستقرار، وتسارع معدل النمو الاقتصادي، وأصبح الوضع المالي لمصر على طريق أكثر استدامة، مع كبح الإنفاق على الدعم وخفض عجز الموازنة.

مصر بعد عامين

وفي سياق موازٍ، قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، الأربعاء: إن هناك غازا وكهرباء وسلعا متوفرة، حتى لو بأسعار أثر عليها الإصلاح ولكنها متوفرة، فضلا عن الأمن والتأمين الصحي وإصلاح التعليم وخدمات الطرق.

وأوضح معيط، في مؤتمر صحفي مشترك برئاسة الوزراء، أنه بعد عامين من الآن “سنرى مصر دولة مختلفة”، بعد تقليل الدين من 90.5% إلى 84%، وتوجيه الأموال لخلق فرص العمل، وتحسين المعيشة، بدلا من توجيهها لخدمة الدين.

وقال تقرير البنك الدولي: إن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي شهد نموا قويا بنسبة 5.3% في السنة المالية 2018، مقابل 4.2% في السنة السابقة، وبمتوسط 3.5% خلال السنوات المالية 2016/2013. مضيفا أن معدل النمو الاقتصادي واصل الارتفاع في النصف الأول من السنة المالية 2019، إذ بلغ 5.4% مقابل 5.2% في الفترة ذاتها من السنة المالية السابقة.

ارتفاع التضخم

ورغم تقرير البنك الدولي عن استجابة المؤشرات الاقتصادية بشكل إيجابي للإصلاحات، وتصريحات معيط الأخيرة، فإن الصحة والتعليم والصادرات وحجم التضخم، يقفون جميعا على خطوات بعيدة من هذه التصريحات والوعود.

وذكر البنك أن معدل التضخم تراجع لكنه لا يزال مرتفعا، ما أدى إلى آثار سلبية على الظروف الاجتماعية والاقتصادية وقرارات الاستثمار، وبلغ متوسط معدل التضخم الكلي 23.3% و21.6% خلال السنتين الماليتين 2017 و2018 على التوالي.

وأضاف أن السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم هو خفض سعر صرف الجنيه، في أوائل السنة المالية 2017، إلى جانب إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة، ومع تراجع أثر هذه الإجراءات تدريجيا، انخفض معدل التضخم إلى أدنى مستوياته خلال ثلاث سنوات حيث سجل 9.4% في شهر يونيو 2019.

ويرى البنك الدولي أن مصر لم تتمكن بعد من خلق الحيز المالي الضروري، للتحول نحو سياسات تركز على رأس المال البشري، وأن كثيرا من المصريين مازالوا يكافحون لمواجهة التآكل في دخلهم الحقيقي، بسبب ارتفاع التضخم.

انخفاض معدلات التشغيل

وأورد البنك الدولي، أن معدل البطالة شهد تراجعا إلى 8.1% بحلول الربع الثالث من السنة المالية 2019، مقابل 12.6% في الربع الأول من 2017، لكن الانتعاش الحالي في النمو لم ينعكس بشكل كامل على كل مؤشرات سوق العمل.

وأضاف البنك أنه رغم تراجع معدلات البطالة إلا أن معدلات التشغيل انخفضت أيضا إلى 38.5% من السكان في سن العمل “65-15” (مقارنة مع 40.4% فى الربع الأول من السنة المالية 2017)، وذلك بالتزامن مع انخفاض المشاركة في قوة العمل إلى 41.6% (مقابل 46.3% خلال نفس الفترة).

وكشف البنك الدولي ارتفاع معدل البطالة بين الشباب والنساء والمتعلمين، فمن بين جميع الأفراد المتعطلين عن العمل في الربع الثاني من السنة المالية 2019، كان 78.7% في الفئة العمرية 29-15 و44.6% يحملون شهادة جامعية.

التعليم والصحة بالمخالفة

وبالحديث حول قطاعين شغلا مسئولي الدولة تشريعا وتنفيذا ومنظومات جديدة، قال تقرير البنك الدولي: إن قطاعي الصحة والتعليم لم يستفيدا من وفورات الإصلاحات المالية التي قامت بها الحكومة خلال السنوات الماضية.

وأضاف التقرير أن مخصصات الرعاية الصحية والتعليم انخفضت في الموازنة بالقيمة الحقيقية، إذ تراجع الإنفاق على التعليم من 3.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في 2016، إلى 2.5% في 2018، ومقرر له 2.2% في الموازنة الجديدة.

وذكر أن مخصصات الصحة في الموازنة أيضا تراجعت، إذ بلغ الانفاق عليها 1.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، ليؤكد ما فجرته وزيرة الصحة، الدكتورة هالة زايد، في 8 من مايو الماضي.

وكانت زايد اعترضت، على موازنة وزارة الصحة، قائلة: “طالبنا أن تكون الموازنة 96 مليار جنيه، ولكن المالية اعتمدت لنا 63 مليارا فقط، ونحتاج نحو 33 مليار جنيه، والصحة ليس فيها رفاهية”.

كما هاجم طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، وزارة المالية، في 6 من مايو الماضي؛ بسبب موازنة التعليم، قائلا: “طلبنا 138 مليار جنيه، فكان الرد وفرنا لكم 99 مليار جنيه، فكيف أتصرف في 39 مليارا، إحنا مش بنفاصل”.

التعويم يُفشل الصادرات

وذكر البنك الدولي أن إمكانيات مصر التصديرية عانت تاريخيا من تشوهات عديدة في السوق المحلية، مثل المغالاة في تقييم سعر الصرف، ما أدى لضعف الاندماج في الأسواق الإقليمية والعالمية، ولم يكن تحرير سعر الصرف كافيا للتحسن.

وكشف أن صادرات مصر غير النفطية شهدت استجابة لخفض سعر صرف الجنيه أقل من تلك التي شهدتها صادرات بلدان أخرى تعرضت لخفض أقل في أسعار صرف عملاتها، ما يتطلب أكثر من مجرد الأثر السعري. حسب التقرير.

وبيّن التقرير أن هناك عددا قليلا فقط من المنتجات التي تتخصص فيها مصر تضاهي فيها نمو الطلب العالمي، وهذا يشير إلى قدرة محدودة على تحقيق زيادات في الصادرات، حيث إن تجارة مصر الفعلية “لا ترقى إلى المستويات المتوقعة” بالنسبة للعديد من الأسواق والمنتجات.

ويضع مؤشر “التجارة عبر الحدود” مصر فى المركز 171 من بين 189 بلدا عام 2018، بانخفاض كبير عن باقي بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *