مشروع “هيئة تنمية الصعيد”.. متى تنتهي معاناة الوجه القبلي؟

مشروع "هيئة تنمية الصعيد".. متى تتحسن أوضاع الوجه القبلي؟
نزوح سكان الصعيد إلى مدن القاهرة الكبرى نظرا لتردي الأوضاع في القرى والنجوع- مصر في يوم

لا يزال الوجه القبلي في مصر يعيش في سلسلة من الوعود البراقة التي توحي بالتطوير، وتبث الأمل في أهله تحت شعار “تنمية الصعيد”، وعود لا تنفذها قرارات المسئولين، فاستهلكت أعمار أهل الصعيد في الانتظار، واضطر الكثير منهم للهجرة بعيدا عن أهله بحثا عن وضع معيشي أفضل.

واستكمالا لمسلسل الوعود، قرر رئيس مجلس النواب علي عبد العال، إحالة مشروع قانون “إنشاء هيئة تنمية الصعيد” إلى مجلس الدولة للمراجعة، عقب موافقة النواب عليه في مجموع مواده، وسط تأييد من الأعضاء للقانون وأهدافه.

وقال النائب حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة، في تقرير اللجنة عن مشروع القانون الحكومي: إن القانون يهدف إلى إنشاء هيئة تنمية الصعيد رقم 157 لسنة 2018، بهدف وضع خطة للإسراع بالتنمية الشاملة لمناطق الصعيد.

بدوره شدد النائب محمد الغول، خلال الجلسة، على ضرورة تصويب النظام المحاسبي لهيئة تنمية الصعيد، منتقدا تردي الأحوال الاقتصادية في الصعيد، وأن البطالة تخطت حدود المعقول، مع التدهور الشديد للمثلث الذهبي في الصعيد.

قروض تنمية الصعيد

وقبل إقرار موازنة تخص تنمية الصعيد، أعلنت وزارة التنمية المحلية، في 27 من يونيو الماضي، موافقة البنك الدولي على إعطاء مبلغ 132 مليون دولار كدفعة من قرض تنمية الصعيد والممول جزئيا من البنك بـ500 مليون دولار.

وكان محمد ندا، خبير التنمية الحضارية بالبنك الدولي، قال: إن البنك يشارك مع الحكومة في تمويل برنامج تنمية صعيد مصر لخلق فرص عمل، والذي يدعمه البرنامج بمبلغ 457 مليون دولار.

وأضاف ندا، في تصريحات صحفية، يوم 13 أبريل، أن البرنامج يعمل في مجالات متعددة مثل: “مياه الصرف الصحي، والطرق، وتنمية الاقتصاد المحلي”، ويهدف أيضا لتحسين البنية التحتية ومنظومة التخطيط.

وفي قرض آخر، قال النائب على بدر، عضو مجلس النواب عن محافظة بني سويف: إن مصر وقعت اتفاقا مع البنك الدولي لدعم البنية الأساسية بقيمة 300 مليون دولار، واستكمال برنامج خدمات الصرف الصحي المستدامة بالريف وقرى الصعيد.

الأكثر فقرا

وأضاف بدر، في تصريحات صحفية، يوم 15 أكتوبر 2018، أن الدولة تعي جيدا أن محافظات الصعيد هي الأكثر فقرا، وفقا لأرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وأسيوط هي أفقر المحافظات بنسبة تصل لـ66 % يليها سوهاج وقنا والمنيا وأسوان.

وتابع النائب، أن البنية التحتية والأساسية في محافظات الصعيد متهالكة جدا، لعدم وجود تنمية بها، أو أنها لا توجد بها بنية تحتية من الأساس، وهو أمر يكشف لنا حقيقة الوضع الذي يعانيه أهل الصعيد على مدار سنوات.

وكان البنك الدولي، أعلن، أول مايو الماضي، أن نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجا، مضيفا: “أن عدم المساواة آخذ في الازدياد، واقترب معدل الفقر الوطني من 30% عام 2015”.

وقال البنك في بيان صحفي للإعلان عن تمديد إطار الشراكة مع مصر عامين إضافيين: إن هناك تباينات جغرافية مذهلة في معدلات الفقر، إذ تتراوح من 7% في محافظة بورسعيد إلى 66% في بعض محافظات الصعيد.

هجرة الصعايدة

وفي دلالة على تردي أحوال الصعيد، أوضح مصطفى النشرتي، وكيل كلية الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، أن الأسباب الرئيسية لنزوح سكان الصعيد إلى مدن القاهرة الكبرى، هو كونهم فقراء، مع إهمال الصناعة، والاقتصار على الزراعة والإنتاج الحيواني.

وأضاف النشرتي، في تصريحات صحفية، في مايو 2015، أن هذه المحافظات أصبحت طاردة للسكان أيضا بسبب ثبات الرقعة الزراعية، وتغليظ القوانين الخاصة بالتعدي عليها، فيهاجرون للمناطق العشوائية بالقاهرة الكبرى، باحثين عن فرص عمل تدر دخلا.

وطالب وكيل كلية الاقتصاد بتطبيق اللامركزية وتوزيع الاستثمار بعدالة على جميع المحافظات، حيث تتمركز 70% من الصناعات المصرية في محافظات القاهرة والإسكندرية والشرقية، فأصبحت هذه المحافظات الثلاثة الأكثر جذبا للسكان، ما جعلها تعاني أزمات التكدس الاجتماعي والاقتصادي.

بينما قال حسب الله الكفراوي، وزير الإسكان الأسبق: إن “أبرز أسباب نزوح سكان محافظات الصعيد إلى مدن القاهرة الكبرى، هو البحث عن فرصة عمل مناسبة لهم”. مضيفا: “الدولة يقع على عاتقها مسئولية البحث عن احتياجات المواطنين بشكل عام، وتوفير وسائل تجعل المواطن يعشق المكان الذي وُلد فيه”.

إقصاء بالمخالفة للقانون

وتنص المادة 236 من الدستور، على إشراك أهالي المحافظات الحدودية ومنها الصعيد، في تحديد أولويات خطة التنيمة الاقتصادية، والعمرانية، والاستفادة منها خلال عشر سنوات من عمل الدستور، إلا أن التنمية التي دخلت محافظات الصعيد الـ11 جاءت متأخرة.

تأخر التنمية سبّب حالة من القصور الشديد في البنية التحتية، وقفت عائقا أمام كل جهود التنمية، ورغم وجود ميزانية مخصصة لهم، إلا أن المواطن لا يشعر بتغيير حقيقي في تقديم الخدمات الموجهة، ما أدى للهجرة وانتشار الجهل والخرافات والأمراض.

ويصف بعض أهالي الصعيد مشكلاتهم كالآتي:

  • انتشار المياه الملوثة وعدم توافر شبكة للصرف الصحي بالقرى والنجوع.
  • تدني المستوى الصحي وانتشار الأمراض الخطيرة والمزمنة.
  • انتشار الأفكار المتطرفة والخرافات نتيجة للجهل والفقر.
  • انتشار البطالة بشكل كبير، ما أدى للهجرة الداخلية والخارجية.
  • قلة المشروعات الاستثمارية في المحافظات.
  • سرقة آثار المحافظات بسبب عدم الاهتمام بها.

بوادر تنمية الصعيد

ورغم كل هذا السوء، ظهرت مؤخرا بعض الأعمال تجاه تنمية مدن وقرى الصعيد، ففي 9 من أبريل الماضي، قال وزير التنمية المحلية: إن نسبة توصيل الصرف الصحي ارتفعت خلال السنوات الأربعة إلى نسبة 40%.

وفي تقريرها للمشروعات التنموية خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي، أوضحت وزارة التخطيط والمتابعة، أنه جرى الانتهاء من 24 مشروعا تنمويا في محافظة أسوان بتكلفة استثمارية بلغت 697.9 مليون جنيه.

وتكلفت الفيوم استثمارات بقيمة 51.1 مليون جنيه بعدد 41 مشروعا، كما نُفذ بمحافظة البحر الأحمر 16 مشروعا بنحو 5.1 مليارات جنيه، أما في المنيا فجرى الانتهاء من أربعة مشروعات بتكلفة 24.1 مليون جنيه.

عبد الله محمد

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *