انتحار طلاب الثانوية العامة.. أسباب وتوصيات

انتحار طلاب الثانوية العامة.. أسباب وتوصيات
الترقب والتوتر والخوف من رد فعل الآباء، أحد أسباب انتحار الطلاب- مصر في يوم

انتحار طلاب الثانوية العامة، شبح يطارد الأُسر المصرية في مثل هذا الوقت من كل عام خلال موسم الامتحانات وإعلان النتائج، مخاوف تنبع من تكرار حالات انتحار طلاب الثانوية العامة على مدار سنوات مضت، نتيجة الضغط النفسي والاجتماعي المرتبط بتلك الشهادة التي تعد الأكثر أهمية على الإطلاق في مصر.

ويبدو أن محاولات تهدئة الطلاب وتغيير نظام الامتحانات لم تكن كافية للحد من ظاهرة انتحار طلاب الثانوية العامة، إذ انتحر أمس طالب بالصف الثالث الثانوي العام في محافظة الدقهلية بتناول قرص سام، بسبب خوفه من الامتحانات، جرى نقله إلى مستشفى دكرنس العام، ليلفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله.

فيما توفِّيت طالبة بالثانوية العامة، في محافظة الشرقية، أول من أمس، أثر تناولها جرعة زائدة من أدوية المسكنات، بعد شعورها بألم في البطن، نتيجة التوتر والخوف من الامتحان.

انتحار طلاب الثانوية

وشهد شهر يونيو العام الماضي، انتحار عدد من طلاب الثانوية العامة بمختلف المحافظات، إذ انتحر طالب بالصف الثالث الثانوي بشنق نفسه داخل غرفة نومه قبل بدء الامتحانات بساعات قليلة.

وفي الإسكندرية، أقدمت طالبة بالثانوية العامة على الانتحار، في الثالث من يونيو الجاري، قالت والدتها: “إنها ألقت نفسها من نافذة الشقة بالطابق الخامس، نظرا لضعف مستواها الدراسي”.

وفي 11 يونيو الماضي، أقدم طالب على الانتحار من أعلى برج القاهرة، ليسقط جثة هامدة على أحد الأسطح المجاورة.

وأنهت طالبة بالثانوية العامة حياتها بالدقهلية في 13 يونيو الماضي، بتناولها قرص كيماوي سام، بسبب صعوبة الامتحانات.

كما انتحر طالب بالثانوية العامة بالمنيا، لحصوله على مجموع ضعيف في نتيجة امتحانات الثانوية العامة.

فيما لقي طالب مصرعه بعد أن ألقى بنفسه أمام قطار السكة الحديد بمحطة طما شمال محافظة سوهاج لعدم رضاه عن مجموعه.

لحظة الانتحار

وقال طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية: “إن اللحظة التي يقدم فيها الطالب على الانتحار تعرف بالفوضى العاطفية، وهي حالة نفسية تنتج عن حزن وخوف مفرط ينتاب الطالب من صعوبة الامتحان أو نتيجته”.

وأضاف أبو حسين عن انتحار طلاب الثانوية العامة: “أن الطالب يفعل ذلك ظنّا منه أن العالم قد انتهى بالنسبة له عند هذه اللحظة، لأن الطالب في هذه المرحلة ليس له أي اهتمامات أخرى تدفع للحياة غير التعلم والحصول على أعلى الشهادات العلمية، ويعتقد أنه طالما فشل في التعلم سيفشل في حياته المستقبلية”.

ولفت إلى أنه عندما يقوم بذلك “يظن أن العالم كله يراه وأن أحدا سيتدخل لمنعه من الانتحار”.

أسباب

وقال وليد نادي، باحث بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، مدير الأكاديمية المصرية للتربية الخاصة: إن ظاهرة انتحار طلاب الثانوية العامة ترجع إلى مجموعة من العوامل والأسباب المحددة بعينها، أهمها عوامل اجتماعية ونفسية، منها:

  • ضعف الوازع الديني، وقلة الثقافة الدينية لدى الكثير من الطلاب.
  • الخلافات والمشكلات والنزاعات داخل الأسرة.
  • بعض الأمراض والاضطرابات النفسية التي يُصاب بها بعض الطلاب، كالاكتئاب والوسواس القهري.
  • وضع توقعات مبالغ فيها على الأبناء قد لا تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم.
  • الترقب والتوتر والخوف من رد فعل الآباء، وتقييمهم لمستوى الطالب الدراسي.
  • أسلوب خاطئ في التقويم، والتربية، والحث على المذاكرة.
  • العقاب البدني والتعذيب والعنف في تربية الأبناء.

ولفت الباحث إلى أن الانتحار ليس ببعيد حتى للمتفوقين دراسيا وعقليا، إذ يلجأ بعضهم للانتحار نتيجة لمرورهم ببعض الإخفاقات، وذلك لتفوقهم الدائم، وعدم اعتيادهم على الفشل والإخفاق.

وعلى الصعيد، يستنكر محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، بشدة فكرة تقسيم الكليات لطلاب الثانوية العامة لكليات قمة وكليات قاع، مؤكدا أن هذه التفرقة تعد تفرقة عنصرية ساهمت بشكل كبير في تكرار ظاهرة انتحار طلاب الثانوية العامة، إذ يرى الطالب أن عدم دخوله كلية القمة هو الفشل الذريع في الحياة.

وبدورها ترى بثينة عبدالرءوف، الخبيرة التربوية، أن ظاهرة انتحار طلاب الثانوية العامة لم تحدث إلا في مصر فقط، خلاف بقية دول العالم التي تنتهي من مرحلة الثانوية دون أي أزمات، مؤكدة أن هذا يرجع لوجود خطأ في الفكر المجتمعي تجاه العملية التعليمية.

نصائح وتوصيات

وأوصى علماء النفس باتباع عدة نصائح لتجنب التفكير في الانتحار، ومن ثَمّ القضاء على ظاهرة انتحار طلاب الثانوية العامة، فمن جهته قال جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة: إنه لا بد أن يحرص كل من الآباء والطلاب على الآتي:

  • التواصل الدائم بين الأسر وأولادهم، وبخاصة خلال فترة ما قبل الامتحانات مباشرة، والتحفيز الدائم لهم.
  • محاولة الأسر رسم الطموح على مقدرة إمكانية أبنائهم.
  • على الطالب تجنب مراجعة المادة التي تنتهي.
  • تجنب الأسر تدخّل الطالب في المشكلات الأسرية، وتوفير الهدوء اللازم.

فيما طالب أبو حسين الآباء والأمهات بتخفيف الضغط النفسي على أبنائهم، وعدم ترهيبهم بالعقاب الشديد حال فشلهم في الامتحانات أو عدم الحصول علي الدرجات العليا.

وأضافت بثينة عبد الرءوف إلى ما سبق: أنه لا بد من وضع نظم أخرى للطلاب لتحصيل الدرجات بخلاف الدراسة والحفظ عام كامل، ثم امتحان مدته ساعتين أو ثلاثة، منها الأنشطة الطلابية، وورش العمل، حتي يُجرى تأهيل الطالب بناحية نفسية جيدة تبعده عن الشد العصبي والبعد التوتر المستمر.

وتقترح الخبيرة وضع شروط أخرى للالتحاق بالكليات تعتمد على ميول ومهارات الطالب وليس فقط درجاته.

رهف عادل

شاهد المزيد

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *