“موسم فتاوى رمضان” هكذا يمكن أن يطلق على شهر رمضان في مصر، ففي كل عام خلال رمضان تُثار موجة من الخلاف بشأن العديد من القضايا الشرعية التي فيها اجتهاد العلماء.
وانتشرت العديد من فتاوى رمضان التي أثارت جدلا واسعا على منصات الإعلام، لما كان فيها من غرابة تخص الصيام وكيفيته، وكذلك الاحتفال بشهر رمضان، من بينها استخدام الشطاف في نهار رمضان، وشرب الماء في رمضان، وكذلك توقيت الأذان في مصر غير صحيح.
فتاوى رمضان
وكشف المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، تصدر مصر مؤشر فتاوى رمضان على المستوى العالمي بنسبة 35%، وأن الفتاوى الخاصة بشهر رمضان تُمثّل 20% من جملة الفتاوى الصادرة عالميّا.
وأكد المؤشر العالمي للفتوى أن المؤسسات والهيئات الدينية الرسمية تسيطر على المشهد الإفتائي في الشهر الفضيل بنسبة 60%، مقابل 40% للفتاوى غير الرسمية، التي تمثلت غالبيتها في شخصيات ومواقع إلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وأضاف مؤشر الإفتاء، أن مصر تصدرت كافة دول العالم من حيث عدد الفتاوى الخاصة بشهر رمضان بنسبة 35%، مبررا ذلك برفع درجات الاستعداد القصوى من جانب المؤسسات والهيئات الدينية الرسمية المصرية، فضلا عن تعدد المصادر الإعلامية الناقلة للفتاوى من صحف ومجلات ومواقع وإذاعة وتلفزيون وشبكات اجتماعية.
وأوضح المؤشر العالمي، أن فتاوى رمضان بدول الخليج العربي جاءت في المرتبة الثانية بنسبة 30%، واستحوذت فتاوى المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر على أكثر من 70% من إجمالي هذه الفتاوى.
الفتاوى الأكثر تداولا
وأوضح المؤشر العالمي للفتوى أن الحكم الشرعي “جائز” تصدّر جملة الأحكام الشرعية بنسبة “30%”، كما أبرز المؤشر بعض فتاوى الحكم المذكور، التي منها: “تبييت النية من أول ليلة في رمضان”، “تعجيل إخراج زكاة الفطر”، “صلاة التراويح في المنزل”، “القُبلة بين الزوجين دون شهوة”، “زينة رمضان”، “القراءة من المصحف أثناء صلاة التراويح”.
ولفت المؤشر إلى الحكم “غير جائز” جاء بنسبة “25%”، واستحوذت فتاوى رمضان الخاصة بالمرأة على (70%) منه، وتوزعت النسبة الباقية “30%” على مستجدات في الصيام مثل: “فتاوى إفطار ذوي الأعمال الشاقة والطلاب”، و”صيام يوم احتياطي لإتمام رمضان”، و”استخدام السواك المنقوع في محاليل غير طبيعية أثناء الصيام”، و”صيام يوم الشك”، و”استخدام بخاخة الربو”.
وجاء الحكم الشرعي “واجب” بنسبة “20%”، ومن فتاوى هذا الحكم: “تبييت نية الصيام في رمضان كل ليلة”، و”صلاة الجمعة يوم العيد”، فيما حملت بعض الفتاوى أكثر من حكم شرعي، ولكل دليله الشرعي أو النقلي.
أما الحكم الشرعي (حرام) فجاء في المرتبة الرابعة بنسبة “15”، مثل: “احتكار السلع خلال شهر رمضان”، “الإفطار عمدا قبل أذان المغرب”، “المجاهرة بالفطر في رمضان”، “العمل في مطعم يقدّم لحم الخنزير والخمر في رمضان أو غيره”، “دفع زكاة الفطر للجماعات الإسلامية”.. إلخ.
وجاء الحكمان (مكروه) و(مستحب) في المرتبة الأخيرة بنسبة (5%) لكل منهما، ومن فتاوى الحكم الأول: “مشاهدة المسلسلات وسماع الأغاني”، “صيام آخر يومين من شعبان”، “الغيبة والنميمة”، “كثرة النوم في نهار رمضان”، و”مراسلة الرجل للأجنبية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي للدردشة”.
ومن فتاوى الحكم الأخير (مستحب): “صلاة التراويح عشرون ركعة”، “تأخير السحور وتبكير الإفطار”، “مساعدة الرجل لزوجته في المنزل”، “إحياء ليلة العيد”.
قضايا تتجدّد كل موسم
وألقى المؤشر العالمي للفتوى الضوء على بعض القضايا الإفتائية المتجددة كل عام، التي تُحدث فتاواها سجالا بين العامة على مستوى العالم، وكان أهم تلك القضايا ما يلي:
القضية الأولى: مقدار زكاة الفطر التي تثير خلافا كل عام في رمضان، وخروجها حبوبا من غالب قوت البلد أو مقدارها نقدا، أي: مالا.
القضية الثانية: توقيت أذان الفجر، الذي يتسبب في أزمة إفتائية بين بعض السلفيين وغيرهم، فعلى سبيل المثال أفتى عدد من شيوخ السلفية في مصر بأن توقيت صلاة الفجر ليس صحيحا، ولا بد من تأخيره لفترة معينة من الزمن، غير أن هيئة المساحة، بجانب اللجنة الدينية بالبرلمان، خرجت لتؤكد خطأ ما ذهب إليه شيوخ السلفية.
القضية الثالثة: الإفطار خلال أيام الامتحانات، خاصة وأن شهر رمضان يتزامن خلال الفترة الأخيرة مع موسم الامتحانات، وقد أفتت بعض المؤسسات الرسمية بجواز إفطار المتضررين من الصيام خلال أيام الامتحانات.
فتاوى غريبة
ومؤخرا أُثيرت فتاوى لبعض الجماعات المتشددة، من بينها تحريم “إمساكية رمضان التقويمية”، وتحجج مفتوها بأنها بدعة، بجانب تحريم الزينة وفوانيس رمضان كونها “بدعة لا أصل لها في الإسلام، ولا يجب السير وراءها”، ووصفت الإفتاء الفتوى بأنها تحرم “ما يدعو إلى البهجة والفرح”.
وأثارت فتوى استخدام الشطاف في نهار رمضان، حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أوضحت دار الإفتاء في إجابتها عن سؤال: “هل دخول الماء أثناء الاستنجاء في الدبر يفسد الصوم؟” أن بعض العلماء قال يفسد الصيام، وبعضهم خالف ذلك، وقال: لا يفسد.
كما أثار منشور على الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية، حالة من الجدل بين متابعي الصفحة، بعد ما تناول المنشور فتوى مصورة، حدد فيها أشخاص لا يجب أن تحرمهم كرمك.
وحددت دار الإفتاء المصرية، أربعة لا يجب أن يحرمهم المرء كرمه، ووضعت في المرتبة الأولى الزوحة، والثانية الأبناء، والثالثة الأرحام، والرابعة الأصدقاء.
وهاجم العديد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي فتوى دار الإفتاء، إذ قالوا: “إن الأم يجب أن تكون دائما في المرتبة الأولى قبل الزوجة وحتى الأبناء”.
وأمام كثرة تداول الفتاوى تصاعدت المطالب بسرعة إصدار قانون تنظيم الفتوى العامة، المعروض أمام اللجنة الدينية بمجلس النواب، بعد ما شهدت الساحة الإعلامية فتاوى مثيرة للجدل، رغم وجود قوائم ظهور إعلامي مؤقتة أصدرتها المؤسسات الدينية لصالح الهيئة العامة للإعلام، لكنّها لم تُفعّل بسبب تعطيل القانون.
أضف تعليق