أسئلة فقهية شائعة تتردد على ألسنة الناس مع حلول شهر رمضان، و”فتاوى رمضانية” يصدرها علماء الأزهر الشريف ودار الإفتاء للإجابة على التساؤلات ودلالة الحائرين إلى الصواب، مما يساعدهم على استقامة أمور عبادتهم في هذا الشهر الكريم.
وترد إلى دار الإفتاء المصرية فتاوى رمضانية وتساؤلات حول أوضاع الطلاب حاليا في رمضان، خصوصا مع قدوم الامتحانات وتزامنها مع طول ساعات الصيام في الشهر الكريم.
وفي ذلك يجيب الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، عن السؤال: هل يجوز للطلاب الذين يؤدون امتحاناتهم هذه الأيام الإفطار في ظل ظروف الصيام وارتفاع درجة الحرارة؟
فتاوى رمضانية
وفي إجابته على السؤال، قال مفتي الجمهورية: صيام رمضان واجب على كل مسلم مكلَّف صحيح مقيم، والواجبات الشرعية منوطة بالقدرة والاستطاعة، فإذا عجز المكلف عن الصوم أو لحقَتْه منه مشقة لا قدرة له على تحملها، جاز له الإفطار شرعًا، لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
وبشأن الطلاب، أضاف مفتي الجمهورية: “الطلاب الذين يتضررون بالصوم تضررا يقطعهم عن مواصلة مسيرتهم الدراسية، أو يُضعف مستواهم فيها، بالتأثير السلبي على مذاكرتهم واستيعابهم وتركيزهم وأدائهم في الامتحانات”.
وتابع “علام”: “فإن النظم التعليمية تُقيِّد منتسبيها وطلابها بمُدد دراسية معينة، وتلزمهم بأداء الامتحانات في أوقات محددة، فإذا تخلفوا عنها أو رسبوا فيها تضرروا بضياع سنواتهم الدراسية، وإذا تشتت تركيزهم وضعف استيعابهم كان لذلك أثره السلبي على أدائهم ونتائجهم في الامتحانات، وعاد على مستوياتهم العلمية بالضعف”.
فتوى ضرورة
وبناء على ذلك فإنه يجوز للطلاب المكلفين الإفطار في شهر رمضان، إذا كانوا يتضررون بالصوم فيه، أو يغلب على ظنهم ذلك، بالرسوب أو ضعف المستوى الدراسي، ولم يكن لهم بد من الاستمرار في الدراسة أو المذاكرة أو أداء الامتحان في رمضان، وعليهم قضاء ما أفطروه بعد رمضان عند زوال العذر.
ونبّه مفتي الجمهورية إلى أن هذه الفتوى إنما هي “فتوى ضرورة”، والضرورة تقدَّر بقدرها، فالعمل بها مشروط بشروط لا بد من توافرها وإلا وجب الصوم وحرم الإفطار، فهي مشروطة بعدة شروط:
- أولا: بكون الطالب يتضرر بالصوم في رمضان تضررا حقيقيا لا موهوما.
- ثانيا: بأن يغلب على الظن الرسوب أو ضعف النتيجة وتدهور المستوى.
- ثالثا: بكون المذاكرة مضطرا إليها في شهر رمضان ولا يمكن تأجيلها.
- رابعا: بأن لا يتجاوز الطالب في الإفطار أيام الاحتياج والضرورة للمذاكرة أو الامتحانات إلى غيرها. والله أعلم.
إفطار المسافر
وورد كذلك سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “هل يُرَخَّصُ الفطر لمن يداوم على السفر نظرا لطبيعة عمله؟”.
وفي جوابها، قالت دار الإفتاء: “إنه يجوز للصائم المسافر أن يفطر متى كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين وتُقَدَّران بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترا ونصف الكيلومتر، بشرط ألا يكون سفره هذا بغرض المعصية”.
واستشهدت الإفتاء بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
صوم تارك الصلاة
وردا على سؤال شائع من ضمن فتاوى رمضانية متعلق بصحة الصيام في شهر رمضان، وهل يصح الصيام بدون صلاة؟ أو هل يصح صوم تارك الصلاة؟ أوضحت دار الإفتاء صحة صيام المسلمين الذين لا يصلون في فترة الصيام.
وقالت الإفتاء في ردها على التساؤل: إن كل عبادة من هذه العبادات المفروضة لها أركانها وشروطها الخاصة بها، ولا تَعَلُّق لهذه الأركان والشروط بأداء العبادات الأخرى، فإن أدَّاها المسلم على الوجه الصحيح مع تركه لغيرها من العبادات فقد أجزأه ذلك وبرئت ذمتُه من جهتـها، ولكنه يأثم لتركه أداء العبـادات الأخرى.
وعلى ذلك وفقا للفتوى الصادرة عن دار الإفتاء: “أن من صـام وهو لا يصلي فصومه صحيح غير فاسد، لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثمٌ شرعا من جهة تركه للصلاة ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، أما مسألة الأجر فموكولة إلى الله تعالى، غير أن الصائم المُصَلِّى أرجى ثوابا وأجرا وقبولا ممن لا يصلي.
مركز الأزهر
من جانبه قال مركز الأزهر للفتوى، ردا على فتاوى رمضانية وهل يصح صيام تارك الصلاة؟ إن من صام وهو لا يصلي فإن صومه صحيح يسقط عنه الفرض؛ لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثم شرعا من جهة تركه للصلاة ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى.
بينما بين الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، فى فتوى له، أن الإسلام دين كامل ومتكامل تَشُدُّ أركانه بعضُها بعضا، فلا يليق بالمسلم الذي يخشى الله ويتقيه أن يأتي ببعض الأركان ويترك البعض الآخر، ومن يصوم ولا يصلي يكون قد أقام ركنا من أركان الإسلام وهدم ركنا آخر، فهو كمَن آمن ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر، وهؤلاء توعدهم الله بأشد العذاب يوم القيامة.
أضف تعليق